الأحد، 18 ديسمبر 2016

مقابلة لي في جريدة القدس العربي


جريدة القدس العربي
الباحث مُحَمَّد العَرَشي: تحقيق المخطوطات يحتاج لنُقاد متخصصين
يُنجز موسوعة ثقافية يمنية عن المكان

صنعاء ـ «القدس العربي» من أحمد الأغبري: يُعدّ الكاتب والباحث اليمني مُحَمّد بن مُحَمّد العَرَشي (1947) من أبرز المُشتغلين في مجال التُراث تحقيقاً وبحثا. فقد اشتهر في تحقيق عددٍ من نوادر المخطوطات، فضلاً عن تجربته في البحث والكتابة في التراث المكاني لبلاده؛ وله في هذا مشروع متمثل في موسوعة ثقافية مكانية في أكثر من عشرين كتاباً.
هنا حوار معه
تحقيق المخطوطات مهمة صعبة هدفها بسط حقيقة المخطوط من خلال اعتماد منهجية والتزام معايير، كيف امتلكت ذاتياً معارف ومهارات هذا المجال؟
اعتمدتُ على تجربة ذاتية من خلال معرفة وثقافة وخبرة عملية اكتسبتها خلال دراستي لكثير من المخطوطات التي حُققتْ. كنتُ أقرأ وأتمعن في المعايير والمنهجيات واستنتجُ منها، وهو ما مكنني من المعرفة والمهارة، التي بدورها سلحتني، خلال سنوات، بمعرفة ومهارة أخذتْ تتطور من تجربة إلى أخرى مستفيداً من قدرات وتجارب مختلفة.
تحقيق كتاب «الإعلان» كان امتحاناً عسيراً صقل تجربتي ومثّل تحدٍيا كبيرا، حيث توليتُ تحقيقه ومعي اثنان من الباحثين هما علي صالح الجمرة وعبد الخالق المغربي، وبدأنا نشتغل على المخطوطة التي تمثلُ تحفة في غاية الأهمية؛ لأنها كتاباً عظيماً تناول فيه المؤلف عشرة علوم.
كتاب بهذا المستوى يحتاج إلى جهد شاق؛ لأن محتواه منسوج نسجا. وقد واجهتنا مشاكل كثيرة منها مشكلة الحصول على نُسخ أخرى للمخطوطة. تجاوزنا الكثير من العقبات واستطعنا بعد خمس سنوات إنجاز التحقيق مُقدّمين، من خلاله أيضاً، اليمن في سياق استعراض لأبرز عباقرة وعلماء هذا البلد خلال 14 قرناً وإنجاز ترجمة وافية للمؤلف الذي كان قبل تحقيق هذه المخطوطة مغموراً، وهي التجربة التي توالتْ في تحقيق العديد من نوادر المخطوطات بما فيها كتاب «برهان البرهان» وكتاب «بلوغ المرام» وغيرها.
كيف تنظر لمشكلة الطباعة والنشر بعد التحقيق لكُتب حجمها كبير ولا تهتم بها دور النشر؟
في معظم الكتب التي حققتها كانت مشكلة الطباعة عسيرة، دور النشر لا تشجع كُتب التراث ولا تبدي اهتماماً بها، خاصة عندما تكون من الحجم الكبير. لهذا فقد واجهتُ، أيضاً، مشكلة في توزيعها باستثناء الكتب التي طبعتها وزارة الثقافة والهيئة اليمنية للكتاب.
ماذا نحتاج عربياً للوصول إلى مستوى نوعي في مجال المخطوطات، الذي يعاني كثيراً من الإشكاليات؟
نحتاجُ إلى بيئة علمية ووعي لدى المجتمع، خاصة من يمتلكون مكتبات شخصية للمخطوطات. نحتاجُ إلى مُحققٍ محترف مؤمنٍ برسالته في خدمة العلم والمعرفة، مُصرّ على تجاوز المعوقات وعدم الاستسلام للمشاكل.
كما يحتاج تحقيق المخطوطات إلى نقد ونُقاد متخصصين فاحصين. من خلال تحقيق المخطوطات استطاع الأوروبيون والمستشرقون اكتشاف حضارة وثقافة وهوية الآخر، ومن خلالها يُعيد المجتمع اكتشاف ثقافته وهويته ومعرفة مدى إسهامه في الحضارة الإنسانية والنهضة العلمية؛ لأن تحقيق المخطوطات يُحدث حراكاً علمياً كبيراً تتجلى فيه المراحل المضيئة للإنسان في الماضي بما ينير درب سيرنا في الحاضر نحو المستقبل. ما يُعيب واقعنا اليوم، خاصة في اليمن، أن كثيراً من مراكز المخطوطات، بما فيها التابعة لوزارة الثقافة، تهتمُ بجمع وصيانة وتوثيق المخطوطات، وهذا جميل، لكن الأجمل هو تحقيقها وإتاحتها للدارسين والمهتمين من خلال برامج ومشاريع مؤسسية تضمن استمرار التحقيق وفق رؤية واعية.
ثمة تحقيقات متعددة لمخطوط واحد، ما جدوى تحقيق ما سبق تحقيقه؟
نعم هناك تحقيقات تتكرر، لكن كل تحقيق له أسلوبه ونسيجه، وأحياناً قد تكون العبقرية في الأسلوب. واعتقد أنه، في الغالب، لا يخلو كل تحقيق من اختلاف وإضافة.
بجانب جهدك في تحقيق كُتب التراث نراك لم تتوقف عن الكتابة الصحافية في تراث المدن الثانوية في اليمن. ما خلفية هذا المشروع وإلى أين تمضي؟
لاحظتُ أن الناس انشغلوا بالسياسة وشغلتهم الهموم اليومية عن الالتفات لتراثهم وثرواتهم الثقافية، لدرجة أنهم لم يعودوا يهتمون أو يدركون حقيقة ما بين ظهرانيهم من تراث وثروات ثقافية؛ فتركوه عُرضة للخراب والإهمال، بما في ذلك وسائل الإعلام التي لم تعد تهتم بهذا الجانب؛ ونتيجة لذلك تبلور لديّ مشروع في البحث والكتابة في هذه الثروة، خاصة ثروة المكان الثقافية مُركّزاً على المدن الثانوية باعتبارها مُغيّبة ومهملة وبعـــــيدة عن الأضــــواء؛ فبدأتُ أكتبُ عن هذه الثروات وأنشر كتابــــاتي في الصحف منذ عام 2004، وهو ما لقي اهتماماً من قبل كُتاب كبار منهم الشاعر عبدالعزيز المقالح، فشـــجعوني على جمعها وإعادة نشرها في كُتب، وهو ما تبلور لاحقاً في موسوعة ثقافية سياحية لليمن أنجزتُ منها حتى الآن أكثر من عشرة أجزاء، وخصصتُ لكل محافظة في اليمن كتابا ضمن الموسوعة.
لكن كــيف تكـــتبَ عن مُدن كثيــــرة وأنـــتَ لم تــــــزرها؟
انا زرتُ كثيراً منها بحكم عملي وكيلاً لوزارة المواصلات لمدة 19 سنة، كما اعتمدُ على كثير من المراجع والمصادر بمن فيهم أبناء المدن أنفسهم.
ثمة انتقادات كثيرة توجه لكُتب التراث لدرجة يذهب بعض المنتقدين إلى المطالبة بتنقيتها مما يرونه شوائب تقف وراء كثير من الإشكالات الراهنة؟
هذه الدعوة ليست منطقية، التراث ابن بيئته ويأتي نتاج ثقافة وعقلية وبيئة المؤلف، وبالتالي لا نستطيع أن نُحّمل كُتب التراث أي مسؤولية. وإذا أردنا أن ننتقد أي كتاب في التراث فننتقده بكتابٍ آخر.


الأحد، 4 سبتمبر 2016

مديرية بلاد الطعام

بسم الله الرحمن الرحيم

الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة ريمة

مديرية بلاد الطعاماليمن موحدٌ بطبيعته الجغرافية وتضاريسه

إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم... يسرني أن أقدم لك في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء، الثروات والكنوز الحضارية في محافظة ريمة الحلقة الثالثة (مديرية بلاد الطعام)، والتي تشتهر بزراعة الطعام من الذرة بأنواعها المختلفة، وبما أن الأمن الغذائي كان الهاجس الأول للمجتمع اليمني؛ فإن محافظة ريمة قد اشتهرت بكثرة مزروعاتها ومحاصيلها الزراعية من الذرة والبن والفواكه مثل المانجو والموز وغيرها..
ومن هنا أخي القارئ الكريم فإن مديرية بلاد الطعام تشكل ترابطاً جغرافياً بين كلٍ من محافظة صنعاء ومحافظة الحديدة، وتكاد ثرواتها وخيراتها وكنوزها الحضارية تشكل لوحة واحدة تقول أن اليمن واحد بطبيعته، إضافةً إلى ترابط محافظة الحديدة مع محافظة تعز مع محافظة عدن، ويكاد سكانها ينطقون بصوتٍ عالٍ لن يفرقنا أي عدوان، ونقول للعالم اقراءوا التاريخ وسيقول لكم أن اليمن موحد بجباله ووديانه، حتى أن مسميات قراه وعزله نجدها مكررة في الغالب في كل محافظات اليمن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، كما أن التركيبة السكانية بين جميع اليمنيين واحدة من قبل الإسلام إلى عصرنا الحاضر حتى وإن امتزجت ببعض الجنسيات الأجنبية في المجتمع فإنها تذوب وتتماهى في هذا المجتمع اليمني الواحد..
وقد عودتك أخي القارئ الكريم أن أعطيك ترجمة عن شخصية علمية أو أدبية أو فقهية من أعلام المديرية، وعلمنا اليوم هو الفقيه أبوبكر بن عبدالله الريمي، المتوفى عام (680هـ/ 218م)..والهدف من ذلك ليستطيع القراء ولاسيما أبنائي من الشباب أن يتعرفوا على الكثير من الهامات العلمية والفكرية من أعلام اليمن على مر العصور..
مديرية بلاد الطعام
إحدى مديريات محافظة ريمة، تقع في الشمال الغربي من محافظة ريمة. يحدها من الشمال محافظة صنعاء (مديرية مناخة)، ومحافظة الحديدة (مديريتا: الحجيلة وبرع)، ومن الجنوب مديرية الجبين، ومن الشرق مديرية السلفية وكذلك مديريتا: الحيمة الخارجية ومناخة محافظة صنعاء، ومن الغرب مديريتا السخنة وبرع محافظة الحديدة. ومركز المديرية هي مدينة المغربة.
تبلغ مساحة المديرية (422كم2). وبلغ عدد سكان مديرية بلاد الطعام (31.029)نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
ويقال أنها سميت بهذه التسمية لكثرة زراعة أراضيها للذرة الحمراء والبيضاء، والتي يطلق على هذا النوعين من الذرة في ريمة لدى المزارعين اسم (الطعام الحمراء) و (الطعام البيضاء)، والمديرية مشهورة بكثرة زراعة هذا النوع من الحبوب.
تتكون مديرية بلاد الطعام من (82)قرية تشكل (14)عزلة هي:  (بني أعسر، بني حسن، بني خولي، بني شرعب، بني عبدالكريم، بني عمر، بني نديب، بني وقير، التالفة، جداجد، ذرحان، العر، العساكرة، المسخن)، نورد بعض المعلومات عن هذه العزل:
- بني أعسر: مركز  إداري من مديرية بلاد الطعام في ريمة، من قره: الدنفه، المقرن، الشرف وغيرها.  تقع العزلة في (وسط الجهة الشرقية) من المديرية ويحدها عزلة جداجد شرقاً، ومديرية الجبين جنوباً، وعزلتا بني عبدالكريم وبني عمر غربا وعزلة بني خولي شمالاً).
- بني حسن: تقع في (الجنوب الغربي) من المديرية، تحدها عزلة ذرحان من الشرق وعزلة بني بالحوت "مديرية الجبين" من الجنوب الشرقي، وعزلة الحديدية "مديرية الجبين" من الجنوب، ومديرية السخنة "محافظة الحديدة" من الغرب، وعزلة العساكرة من الشمال الغربي، وعزلة بني وقيد من الشمال الشرقي).
- بني خولي: بضم الخاء؛ بطن من حمير، به سُميت مزارع وجبال في ريمة والعدين. وعزلة (بني خولي) إحدى عزل مديرية (بلاد الطعام) وتقع في (الشرق) من المديرية وتحدها من الشرق مديرية مناخة "م/صنعاء" ومن الجنوب والجنوب الغربي عزلة جداجد وعزلة بني أعسر وعزلة بني عمر وعزلة بني شرعب، ومن الغرب مديرية برع "م/الحديدة"، ومن الشمال مديرية الحجيلة "م/الحديدة").
- بني شرعب: إحدى عزل مديرية (بلاد الطعام)،وتقع في (الشمال) من المديرية وتحدها عزلة بني خولي وعزلة بني عمر وعزلة المسخن من الشمال والشمال الشرقي ومن الشرق والشرق الجنوبي، وتحدها عزلة بني وقيد من الجنوب، وعزل العساكرة وبني نديب والعر والتالقة تحدها من الغرب والشمال الغربي).
-  بني عبدالكريم: إحدى عزل مديرية (بلاد الطعام) تقع في (الشرق) من المديرية،تحدها من الشرق بني أعسر ومن الجنوب بني الضبيبي  ومن الجنوب الغربي عزلة ذرحان ومن الغرب المسخن ومن الشمال بني عمر).
- بني عمر: إحدى عزل مديرية "بلاد الطعام" وتقع في (الشمال) من المديرية وتحدها من الشمال الشرقي عزلة بني خولي ومن الشرق عزلة بني أعسر ومن الجنوب عزلة بني عبدالكريم ومن الغرب عزلة المسخن ومن الشمال الغربي عزلة بني شرعب).
- بني نديب: مركز مديرية بلاد الطعام. وهي في منطقة جبلية بها عدد من الحصون والقلاع القديمة. كما تضم قرية "المراوح" وقرية "الماجل" و "المغربه".  
- بني وقيد: بفتح فكسر فسكون. مركز إداري من مديرية بلاد الطعام في ريمه. يقع في منطقة تشتهر بزراعة البن والحبوب والمنجه والموز. كما يعمل الزراع في تربية المواشي.  
- التالقة: مركز إداري من مديرية بلاد الطعام في ريمه، يشمل مجموعة قرى منها: الزريعي، المرخام، العرش، الجربه، الشرف، وغيرها. وتقع في (الشمال الغربي) من المديرية، وتشكل عزلة التالقة في الخريطة مثلثاً قاعدته تشكل الحدود مع برع في الشمال الغربي وساقه الجنوبي الشرقي مع عزلة بني شرعب وساقه الجنوبي الغربي مع عزلة العر.
- جداجد: إحدى عزل مديرية بلاد الطعام في ريمه، من محلاته: البطاح والصرم والجبل. يشتمل على حصون وقلاع أثرية كما تنتشر في عوارض الجبل المدرجات الزراعية التي تزرع الحبوب. وتقع جداجد في (الركن الجنوبي الشرقي) من المديرية ويحدها من الشمال مديرية مناخة "محافظة صنعاء"، ومن الشمال الشرقي مديرية الحيمة الخارجية "محافظة صنعاء"، ومن الجنوب الشرقي عزلة جعيرة مديرية السلفية، ومن الجنوب عزلة بني الضبيبي مديرية الجبين، ومن الغرب عزلة بني أعسر، ومن الشمال الغربي عزلة بني خولي).
- العر: إحدى عزل مديرية (بلاد الطعام) ويحدها من الشمال عزلة التالقة، ومن الشرق عزلة بني شرعب وعزلة بني نديب، ومن الجنوب عزلة العساكرة، ومن الغرب مديرية برع "محافظةالحديدة").
- العساكرة: مركز إداري في ريمة من مديرية (بلاد الطعام). تقع في (الغرب) من المديرية ويحدها من الشمال العر وبني نديب، ومن الشرق بني شرعب وبني نديب، ومن الجنوب بني حسن، ومن الغرب مديريتا السخنة وبرع "محافظة الحديدة").
- المسخن: بفتح فسكون ففتح. مركز إداري من مديرية بلاد الطعام من أعمال ريمة. يضم مجموعة قرى منها: المطيب، جبال الحسوه، الكداري، الحله، سبأ، حبيل الظاهر، وغير ذلك. ويحدها من الشمال والغرب عزلة بني شرعب، ومن الشرق عزلتا بني عمر وبني عبدالكريم، ومن الجنوب عزلتا ذرحان وبني وقيد).
وتعتبر مديرية بلاد الطعام من المديريات التي تشتهر بالزراعة حيث يعمل غالبية السكان في مهنة الزراعة ويقومون بزراعة أنواع مختلفة من الحبوب والخضروات والفواكه وكذا زراعة البن. كما يعمل الكثير من سكان المديرية في الحرف والمشغولات اليدوية التي تعتبر أحد مصادر رزق للعديد من الأسر فيها.
ويعتبر وادي الكداري أغنى وأخصب وديان المديرية ومياهه جارية طوال العام. واشتهرت بعض عزل مديرية بلاد الطعام بالعديد من الصناعات الحرفية كصناعة الملابس في قرية رضوة والأواني الفخارية في بني وقيد وفي وادي السوق وصناعة الحصير والسلال والأطباق من سعف النخيل في كل من بني حسن وقرية العرب في العساكرة. وللمديرية سوقان أسبوعيان هما سوق كدفان – يوم السبت – وسوق المعشور – سوم الأحد. وكان سوق كدفان الذي يقع في عزلة عبدالكريم من الأسواق الأسبوعية الهامة في منطقة ريمة.
من أهم المعالم الحضارية والتاريخية في مديرية بلاد الطعام
مديرية بلاد الطعام يوجد فيها العديد من المعالم الأثرية والتاريخية، والتي اندثر بعضاً منها وبعضاً منها لا زال قائماً، ومن المعالم التاريخية القائمة في المديرية: مسجد الحضن في ذرحان، ومسجد الحجير في بني وقيد. ومن أهم وأشهر الحصون والقلاع الأثرية في المديرية حصن المنامة في بني خولي، وحصن الطاعة في بني شرعب، وقلعة المصنعة وقلعة الزبرة في بني نديب، وبقايا حصن جب الجاهلي وفيه بعض البرك والمدافن وأساسات لمبانٍ ترجع إلى ما قبل العصر الإسلامي.
ونورد هنا بعض المعالم التاريخية والحضارية في المديرية، ومنها:
-جامع خرشبة الأثري: الذي يمتاز بالزخارف والنقوش الكتابية والهندسية الملونة التي تزين السقف والمحراب في بيت الصلاة، وقد ورد تاريخ بنائه في عبارة الفضل لله بنى مسجداً وسمسرة الحجير وقبة وضريح الشيخ شجاع الدين في العساكرة، وكان السكان وحتى قبل عشرين عاماً تقريباً يقومون بزيارة هذا الضريح.
-جامع القزعة: يعود بناؤه إلى القرن العاشر الهجري934هـ مشيد بأحجار الحبش، بابه وسقفه من الخشب العتيق، ارتفاعه يقدر ما بين خمسة إلى ستة أمتار، وطوله خمسة أمتار، وعرضه ما بين4 -4،5 متر، وبجانبه بركة للوضوء، وسقفه مزخرف بمصندقات خشبية مزدانة بزخارف نباتية وزخارف هندسية مرسومة بألوان عديدة، ومزين بزخارف أشرطة كتابة تتضمن آيات قرآنية وأدعية وأحاديث، وتذكر بعض المراجع أنه لا زال قائماً.
- جامع قرية المرواح: يعود بنائه إلى القرن الحادي عشر الهجري 1089هـ طوله7م وعرضه 5م وارتفاع 4م، والمبنى مبني بأحجار الحبش، وسقفه من الخشب العتيق، به مصندقات خشبية مزخرفة مزدانة بعدة زخارف، كما يحتوي على أشرطة كتابية تشتمل على بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدعية، وفيه غرفة تستخدم لتحفيظ القرآن الكريم وعلومه، كما توجد في الجامع بركتان إحداهما للوضوء والأخرى للشرب، ولا يزال محافظاً على بنائه القديم.
-كهف عزلة المسخن: يقع على قمة جبل عزلة المسخن، يوجد فيه كتابات بلغة يمنية قديمة، ووجد به بقايا عظام سبعة أشخاص تبدو هيئتهم كأنهم قبروا منذ عصور قديمة.
-قرية الثوري: وهي عبارة عن بقايا أساسات لبنايات قديمة تهدمت، وقد عثر على حجر عليها كتابات بلغة يمنية قديمة، وبها مدفنان، واليها يأتي العديد من السياح الأجانب.
-قرية المكتوب: وتقع في عزلة الجداجد بمديرية بلاد الطعام ويوجد فيها صخرة كبيرة يزيد ارتفاعها عن خمسة أمتار وعرضها عن ستة أمتار عليها كتابات بلغة يمنية قديمة وتقع هذه الصخرة في واد منبسط وفي قمة الجبل بقايا أساسات لقرية قديمة.
-حصن دجرة: تحتوي عزلة بني عمر على مخزون من الأثار القديمة المهمة يحتويها حصن قديم يسمى دجرة، وفي هذا الجبل الكثير من البرك ومخازن الحبوب وخزانات المياه وغيرها من الأثار التي بحاجة إلى دراسة. ويذكر الأستاذ/ حيدر علي ناجي العزي في إحدى مؤلفاته أنها ربما تكون منطقة (ذي جرة ) التاريخية المشهورة، وأنها ربما تحرفت على الألسنة مع مرور الزمن  فصارت تنطق (دجرة)، وذي جرة هي دولة يمنية قديمة كانت معاصرة لدولة سبأ وذي ريدان وحددت بعض المصادر موقعها في سنحان، لكن وجود هذه القلعة بأثارها وإسمها قد تفتح احتمالات أن تكون دجرة تابعة لها.
من أعلام مديرية بلاد الطعام
-أبوبكر بن عبدالله الريمي: المتوفى عام (680هـ/ 1218م)، هو الفقيه أبوبكر بن عبدالله الريمي، من عزلة ذرحان بمديرية بلاد الطعام إحدى مديريات منطقة ريمة، كان فقيهاً ومدرساً. تفقه عليه جماعة كثيرون كأحمد بن سليمان الحكمي وعمه عيسى وغيرهما، درس في المدرسة التاجية التي لا تزال قائمة حتى اليوم في مدينة زبيد. ولما توفي وخلفه على التدريس بها ولداه الفقيه عبدالله بن أبي بكر والفقيه محمد بن أبي بكر. وكان عبدالله معيداً بها حينما كان والده يدرس بها ثم تخلى عنها لأخيه محمد فأقام بها مدة حتى عزله عنها قاضي زبيد موسى بن أيمن وعين بدلاً عنه محمد بن أبي بكر الناشري. وينسب بناء مسجد قرية الحصن في ذرحان إلى الفقيه أبي بكر الريمي ولا يزال المسجد قائماً.
من المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (الموسوعة اليمنية)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية/ الشيخ علي بن الحسن الخزرجي/ عني بتصحيحه محمد بن علي الأكوع الحوالي/ مركز الدراسات والبحوث اليمني)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (موسوعة للقلاع والحصون في اليمن "تحت الطبع"/ للأستاذ الباحث أحمد الغراسي)، (إنشاء وتأسيس محافظة ريمة/ تأليف حيدر علي ناجي العزي/ الطبعة الأولى 2011م)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م.أحمد غالب عبدالكريم المصباحي... 

الاثنين، 8 أغسطس 2016

مديرية الجبين

الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة ريمة
مديرية الجبين
موطن الشاعر المرحوم/ محمود حسن محمد الجباري 

إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم... يسرني أن أقدم لك في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء، الثروات والكنوز الحضارية في محافظالحلقة الثانية (مديرية الجبين)، ولا شك أن الجبين هي جبين اليمن، لا سيما أنني ذكرت في الحلقة السابقة أن محافظة ريمة هي موطن الإنسان اليمني الأول كما ذكرت ذلك العديد من الدراسات والبحوث في العالم.
ولقد عودت القارئ الكريم أن أذكر علم
اً من أعلام المديرية، وعلمنا هو الشاعر الكبير المرحوم/ محمود حسن محمد الجباري المولود في مديرية الجبين عام 1920هـ والمتوفى في مدينة صنعاء عام 1993م، ومن محاسن الصدف أنه يتم الاستعداد في صنعاء هذه الأيام للاحتفاء بتوقيع ديوانه الذي يحتوي على أعماله الكاملة كما ذكر لي الأديب الأستاذ/ أحمد المعرسي الذي وافاني مشكوراً بسيرة ذاتية للشاعر المرحوم الجباري، وهو ابن قريته.
ويسرني أن أهدي هذا المقال إلى روح الشاعر الكبير المرحوم/ محمود حسن الجباري بمناسبة توقيع ديوان أعماله الكاملة.
مديرية الجبين
الجبين: بفتح فكسر فسكون. وفي بعض المراجع يقال (الجبي) بدون نون، وهي مديرية في جبال ريمة وهي اليوم عاصمة محافظة ريمة. والجبين إحدى مديريات محافظة ريمة تقع في محافظة ريمة في الجزء الأوسط والغربي منها، يحدها من الشمال مديرية بلاد الطعام، ومن الجنوب مديريات: كسمة، ومزهر، والجعفرية، ومن الشرق مديرية السلفية، ومن الغرب مديريات: المنصورية، بيت الفقيه، السخنة (محافظة الحديدة).
وتعتبر مدينة الجبين هي مركز المديرية، وتبلغ مساحة المديرية 346كم2، وبلغ عدد السكان في هذه المديرية (82.462) نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن عام 2004م.
تضم المديرية (208) قرية تشكل بمجموعها (20) عزلة هي:(بدح: "بفتح الباء والدال. جبل ومركز إداري من مديرية الجبي في ريمة. يرتفع بمسافة (2080م) من سطح البحر."، بني أبو الضيف: "مركز إداري من مديرية الجبين في بلاد ريمة، فيه حصن مشحم وحصن أرومه."، بني بلحوت، بني خطاب، بني الدون، بني شرعب، بني الضبيبي:"مركز إداري من مديرية الجبين في بلاد ريمة. يشمل مجموعة قرى منها: بني عليان الزمح، الرباط، المقصاب، بني الحثيثي، بني هتار، وادي حلمة حصن دنوة، وغيرها. وإليه ينسب النائب أحمد محمد الضبيبي عضو مجلس النواب(1997م) عضو لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان بالمجلس، ومن عزلة الضبيبي زميلنا المرحوم الأستاذ عبدالله غالب الضبيبي وكان زميلي في جامعة الأزهر – كلية الشريعة والقانون، وكان أحد الإداريين الأكفاء في جامعة صنعاء، حيث كان مسئولاً عن التسجيل في الجامعة، ويمتاز بالذكاء."، بني ناحت، التكارير: "مركز إداري من مديرية الجبي في ريمة من أعمال صنعاء، يقع غربي جبل الشرق."، الجبين، الحدادة، الحديدية: "بكسر ففتح فسكون. مركز إداري من مديرية الجبي في بلاد ريمه وأعمال صنعاء. من بلدانه: كبة الشاوش، الوطيء، وادي الشارقي، قحزه، المحفد، وغير ذلك."، حورة، خضم، الذاري، شعبون، عدن، القبلية، قطو: " بفتح فسكون. مركز إداري من مديرية الجبين في ريمة. يمتد بمنحدر جبلي حاد شبه مثلث من حصن بني مسعود (وهو أعلى القمم وأشهر الحصون القديمة في ريمة) إلى رأس وادي علوجه العميق المجاور لجبل الطلح في كسمه. وتكثر في منطقة القطو زراعة البن خاصة في المدرجات المحاذية للوديان بالقسم الأسفل منها وإلى القطو ينسب (آل القطوي) منهم أمين عام جمعيتها الخيرية حسن بن محمد بن محمود القطو."، قعار: "بضم ففتح. مركز إداري من مديرية الجبين في ريمة".).
وقد زار الجبين الرحالة (نيبور) أحد أفراد البعثة الدنماركية التي زارت اليمن عام 1775م في عهد المهدي عباس في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي / النصف الثاني من القرن الثاني عشرالهجري،  وقال عنها:"أما منطقة الجبي فتقع هذه المنطقة شمال منطقة كسمة. ويطلق اليمنيون على كلا المنطقتين الجبي وكسمة إسماً واحداَ هو ريمة. ومثلما هو الحال بالنسبة لمنطقة كسمة تتوزع الجبي إلى عشائر لكل منها شيخها ومنطقتها ومن مناطق الجبي منطقة بني حمران وفيها تقع مدينة الجبي ومقر العامل ومنطقة بني الدون ومنطقة بني حسن ومنطقة الحدادة أوالحديدية".
تشتهر المنطقة بمنتجاتها الزراعية كالحبوب والخضروات والفواكه بأنواعها، وتشتهر كذلك بزراعة البن في المنطقة التي تسمى الحواز التي تتكون من سلسلة من الجبال الغربية التي يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر بين 150 و1900م، ومناخها معتدل.
توجد في مديرية الجبي العديد من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل الإسلام في كل من جبل الطويلة وعزلة قعار ووادي إبراهيم. ويوجد فيها العديد من الحصون القديمة والقلاع الأثرية التي يرجع بناء بعضها إلى عصر ما قبل الإسلام، وأهم هذه الحصون، حصون دنوه، وحصن النمر وحصن قوردان،وغيرها من الحصون..
وتنقسم مديرية الجبين إلى ثلاثة وعشرين مركزاً إدارياً التي يقع معظمها على مرتفعات جبلية شاهقة يصل ارتفاعها إلى 3200م عن سطح البحر. وهي من الارتفاع والشموخ ما يتيح لها أن تُطل على أراض جبلية موغلة في الانخفاض حتى تنتهي بسهل تهامة الفسيح.
وتُعد مديرية الجبين من أخصب جبال ريمة وأكثرها إنتاجاً لحبوب البن. وتعتبر من أهم مناطق الجذب السياحي بطبيعتها الجغرافية الساحرة، وجبالها التي تستهوي مُحبي رياضة التسلق..
أهم المعالم الحضارية والتاريخية في مديرية الجبين
تتميز مديرية الجبين بوجود العديد من الحصون التاريخية المشيدة على قمم جبالها العالية والشاهقة، والتي تمثل حماية طبيعية لها، إضافة إلى ما تتميز به مواقعها المطلة على عدد من القرى الجميلة وعلى سهول تهامة الواسعة ووصاب، وعتمة، وبلاد آنس، ويرجع تشيدها إلى فترات تأريخية متعاقبة...
- الجامع الكبير في الجبين : يقع الجامع في مركز المديرية (الجبين) ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي)، وذكر الأستاذ/ حيدر علي ناجي العزي أنه وبناءاً على بيت شعري منقوش على سقف الجامع تضمن أن بناء الجامع بدأ في عام 1302هـ، وقد تضمنت لوحة زخرفية أخرى تاريخاً أخر لبناء المسجد ضمن بيت شعري يعود إلى عام 1318هـ وهو ما رجح أن عملية بناء الجامع استغرقت أكثر من ستة عشر عاماً، وقد بناه الشيخ " محمد أحمد الجبيني " من أمواله الخاصة، حيث يعتبر من أهم الجوامع في ريمة نظراً لكبر حجمه وموقعه، حيث يؤمه الكثير من الناس من مختلف عزل مديريات ريمة، وذلك لقربه من أحد الأسواق الكبيرة وهو سوق الجبين. ويحوي الجامع زخارف نقشية ملونه وزاهية ولا زالت تحتفظ برونقها وإبهارها وألوانها إلى اليوم، وهذه الزخارف تزيد عن ألف وثلاثمائة نوع أو نقشة كل واحدة منها مختلفة عن الأخرى. ويعتبر الجامع بزخارفه ومخطوطاته ومجموعة ملحقاته وأروقته وأنفاقه، إضافة إلى موقعه المنتصب على ربوة، وبناءه المرتفع، من أهم المعالم الأثرية في مركز الجبي.
- مسجد الأعور: يعتبر أهم وأقدم المساجد القديمة، ويرجع تاريخ بنائه إلى (القرن الحادي عشر الهجري) تقريباً، ويقع هذا المسجد في عزلة الجبين، في قرية تسمى الأعور التابعة لبني الضبيبي، والقرية تنتسب إلى شيخ القرية الملقب بالأعور، والمسجد عبارة عن شكل مربع تقريباً طول ضلعه (عشرة أمتار)، ويضم صحناً للصلاة بجانبه بركة مياه، وقد استخدمت الأحجار الجميلة المهذبة في عملية بناء المسجد، ومادة القضاض لربط أحجار بناء المسجد.
- الحصون التاريخية: ومن أشهر تلك الحصون وأهمها: حصن غوران، حصن مسعود، حصن دنوة، حصن مشحم، حصن الطويلة، ويعود تشييد هذه الحصون إلى فترات حكم العثمانيين اليمن، استخدمت كمواقع دفاعية لتحصينها فوق أعلى قمم الجبال؛ إضافة إلى أنها تطل على عدد من القرى الجميلة وعلى سهول تهامة، ووصاب، وعتمة، وبلاد آنس. ومنها:
1- مسعود:حصن يقع بمديرية الجبين محافظة ريمة، وذكر الأستاذ أحمد الغراسي في مشروع موسوعته عن القلاع والحصون في اليمن أن هذا الحصن مسكون من قبل بعض الأهالي وهو لازال قائماً, ويتكون من مبنى ذو ثلاثة أدوار محاط بسور بعض أجزاءه مهدمة، ويوجد في ساحته صهاريج المياه المطلية بالقضاض، وكذلك مدافن الحبوب المطلية أيضاً بمادة القضاض وذلك لحفظ وخزن المواد الغذائية . كما يوجد على جدران الحصن عدد من الفتحات الصغيرة التى كانت تستخدم لخروج رصاص المدافع عند الضرب على العدو منها.
2- غوران:حصن يعرف بحصن دنوه، ويقع ببني الضبيبي مديرية الجبين محافظة ريمة.
3- مشحم: حصن يقع في بني الضيف مديرية الجبين محافظة ريمة.
4- الطويلة:حصن يقع بمديرية الجبين محافظة ريمة، وهو حصن قديم توجد في جدرانه الكتابات والمخربشات وعلى بعض الصخور المتناثرة على موقع الحصن.
5- القشلة:حصن يقع بمديرية الجبين محافظة ريمه، ويرجع تاريخ بناء القشلة الى الفترة العثمانية حيث كانت تستخدم كمركز رئيسي لسكن الجنود والموظفين وكذلك مخازن للأسلحة، لاتزال القشلة محافظة على طابعها المعماري وهي تستعمل مقراً لقيادة الامن بالجبين، وتتكون القشلة من مبنى مكون من ثلاثة أدوار به عدد كبير من الغرف، ويحيط بها سور كبير ولها بوابة واحدة كبيرة الحجم تعتبر هي البوابة الرئيسية. كما يوجد العديد من المدافن وسط الساحة وذلك لحفظ الحبوب الغذائية وتوجد أيضاً صهاريج لخزن المياة وإضافة إلى ذلك يوجد مسجد صغير محافظ على طابعه المعماري.
العلم والعلماء في مديرية الجبين
تشتهر الجبين (الجبي) كما هو حال الكثير من مناطق اليمن بوجود العديد من العلماء من أبناءها، ساهموا في نشر العلم بين الناس وإيجاد جيل مثقف ومتعلم، وقد برزت العديد من المناطق بالعلم والعلماء، نورد منها المناطق التالية:
- منطقة بني هتار: هذه المنطقة تشتهر بعلماء كبار منهم من نشر العلم والفقه، ومنهم من قام بكتابة كم هائل من المخطوطات للمصحف الشريف، وبعض كتب العلم والفقه، وهذه المخطوطات منتشرة في عموم المحافظة بل وتمتد إلى محافظات أخرى، وما زال بعضها موجود رغم السنين الطويلة, وهم أي بني هتار يعتبرون من الهجر في محافظة ريمة وينحدرون من سلالة عيسى الهتار الموجود قبره في زبيد مدينة العلم والعلماء وأول جامعة إسلامية في التاريخ.
- قرية الغرة : قرية الغرة قرية تاريخية قديمة تقع في عزلة " بنو أبي الضيف "، وسميت الغرة نسبة إلى غرة العلماء أو غرة العلم.
- بني خطاب: ينتسب إلى هذه المنطقة الكثير من العلماء والقضاة والخطباء، فكانت تعتبر مدرسة تخرج منها عدد من هؤلاء العلماء والقضاة، ونورد منهم:
1- الفقيه الفاضل عبدالله بن احمد بن ابي القاسم بن احمدبن اسعد الخطابي، توفي في سنة 638هـ، عاصر علي بن الحسن الأُصابي، وتفقه بمحمد بن مضمون ومحمد بن أحمد بن جبريل، وامتهن القضاء بالسحول والمشيرق وأحاظة، وكان يسكن قرية الجعامي التي كان يسكنها الإمام زيد الفايشي، وكانت وفاته بهدافة.
2- الفقيه الصالح الفاضل ابو عفان عبدالله بن احمد بن ابي القاسم بن احمد بن اسعد الخطابي، المولود عام 618هـ والمتوفى عام 683هـ،  ذكره المؤرخ الخزرجي في كتابه (العقود اللؤلؤية في أخبار الدولة الرسولية)، تفقه على يد علي أبو السعود وعثمان الوزيري ثم غلب عليه التصوف والعبادة..
3- الفقيه ابو الحسن علي بن عبدالله بن احمد  الخطابي: ولد سنة 616هـ وتوفى سنة 710 هـ، ذكره الخزرجي في كتابه (العقود اللؤلؤية في أخبار الدولة الرسولية) بقوله: "... الفقيه  أبو الحسن علي بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي القاسم بن أحمد بن أسعد الخطابي، نسبة إلى عرب يسكنون حازة يقال لهم بنو خطاب، فقيهاً محققاً مدققاً، سكن قرية من مخلاف جعفر يقال لها منزل جديد وأُمتحن أخر عمره بالعمى..
4- محمود حسن محمد الجبّاري: ولد عام 1338هـ الموافق 1920م وتوفي عام 1413هـ الموافق 1993م، ولد في قرية (الأكمة), في عزلة (بني الضبيبي), في مديرية (الجبين), في محافظة ريمة, وتوفي ودفن في مدينة صنعاء.  شاعر, إداري, مؤلف. نشأ في أسرة علم وأدب, ودرس القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة على يد كل من: أُمّه وجدّته, ثم لازم جده القاضي (أحمد بن أحمد محسن علي الجباري)؛ فدرس عليه, ثم انتقل إلى مدينة (المراوعة) في محافظة الحديدة؛ فدرس على العلامة (عبدالرحمن محمد الأهدل), والفقيه (أحمد ميقري), وغيرهما؛ حتى أجاد علوم الفقه, والحديث, واللغة العربية, ثم عاد إلى بلده, وعمل في بلده في بعض الأعمال الكتابية, واتصل ببعض الثوار المناهضين لحكم الإمامة الملكي, وكتب قصائد عديدة ندد فيها بالظلم, ووصلت بعض تلك القصائد إلى الإمام (يحيى بن محمد حميد الدين)؛ فأمر الإمام عامله على بلاد ريمة (يحيى محمد عباس) بحبس صاحب الترجمة سنة 1367هـ/1947م, ولم يخرج من سجنه إلا بعد عام كامل, وذلك عقب فشل الثورة الدستورية. استقر بعد خروجه من السجن في بلده, وعمل كاتبًا, ثم سكرتيرًا لدى عامل بلاد (ريمة) المذكور, ثم سافر إلى مدينة تعز, ومكث فيها ثلاث سنوات؛ اتصل فيها ببعض القضاة وكُتّاب المقام الإمامي, وتدارس معهم في قضايا الفكر والأدب والسياسة, ثم عاد إلى بلده, ومكث فيها حتى قامت الثورة الجمهورية التي أطاحت بالنظام الإمامي سنة 1382هـ/1962م؛ فذهب إلى مدينة الحديدة مع أخيه (محمد حسن) وأعداد من أبناء منطقته, وانضموا جميعًا تحت قيادة العميد (محمد الرعيني) كمدافعين عن الثورة الجمهورية, ثم عينه الرئيس (عبدالله السلال) مرشدًا دينيًا على قضاء (ريمة)؛ فمكث على ذلك مدة, ثم انتقل إلى مدينة صنعاء؛ فعمل مع (طه مصطفى) في المكتب التنفيذي في القصر الجمهوري, كما عمل في مكتب رئيس الوزراء, ثم انقطع عن العمل الحكومي مدة, وفي سنة 1392هـ/1972م عاد للعمل الحكومي في مكتب شئون المحافظات برئاسة الوزراء, ومديرًا للموظفين في الإدارة المحلية, ثم في رئاسة المعاهد العلمية, ثم تقاعد عن العمل. كان زاهدًا, عفيفًا, مبتعدًا عن أضواء الشهرة, حسن الأخلاق, لطيفًا, حاضر النكتة, سريع البديهة. له العديد من المؤلفات منها: (أنغام. ديوان شعر)، (أحلام. ديوان شعر)،(ديوان الجباري، يحتوي على أعماله الكاملة)..
من المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (الموسوعة اليمنية)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية/ الشيخ علي بن الحسن الخزرجي/ عني بتصحيحه محمد بن علي الأكوع الحوالي/ مركز الدراسات والبحوث اليمني)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (موسوعة للقلاع والحصون في اليمن "تحت الطبع"/ للأستاذ الباحث أحمد الغراسي)، (إنشاء وتأسيس محافظة ريمة/ تأليف حيدر علي ناجي العزي/ الطبعة الأولى 2011م)، (موسوعة الأعلام اليمنيين على الإنترنت www.al-aalam.com)، معلومات أفادنا بها الأستاذ/ أحمد المعرسي، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م.أحمد غالب عبدالكريم المصباحي...
alarachi2012@yahoo.com

الأحد، 24 يوليو 2016

محافظة ريمة


الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة ريمة 
محافظة ريمة

أول موطن للإنسان اليمني

إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم... يسرني أن أقدم لك في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء، الثروات والكنوز الحضارية في محافظة ريمة (الحلقة الأولى)، وكنت متهيباً أن أكتب عن الثروات والكنوز الحضارية في هذه المحافظة حتى هيأ الله لي الإتصال بالأستاذ/ حيدر علي ناجي – من أبناء محافظة ريمة، فشجعني أن أكتب عن محافظة ريمة ومديرياتها، وقد أمدني بكثير من المعلومات عن ريمة ومديرياتها –
جزاه الله عن اليمن وعن محافظة ريمة خيراً.
وقد عودت القارئ الكريم أن أكتب عن علمٍ شامخٍ من أبناء المحافظة، وقد اخترت لهذه الحلقة علماً هو الإمام جمال الدين بن عبدالله الريمي المولود في مدينة تعز سنة 710هـ أي بداية القرن الثامن الهجري، والمتوفى سنة 792هـ، وأشهر مؤلفاته في الفقه المقارن هو كتاب (المعاني البديعة في معرفة إختلاف أهل الشريعة) وهو مكون من مجلدين،  الذي قام بتحقيقه الدكتور/ محمد عبدالواحد الشجاع أستاذ الفقه المقارن في قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب في جامعة صنعاء.
محافظة ريمة
ريمة بفتح الراء وسكون الياء وفتح الميم ثم تاء التأنيت المربوطة. وريمة اسم مشترك لعدد من المواضع في اليمن وهي: ريمة المناخي في العدين محافظة إب، ريمة حميد في سنحان محافظة صنعاء، وريمة اسم جبل في بني قيس من محافظة حجة.
تقع المحافظة إلى الجنوب الغربي من العاصمة صنعاء. يحدها من الشمال محافظتا: صنعاء والحديدة، ومن الجنوب محافظة ذمار، ومن الشرق ذمار، ومن الغرب محافظة الحديدة.
تبلغ مساحة المحافظة 1926كم2، عاصمة المحافظة مديرية (الجبين)، تضم  المحافظة (710) قرية تشكل بمجموعها (89) عزلة وهذه العزل تكون من (6) مديريات هي: بلاد الطعام، الجعفرية، كسمة، الجبين، السلفية، مزهر. بلغ عدد سكان المحافظة (291.533) نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
ريمة: بفتح فسكون. منطقة جبلية واسعة تشمل جبال الجبي والسلفية والجعفرية وكسمة وبلاد الطعام. ويبلغ متوسط ارتفاعها 2800م عن سطح البحر. وتقع محافظة ريمه وسط سلسلة الجبال الغربية بين درجتي (14.36ْ – 14.88ْ) شمالاً وبين درجتي (43.50ْ-44ْ) شرقاً، وهي متصلة ببلاد وصاب وأطراف جبل بُرع وتشرف من جهة الغرب على المنصورية وبيت الفقيه من تهامة. ويقال لها (ريمة الأشابط) نسبة إلى القبيلة التي استوطنتها، وأحياناً (رمية جبلان) نسبة إلى جُبلان بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عُريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير. وريمة الأشابط من أشهر جبال اليمن خصوبةً وغزارةً للمياه ولذلك عرف في التاريخ الحميري باسم (جؤجؤ اليمن) أي السكاب باللغة الدارجة، وأكثر مزروعاته البن والحبوب وفواكه المانجو والعنبة (الباباي) والموز.
ومن أودية ريمة: وادي علوجة ويسقي أراضي الزرانيق، ووادي كلابة يسقي أراضي المنصورية، ووادي جاحف الذي يصب في وادي سهام.
وتعد محافظة ريمة إحدى المحافظات اليمنية التي تم استحداثها مؤخراً خلال العام2004م، وتبعد عن العاصمة صنعاء بحدود (200) كيلو متراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته (1.05%) من إجمالي سكان الجمهورية، وتقسم إداريا إلي (6) مديريات، ومدينة الجبين مركز المحافظة. وتتميز محافظة ريمة بطبيعة وعرة وجبال شاهقة في الارتفاع، ومن أهم مدنها السخنة، مدينة الطعام وبلاد الشرق. وتُعد الزراعة من أبرز الأنشطة التي يمارسها سكان هذه المحافظة الواعدة، حيث يزرع فيها العديد من الخضروات والفواكه والحبوب والبن، فضلاً عن الاهتمام بتربية الحيوانات والنحل وإنتاج العسل. ويتميز مناخ المحافظة بالبرودة في فصل الشتاء والاعتدال في فصل الصيف. وتبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي (200) كيلو متراً وتتصل المحافظة بمحافظة صنعاء وجزء من محافظة الجديدة من الشمال، محافظة الحديدة من الغرب، محافظة ذمار من الجنوب، محافظة ذمار وجزء من محافظة صنعاء من الشرق.
تضاريس ومناخ محافظة ريمة
   تتميز مديرية ريمة بمناخها البارد في فصل الشتاء، والمعتدل في فصل الصيف. وتتنوع التضاريس في محافظة ريمة، فتتغير التضاريس بين الإلتواءات والإنحدارات، وتنقسم محافظة ريمة تضاريسياً إلى ثلاثة أقسام متميزة هي:
- القسم الغربي: ويشمل مديرية الجعفرية، وغربي مديريتي الجبين وبلاد الطعام، وهي جبال الحواز المتراوح ارتفاعاتها بين (1500- 1800م) عن مستوى سطح البحر، وهي كثيرة الصخور قليلة السهول.
- القسم الأوسط: وهي سلسلة الجبال العالية من (1500- 2950 م) عن مستوى سطح البحر، وهي شديدة الإنحدار متنوعة المحاصيل، وتشمل مديرية كسمة ووسط مديريتي الجبين وبلاد الطعام.
- القسم الشرقي: وتشمل مديرية السلفية وشرقي مديريتي الجبين وبلاد الطعام، وهي جبال متباعدة وقليلة الإرتفاع تتخللها الوديان الواسعة والسهول الزراعية الخصبة..
 محافظة ريمة عبر التاريخ
كانت وما زالت محافظة ريمة مسرحاً لأحداث تاريخية دارت فيها، سواءً في فترة ما قبل الإسلام أو قبل الميلاد أو بعدهما.. فقد دارت فيها أحداث منذ فترة ما قبل الإسلام، وقد أشار الإخباريون بأن تاريخ ريمة يعود إلى (القرن الثالث قبل الميلاد)، وتلك أقدم إشارة عنها، ويعتقد "الهمداني" أن أول موطن للإنسان اليمني كان في هذه البقعة حيث موقع "شجبان" وهو الحد الفاصل بين مخلاف جبلان ومخاليف غربي ذمار، وإليه ينسب "يشجب بن قحطان"؛ كما أن "الهمداني" يقف عندها طويلاً في أكثر من موضع فيصف جبالها وحصونها ومناطق الآثار فيها، ولا شك أن خصائصها الجغرافية بوديانها الجارية، ومناخها المتنوع ومروجها الخضراء، وتربتها الخصبة، وقلاعها الشامخة، قد شكلت مصدر جذب وتنافس منذ فجر التاريخ لكل ملوك الدول المتعاقبة على حكم اليمن.
وجد في أحد النقوش التي عُثر عليها في جبل الدومر أنه قد أظهر ريمة بأنها واحدة من دويلات الدولة القتبانية، وفيها قبيلة تتبع أولاد (عم) – الإله (عم) الإله الرسمي لدولة قتبان – وهي قبيلة (عجبم)، وقد ذكر ذلك النقش وجود معبدان في جبل الدومر للإله (عم)، وسيطرة الدولة القتبانية على ريمة كان يعني إحاطة قاع جهران السبئي من جهاته الثلاث الشرقية والجنوبية والغربية، وبالتالي إيقاف الإستيطان السبئي جنوباً فيالهضبة، في مدينة ذمار، وغرباً في شبام كوكبان، هذا من جانب، أما من الجانب الآخر فأن سيطرة الدولة القتبانية على ريمة يعتبر كجزء من خطتها لحماية سواحل البحر الأحمر الذي كان يقع تحت سلطتها، ولكن قلة الدراسات الأثرية في ريمة جعلتنا نجهل الكثير من أدوارها في عصور ما قبل الإسلام وبعد أفول نجم الدولة القتبانية أصبحت ريمة في وقت من الأوقات هي الخطوط الأمامية للدولة السبئية ومن ثم للدولة الحميرية ضد الأحباش الذين سيطروا على تهامة وسواحل البحر الأحمر، ثم لعبت ريمة – أيضاً – في الفترة الإسلامية وحتى العصر الحديث أدواراً هامة، ودارت على أراضيها الكثير من الأحداث، وقد كانت تلك الأراضي في الفترة المتأخرة مطمعاً للكثير من قبائل اليمن مثل خولان وغيرها، وانتقلت أسر وعائلات إليها؛ وسبب ذلك خصوبة تلك الأراضي واشتهارها بشكل ملفت للنظر بوفرة الماشية فيها خاصة الأبقار، إضافة إلى وجود النحل فيها التي تنتج كميات كبيرة من العسل اشتهرت بها ريمة منذ سالف الزمان.
من المعلوم إن مدناً عديدة من المدن التي أقيمت على جانبي وادي سهام، ووادي رماع ومدخل الوديان الغربية، ساهمت بفاعلية في مجريات الصراع على العرش السبئي، ويعتقد أيضاً أن الريدانيين (ربما نسبة إلى ريدان في السلفية) قد انطلقوا منها قبل أن يسيطروا على ظفار ويؤسسوها عاصمة لدولة سبأ وذي ريدان عام 115ق م . ويذكرنا تمثال الملك الحميري (يهامن) بتلك البقايا من القصور الملكية التي تتوسطها أنفاقا محفورة في بطن الصخر على قمة جبل (بلق) يامن مديرية كسمة، التي يرجح أنها كانت مركزا لهذا الملك، وسميت باسمه، فضلاً عن النقوش والنصوص التي لازالت قائمة في جبل الدومر لبقايا مدينة كانت تسمى مدينة (العجب) وهو اسم على مسمى؛ بل يعتقد أن مملكة الأكسوم في الحبشة إنما اكتسبت اسمها من نسبتها إلى كسمة.
كما أن خطوط سير المعارك التي أظهرتها النقوش إبان الصراع السبئي – الريداني يذكر أن الكثير من هذه المعارك كانت تدور في مناطق تتجه إلى ريمة، أو الوديان والسهول والمدن المحيطة بها، كوادي سهام، والمعقر، وقريس،  وهكر وغيرها، وهي دلاله على الأهمية التاريخية التي احتلتها . وهكذا استقر الإنسان على ضفاف الوديان، صاعداً على سفوح الجبال حتى قممها، فبناها وزخرفها بالعديد من المدرجات الزراعية، والبيوت السكنية، والقصور الملكية، والقلاع الإستراتيجية، والكهوف والأنفاق والسدود والمعالم والآثار العجيبة.
وذكر الأستاذ/ حيدر علي ناجي – أطال الله عمره – في إحدى مؤلفاته عن محافظة ريمة أن الإنسان اليمني الذي سكن مناطق ريمة المختلفة والمشهورة بجبالها ومرتفعاتها الشاهقة قد تركوا لنا أسماءهم وألقابهم على المناطق التي استوطنوها؛ بل أنهم أطلقوا على قلاعهم ألقابا تحمل مدلولات فيها من الاعتزاز والتفاؤل والشجاعة، فهناك (عزان) من العز و(نوفان) من النيافة، وريمة من السمو؛ حيث أظهرت المقارنة لعدد من النقوش أن كلمة ريمة تعني (السمو) وكانت تطلق كألقاب مقدسة على الآلهة والمعابد والقلاع والوديان وما ريمة إلاّ اسم حصن يتوسط هذا الإقليم، لا تزال بجواره قرية  تحمل هذا الاسم، أما الحصن فقد أصبح أسمه حصن مسعود مديرية (الجبين).
وبعد ظهور الإسلام حدثت بعض الهجرات من وإلى ريمة، فنشأت تجمعات بشرية جديدة وانتشرت المدارس العلمية، واشتهر فيها الكثير من العلماء والشعراء والأدباء، وقد أشتهر العديد من علمائها الذين انتقلوا وهاجروا منها إلى الحواضر اليمنية الأخرى، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر المرحوم العلامة/ جمال الدين محمد بن عبدالله الريمي ولد جمال الدين محمد بن عبدالله بن أبي بكر الحبيشي الصردفي التراري الريمي سنة 710هـ في الصردف،  وهي صردف الجند بالقرب من مدينة تعز.. توفي يوم الأربعاء 24 صفر وقيل 27 محرم سنة 792هـ بزبيد ودفن فيها. نشأ وترعرع في بيت علم؛ فجده أبوبكر بن عبدالله الريمي من ذرحان ريمة الأشباط كان فقيهاً عارفاً مدرساً، تفقه بعلي بن قاسم الحكمي كما تفقه به جماعة كثيرون ودرس بالمدرسة التاجية بزبيد.. ثم خلفه ابنه عبدالله  بن أبي بكر (والد جمال الدين الريمي) بالتدريس، وعمه محمد بن أبي بكر.
وكان له الكثير من النتاج العلمي والأدبي في كافة المجالات، سواءً في العقيدة أو في الحديث أو في الفقه، أو في القانون أو في غير ذلك من المجالات العلمية،ومن آثارها ونتاجاته: (كتاب الإنتصار لعلماء الأمصار، كتاب شفاء الضمان في الكشف عن مسألة الإسلام والإيمان، اتفاق العلماء، بغية الناسك في كيفية المناسك، خلاصة الخواطر اللوذعية في كشف عويص المسائل اللغزية، مطلع الإشراق في اختلاف الغزالي وأبي إسحاق الشيرازي) وغيرها الكثير والكثير..
وخلال الحكم العثماني الأول كانت ريمة من أكثر المناطق اليمنية مقاومة للتواجد العثماني في اليمن رغم كثرة الحملات التي أرسلها العثمانيون على المحافظة، وبعد انسحاب العثمانيين عام (1636م / 1045هـ ) دخلت ريمة تحت نفوذ الإمامة القاسمية، حيث كانت من أهم المناطق اليمنية التي يتنافس عليها الولاة والأمراء؛ ساعدها على ذلك ازدهار تجارة البن عالمياً الأمر الذي لفت انتباه (نيبور) والبعثة الدانمركية خلال القرن الثامن عشر؛ حيث ذكر أن سوقي علوجه والحديه من أهم أسواق البن في اليمن، وكانت بيت الفقيه من أهم أسواق البن في العالم..
ريمة في النقوش الأثرية
ذكرت العديد من مناطق محافظة ريمة في النقوش التاريخية الأثرية اليمنية، وذلك خلال الدولة المتعاقبة على حكم اليمن ومناطقه الواسعة، وكانت منطقة يعفان هي أول منطقة تذكر في النقوش، ويعفان: في التقسيمات الإدارية، اسم عزلة في مديرية السلفية، واسم للحصن الكائن في قمة العزلة، والذي تحيط به الوديان والسهول الزراعية في جميع الجهات. وقد كان حصن يفعان معقلا ومركزا مشهورا قبل الإسلام، وفي العصر الإسلامي، وفي العصر الحديث حتى منتصف القرن الثالث عشر الهجري، حينما بنى الشيخ المنتصر قلعة الضلاع بني نفيع.  وقد زارته البعثة الأثرية عام 1986م وذكر أنه يضم العديد من المنشآت السكنية المشيدة بالأحجار المهذبة فلا يزال لها ارتفاعات تبلغ الثلاثة أمتار تقريبا في معظم المباني، كما يوجد بجواره بعض القبور المرتفعة..كما توجد مغارة استخدمت الأحجار الكبيرة في عملية بناءها، كما لا يخلو الموقع من المدافن والسقايات ذات الأشكال الاسطوانية والمربعة والذي عليه طوائها..وهذه المدافن والسقايات لها بوابات مستطيلة ومربعة استخدمت أحجار الصلل المستطيلة عند بوابتها. وفي ترجمة لإحدى النقوش التاريخية، وجد فيه هذه النقاط:
- إن يكرب ملك وتار ملك سبأ(540 – 520 ق.م ) بن يدع إل بين ملك سبأ (560-520 ق.م )أصدر هذا المرسوم الذي أبلغه قبائل (سبأ ) وهي خليل، غانم، دوم، عهر، فيشان، نزحت، أربعان، حران ورؤساءها.
- كليتهم، وقبيلة زخل ، ونفق بن علي وتابعي (سبأ) و(يهبلح ) أبناء وآباء وسادة وعبيدا.
- كلهم سمعوا ووعوا هذا النداء الموجه الى شعب  (سبأ )وقبائلها المنتشرة من (يفعان ) الى (ذسبهي )، والذي يذكر الناس بوصية .
- يدع إل بين ملك سبأ بن كرب إل وتار ملك (سبأ ) و (يهبلح ) التي أصدرها بمدينة (صرواح)  والتي سن فيها قانوني : الارض والضرائب المتعلقين بها ، حسبما بينه وشرحه . وكان هذا في اليوم الثامن من الشهر الثاني من سنة نشأ كرب بن كرب خليل .
وقد شهدت محافظة ريمة بمختلف مديرياتها وعزلها الكثير من الأحداث التاريخية التي لا يتسع المجال لنا لذكرها في هذا المقال.. وسنتكرق إليها في مقالاتنا اللاحقة عن مديريات المحافظة بإذن الله تعالى.
من المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (الموسوعة اليمنية)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (المعاني البديعة في معرفة إختلاف أهل الشريعة/ تأليف الإمام جمال الدين محمد بن عبدالله الريمي/ تحقيق د. محمد عبدالواحد الشجاع)، (إنشاء وتأسيس محافظة ريمة/ تأليف حيدر علي ناجي العزي/ الطبعة الأولى 2011م)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م.أحمد غالب عبدالكريم المصباحي...
alarachi2012@yahoo.com

الاثنين، 4 يوليو 2016

ثلاثة مراكز دولية تدعم تأييد الانفصالية في اليمن

إخواني وأعزائي القراء في صحفتي في الفيسبوك وبريدي الإلكتروني ومدونتي (في جوجل) أحببت أن أقدم لكم مقالاً بعنوان (ثلاثة مراكز دولية تدعم تأييد الانفصالية في اليمن) للأستاذ/ عبدالرحيم محسن والمنشور في الصفحات (23 – 37) من مجلة الحكمة يمانية –والتي كانت تصدر في عدن ويرأسها المرحوم الأديب الأستاذ/ عمر الجاوي – العدد (164) سبتمبر 1989م، أي قبل تحقيق الوحدة اليمنية ببضع أشهر... فإلى هذه الصفحات:-

إعداد: محمد محمد عبدالله العرشي


ثلاثة مراكز دولية تدعم تأييد الانفصالية في اليمن

مدخل:
لخص عالم من علماء بلاد اليمن مركز اليمن الإقليمي والدولي بجملة قصيرة عميقة الدلالة بقوله: "إن اليمن واقعة تحت هيمنة (كارتيل دولي بتمويل عربي)".
"... ومنذ سماعي لهذه الجملة الخطيرة، اجتهدت لمعرفة خلفيات وأبعاد هذا القول الرصين، النابع من عمق الشخصية الوطنية اليمنية ذات الارتباط بالمستقبل الزاهر لليمن".
وعرفت بادئ ذي بدء أن "الكارتيل الدولي" المقصود، هو التحالف السياسي الممكن بين دول مختلفة الأنظمة أو متعارضة السياسات أو العكس للهيمنة على هذا الجزء من اليابسة المكتوب عليه اسم "اليمن" و"الكارتيل" السياسي هو أخطر من "الكارتيل" الاقتصادي المعروف في أدب الاقتصاد السياسي.
ثم أدركت أن اليمن تعمق انفصالها بوعي ودقة وفقاً لمشيئة أعضاء "الكارتيل" الدولي وأضحت سلطاتها السياسية تابعة، وفقدت استقلالها السياسي والاقتصادي، وأن اليمن، أضحت ضحية أجهزة "الكارتيل"، ويعمل هذا التحالف غير المكتوب على تدعيم تأييد الانفصال إلى أن يفتح لليمن طريق الاستقلال الفعلي وتخرج من دائرة التبعية الشاملة.
تاريخ الصراع الدولي الحديث على اليمن

والصراع الدولي للسيطرة على اليمن قديم، إذ نجح الاستعماريون الإنجليز في السيطرة على الجنوب والأتراك على الشمال في القرن التاسع عشر، وفي النصف الأول من القرن العشرين رحل الأتراك بعد هزيمتهم في الحرب الأوروبية الأولى، واستمر الإنكليز في الجنوب.
وبعد الحرب الأوروبية الأولى تجدد الصراع للسيطرة على اليمن. فقد نصب الإيطاليون الأدارسة كحكام على جزء من الأرض اليمنية، وأصحب لليمن ثلاث سلطات:-
-      سلطة الأدارسة في عسير وشمال تهامة 1907 – 1034م.
-      سلطة آل حميد الدين في الأراضي التي وقعت تحت الاحتلال التركي 18 – 1962م.
-      سلطة الاستعمار الإنكليزي على الجزء الجنوبي من الأراضي اليمنية 1838 – 1967م.
وتفاقم الصراع الدولي للسيطرة على اليمن في ما بين الحرب الأوروبية الأولى والثانية، حيث سارعت إيطاليا إلى إبرام معاهدة مع ملك اليمن في سبتمبر 1926م وجددتها في أكتوبر 1937م وتابعت ألمانيا مهام بعثاتها الاستطلاعية في الأراضي اليمنية، وبنفس الاتجاه قام الفرنسيون بإرسال بعثاتهم الهندسية والطبية إلى بلاط الإمام في محاولة للحصول على امتيازات في اليمن.. وخطا السوفيات خطوات أبعد من الألمان والفرنسيين حينما عقدوا معاهدة تجارية مع ملك اليمن عام 1928م، واستطاع البريطانيون عام 1934م عقد معاهدة لصالحهم مع ملك اليمن بعد الحرب التي خسرتها مع العائلة السعودية التي تحكم شمال شبه الجزيرة العربية بالدعم من البريطانيين والتي قضت على حكم الأدارسة واستولت على أجزاء من الأرض اليمنية.
أما الأميركيون فقد أجروا اتصالاً باليمن سنة 1930م "عندما زاره المستر شارلس كرين – المليونير الأمريكي الذي طاف بكثير من دول الشرق العربي – ومهندس المناجم المستر كارل تويتشل، الذي طاف باليمن بحثاً عن موارده المعدنية وخاصة البترول.
ومند 1934م حتى بداية الحرب الأوروبية الثانية 1939م برزت إيطاليا وبريطانيا كمتنافسين رئيسيين على اليمن إذ أن نجم إيطاليا في شرق أفريقيا كان أكثر لمعاناً بعد امتلاكها أثيوبيا عام 1936م الأمر الذي أخاف بريطانيا من تطور الأحداث في اليمن، فسارعوا إلى تهدئة "الغول" الإيطالي وأبرموا معه اتفاقاً لتسوية الخلافات فيما بينهما عام 1938م.
وقد اهتمت اتفاقية إبريل 1938م لوضع اليمن إذ "أختص ملحق هذه الاتفاقية الثالث باليمن والمملكة السعودية، وجاء فيه أن الحكومتين توافقان على ألا تعقد أي اتفاق كما لا تقومان بأي عمل من شأنه أن يمس بأي شكل من الأشكال استقلال وسلامة المملكة العربية السعودية أو اليمن، وألا تسعى أي منهما للحصول على مركز ممتاز ذي صفة سياسية في هاتين الدولتين، وقد ذكرنا كذلك أن من مصلحتهما ألا تسبط أي دولة أخرى أي نفوذ خاص أو فرض مركز ممتاز لأي هاتين الدولتين وقد اتفقتا أيضاً على أن من مصلحتهما أن يسود السلام بين المملكة العربية السعودية واليمن، وألا تتدخل أي دولة في حالة وقوع نزاع بين الدولتين المذكورتين وقد حرصت الدولتان كذلك على الاتفاق فيما بينهما على أوضاع جنوب الجزيرة العربية (أي المحميات وحضرموت) وعلى مصالحهما فيها.
فتعهدت بريطاني بألا تقوم بإنشاء تحصينات أو أعمال عسكرية ذات صبغة هجومية، وأن لا تجمد الأهالي إلا للمحافظة على النظام والدفاع المحلي، وتتعهد أيضاً بأن تحتفظ بالاستقلال الذاتي للزعماء العرب الذين تحت حمايتها.
واستمرت الدول الكبرى تراقب نتائج الصراع التنافسي بين إيطاليا وبريطانيا مقتنعةً أن دورها هو الاستكشاف والمغازلة، وقد وضعت الحرب الأوروبية الثانية مقاييس جديدة للتنافس الدولي على اليمن.
فقد انهزمت إيطاليا وألمانيا واليابان هزيمة قاسية وأخرجت من اللعبة مؤقتاً وأصبحت عبارة عن أذرع الأخطبوط الأمريكي. وبدأت شمس الإمبراطورية البريطانية تميل إلى الغروب ونكست فرنسا أعلامها أمام الأعلام الكبيرة الأخرى وبدأت تشرق شمس الإمبراطورية الأمريكية. وارتفعت أعلام السوفيت في كثير من المناطق الأوروبية وآسيا وخرجت من الطوق والعزلة إلى رحاب النطاق العالمي.
وكانت اتفاقية "يالطا" هو تتويجاً للزواج الرباعي بين الاتحاد السوفيتي وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والذي سجل لبداية مرحلة جديدة من التنافس الدولي لبسط النفوذ على النطاق الدولي.
وكانت اليمن إحدى مناطق الصراع الدولي الأكثر أهمية وميداناً لتنافس المصالح المتشابكة لدول "الكارتيل" الدولي الجديد.
لقد اهتمت أمريكا باليمن عقب الحرب في سنة 1946م حينما أرسلت أول بعثة أمريكية رسمية في إبريل 1946م برئاسة الكولونيل وليم دي، وعقدت هذه البعثة مع ملك اليمن معاهدة تجارة وصداقة. وقد تبع هذه الزيارة إقامة علاقات دبلوماسية منظمة بين ملك اليمن وبين الولايات المتحدة في 11 مايو 1946م ووقعت أمريكا اتفاقاً ثنائياً مع ملك اليمن في 9 إبريل 1960م.. والذي بموجبه حصلت "النقطة الرابعة" على موطئ قدم في اليمن تحت تغطية إنجاز طريق المخا – تعز – صنعاء، ومشروع جر مياه الشرب إلى مدينة تعز.
وقد انتكست العلاقة مع أمريكا بعد أزمة "النقطة الرابعة" في مدينة تعز والتي ضبطت متلبسة في محاولة لقلب نظام الحكم الجمهوري الجديد، ثم عادت هذه العلاقة مع أمريكا في 1973م.
أما السوفيت الذين تجمدت علاقاتهم السياسية بملك اليمن فقد عادوا من جديد في سنة 1955م حينما عقدوا اتفاقية جديدة وقدموا من خلالها المساعدات متعددة الأغراض، وفي سنة 1964م وقعوا مع النظام الجمهوري معاهدة الصداقة والتعاون.
وأعادت الدول الأوروبية الأخرى إيطاليا، فرنسا، ألمانيا الغربية نشاطها إلى أراضي اليمن تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية بينما ظلت بريطانيا تحتل الجزء الكبير من وطننا اليمني، أما الجزء الآخر فقد ظل محتلاً من المملكة العربية السعودية بدعم من أمريكا وبريطانيا.
وفي الستينات بلغ الصراع التنافسي بين أعضاء "الكارتيل" السياسي الدولي أشده.. فقد دعم الاتحاد السوفيتي النظام الجمهوري سواءً بصورةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة بل عقد معه معاهدة صداقة وتعاون بينما وقفت أمريكا والدول السائرة في ركابها ضد النظام الجمهوري ودعمت هذه القوى الثورة المضادة المناهضة للثورة اليمنية.. ويمكن القول أن الاتحاد السوفيتي قد حصل على امتيازات ممتازة في اليمن وتقدم خطوات إلى الأمام لبسط نوع من النفوذ السياسي على الأرض اليمنية، وتمسكت أمريكا وبريطانيا بمركزهما الممتاز في اليمن من خلال استمرار الاحتلال البريطاني لأراضي جنوب اليمن.
وفي 30 نوفمبر 1967م أجليت الجيوش البريطانية من اليمن بشرطين رئيسيين:-
الأول: قيام دولة جنوبية قوية على الأراضي التي كانت تحتلها بريطانيا.
الثاني: أن يبقى لبريطانيا مركز ممتاز داخل الدولة الجديدة.
وقامت الدولة الجنوبية الجديدة القوية، واستمر المركز الممتاز لبريطانيا حسب الشروط، وبهذا دخلت اليمن في فترة من أكثر فتراتها التاريخية تعقيداً وتعقد معه صراع الدول الكبرى عليها.
فخلال عقود ثلاثة، السادس والسابع والثامن، من القرن العشرين تمكنت المراكز الثلاثة الدولية، الاتحاد السوفيتي وأمريكا وبريطانيا من بناء قواعد راسخة لها في اليمن على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، وعملت أجهزتها المتعددة القنوات لإحكام السيطرة على اليمن ووضعتها ضمن البلدان التابعة لها وأفقدتها استقلالها السياسي والاقتصادي ومنعت عليها اختيار الطريق الأكثر ملائمة لنموها وتطورها.

النشاط المعاصر للمراكز الثلاثة في اليمن

ودارت بين هذه المراكز الثلاثة صراعات ملتهبة علنية ومستترة بهدف الانتشار السريع وتحقيق المركز الممتاز.
فأمريكا عادت إلى اليمن أواخر عام 1973م بشكلٍ رسمي وفتحت لها سفارة في صنعاء وجلبت معها أجهزتها المنفذة لأهدافها في العالم الخارجي وأخطر هذه الأجهزة، جهاز المخابرات المركزية الأمريكية الذي أعاد فتح فرعه النشط في جزء من مبنى السفارة الأمريكية.
وعزز تواجد المركز الأمريكي ما حظى به الأمريكيون من مركزٍ ممتاز وتزايد مصالحهم على الأرض اليمنية حيث اندفعت الشركات والبنوك التجارية لمزاولة نشاطها وفقاً لسياسة الانفتاح السياسي والاقتصادي، وقد توج هذا النشاط بالحصول على امتياز التنقيب على النفط واستخراجه.
ومن المعروف أن شركات النفط الأمريكية لا تقدم على مغامرات في استخراج النفط وتصديره إلا إذا ضمنت الحماية العسكرية الأمريكية، وبهذا الصدد فإن الحكومة الأمريكية تمكنت من تقوية مركزها الأمني والعسكري في المنطقة العربية وخاصةً اليمن، إذ أنشأت إلى جانب فروع المخابرات المركزية الأمريكية درعها الواقي لحماية آبار النفط والدول المنتجة له، قوات الانتشار السريع، التي تمكنها من إخضاع أي دولة تهدد مصالحها في أسرع وقت ممكن.. وبشأن هذه القوى الضاربة تقول التقارير الصحفية ما يلي:-
"ومن أجل تنفيذ فكرة هذه القوى من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التكوين فطلبت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" من الكونغرس الأمريكي تخصيص الأموال اللازمة، وفعلاً خصص الكونغرس ملياراً و500 مليون دولار من أجل هذا الغرض.
وفي سنة 1982م ازدادت الميزانية لتصبح 4 مليارات و300 مليون دولار. وهذه القوى تضم (228.900) جندي من القوات المسلحة الأربع الأمريكية: سلاح المشاة، البحرية، سلاح الطيران وقوات المارينز المعروفة. وتقول وزارة الدفاع أن هذه القوة يمكن أن تزداد بإضافة 100 ألف جندي إلى قواتها، عندما يشعر الرئيس الأمريكي بأن هناك ضرورة ملحة لزياتها".
وتدخل ضمن نفوذ هذه القوى البلدان التالية:-
"الهند، باكستان، أفغانستان، إيران، العراق، الخليج العربي، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، عمان، المملكة العربية السعودية، الأردن، اليمن الشمالي، اليمن الجنوبي، مصر، الصومال، أثيوبيا، جيبوتي، كينيا، السودان وليبيا".
"في كانون الثاني (يناير 1980م) قال الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في معرض شرحه عن قوات الانتشار السريع" أن أي محاولة من قبل أي عناصر خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربي تعتبر هجوماً على المصالح الخاصة بالولايات المتحدة، وأي أي محاولة ستحبط بالوسائل المطلوبة بما في ذلك القوة العسكرية". لهذا فإن هذه القوة منذ تأسيسها استهدفت منطقتين: جنوب شرق آسيا والخليج العربي، وإذا قورن ما قاله الرئيس الأمريكي السابق في 1980م وما قاله الجنرال شوارزكوف مؤخراً فإن النتيجة واحدة وتصب كلها في وعاء الهيمنة والسيطرة الأمريكية على المنطقة وحرمان الاتحاد السوفيتي من أي إمكانيات للتعامل على قدم المساواة مع دول المنطقة. وبمعنى آخر فإن الولايات المتحدة تريد المنطقة كلها ولا ترغب في أن يكون لدول هذه المنطقة أي استقلالية ويعني هذا انعدام عناصر الحياد الإيجابي".
(إن مناطق اهتمام وهيمنة القيادة المركزية الأمريكية تشمل 19 دولة مختلفة في تركيبتها السياسية والاقتصادية، وفي مركز هذه المنطقة يوجد أكثر من 70% من احتياطي نفط العالم، هذا النفط الذي يدير صناعة واقتصاد الغرب، ففي سنة 1988م صدرت أكثر من (12) مليون برميل من النفط يومياً سواءً بشكلٍ مباشر من الخليج العربي أو من خلال أنابيب النفط المتشعبة والممتدة عبر المملكة العربية السعودية من ينبع حتى البحر الأحمر.. وأن نسبة ما تستورده الولايات المتحدة من نفط من كل المصادر هو 40 بالمئة من ما يستهلك في أمريكا، ويعني ذلك زيادة 5 في المئة عن السنة الماضية وبرميلاً واحداً من كل خمسة براميل من هذا النفط يأتي من منطقة الخليج وتقول تقارير وزارة الطاقة الأمريكية أن النفط المستورد يصل إلى 50 بالمئة من ما تستهلكه أمريكا في سنة 1994م.. ولهذا وبناءً على ازدياد اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد فإن أمريكا ستبدأ باستهلاك المزيد من نفط منطقة الخليج وحسب التقديرات فإن قدرة إنتاج أمريكا للنفط سيطرأ عليها انخفاض قد يصل إلى 20 في المئة مع نهاية هذا القرن ما قد يسبب المزيد من الاعتماد على احتياطي نفط المنطقة العربية. وتقول التخمينات الأخرى أن آبار النفط الأمريكية ستجف في الـ40 سنة المقبلة بينما ستبقى منطقة الخليج العربي غنية في النفط لمدة 100 سنة مقبلة..".
وتشترك في تنفيذ السياسة الأمريكية في اليمن مجموعة من الدول الأوروبية والعربية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية وعلى رأس هذه الدول ألمانيا الغربية والمملكة العربية السعودية.
وبخصوص مركز بريطانيا في اليمن فإن البريطانيين نشاطهم السري الهام، رغم أن أمريكا استطاعت أن ترث بريطانيا وتزيحها من الطريق في بلدان كثيرة، ويكون معلوماً لدينا أن بريطانية قد احتلت الأراضي اليمنية لـ129 سنة وما تزال حتى الآن لها قواعدها الضاربة فمركز مخابراتها في اليمن لم يضرب أبداً واستمرت شركاتها تحصل على الامتيازات لتنفيذ كثير من المشاريع الإنمائية والخدمية بل إنها فتحت فروعها لبنوكها التجارية في المدن اليمنية، ولها ممثليات دبلوماسية في كلٍ من عدن وصنعاء.
وتعتبر القوات البريطانية المرابطة في عُمان والخليج العربي والمحيط الهندي التعبيرات العسكرية والأمنية لاستمرار وجود المركز البريطاني القوي في المنطقة.
وتخوض فروع المركز البريطاني بالتنسيق مع المركز الأمريكي صراعاً تنافسياً لاستمرار وجودها السياسي والاقتصادي في اليمن سواءً ضد حليفتها أمريكا أو ضد عدوها الاتحاد السوفيتي.
أما المركز السوفيتي فقد ازداد قوةً في اليمن بعد أن حصل على مركز سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي في بلاط السلطة في الجنوب إضافةً إلى محافظته على مركزه التقليدي في بلاط السلطة في الشمال، ويعتبر مركز المخابرات السوفيتية من أقوى المراكز الاستخبارية في اليمن إلى جانب مركز المخابرات الأمريكية وهو يساوي من حيث الكم والنوع والفاعلية المراكز الاستخبارية مجتمعةً.
وللمركز السوفيتي مركز عسكري ممتاز في مياه البحر الأحمر وبحر العرب في الثغر الجنوبي من اليمن إضافةً إلى خبرائه العسكريين في المؤسستين العسكريتين التابعتين للسلطتين السياسيتين... وتعمل فروع المركز السوفيتي بشكلٍ علني ليس فقط لتعزيز مركزها السياسي والاقتصادي والعسكري في اليمن بل ومن أجل تحجيم وضرب المراكز المنافسة الأخرى، المركز الأمريكي والمركز البريطاني.
والمهم في الأمر أن هذه المراكز الثلاثة لا تعمل بمعزل عن شبكاتها اليمنية، فلكل من هذه المراكز الثلاثة القوية عملاء ينفذون كل التعليمات الصادرة إليهم لكي تكون العملية ذات صبغة يمنية.

الصراع التنافسي بين المراكز الثلاثة وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية

في بحر ثلاثة عقود من الزمن ومن الصراع التنافسي بين المراكز الدولية الثلاثة وفروعهم بقت اليمن فيما بينهم مدهوشة للمد والجزر، للكر والفر، للهجوم والانسحاب، للحرب والهدنة، والمساومات التي تجري فيما بينهم أيضاً سواءً على أرض المعركة التي يدور الصراع فيها أو من المراكز الرئيسية التي توجهها.. وكانت قضية إعادة تحقيق الوحدة اليمنية أهم ميدان من ميادين الصراع التنافسي هذا، فهنالك تصريحات وتلميحات من المصادر الرسمية العليا في إمكانية أن تحقق الوحدة اليمنية غير أن الأجهزة المنفذة كانت تخطط لغير ذلك، فهي قد دعمت هذا التيار وذاك الطرف لشن هجوم إعلامي أو عسكري ضد التيار أو الطرف الآخر، وهي في نفس الوقت دعمت إسكات هذا الهجوم في الوقت المناسب.
وكانت الإشكالية أن بريطانيا بدعم من أمريكا قد وقفت عائقاً أساسياً لتحقيق الوحدة اليمنية حين لاح ذلك أواخر 1967م إذا اشترطت لجلاء جيوشها من اليمن قيام دولة ثانية في الجنوب وهذا ما أشارت إليه وثائق محادثات جنيف 22- 29 نوفمبر 1967م ودعمت هذا الإجراء تدعيماً كبيراً في سرعة إجلائها بوقت غير متوقع وغير معلن من قبل وفي ظروف صعبة كانت اليمن تمر بها.
وكان السوفيت حينها مهتمين في تعزيز نفوذهم في الشمال بعد أن رحل الجيش المصري وترك اليمنيين يواجهون أضخم حملة عسكرية وإعلامية ضد النظام الجمهوري.
ومن سياق تطور السلطتين السياسيتين القائمتين في اليمن نكتشف أن الميل الرئيسي الذي يجمع دول "الكارتيل" هو تعزيز الأمر الواقع الذي ظهر بعد نوفمبر 1967م، وقد تجلى ذلك في إجراءات تعزيز أركان السلطتين سياسياً وعسكرياً، حيث كان للمهاترات الإعلامية والمنازلات العسكرية دوراً كبيراً في تعميق الميل الانفصالي للسلطتين، وقد خدم هذا التوتر القائم أهداف دول "الكارتيل" ومكنها من التغلغل داخل أجهزة السلطتين.
ودون شك أن المنازلات العسكرية وتمييع الاتفاقات الوحدوية كان يخدم بشكل مباشر وغير مباشر الدول الثلاثة ويساعدها على الانتشار والتدخل في الشؤون الداخلية لليمن.
كان ذلك في مرحلة سياسية "موازين القوى" التي اعتمدت على سباق التسلح وإثارة المشاكل الإقليمية والتدخلات العسكرية في شؤون البلدان الأخرى وتأزيم الحياة الدولية وقيادتها إلى كارثة نووية دولية، وفي المرحلة الجديدة حيث انتصرت سياسة "توازن المصالح" أخذ الصراع التنافسي الدولي يأخذ طابع الاتفاقات المساوماتية حول مناطق النفوذ في بلدان الأطراف وإقرار سياسة الأمر الواقع وتهدئة بؤر التوتر الإقليمي والاعتراف أن الحياة بحاجة إلى نظرة جديدة تتسم بالتعقل.
وقد ورثت اليمن وضعاً انفصالياً خطيراً دعمته سياسة موازين القوى بين القوى الدولية المتصارعة، وهي اليوم تخضع لمعايير السياسة الجديدة في توازن المصالح.
وبالنسبة لليمن ووضعها المحزن فإن القوى المتصارعة قد اتفقت على عدم تغيير الخارطة الانفصالية فيها بل يجرى الإعداد لتدعيم تأييدها.
فقد اتخذت اليمن موقعاً في ميدان إنتاج النفط وتبشر الدراسات العلمية والعملية أن احتياطي النفط فيها سوف يتعاظم ووضعت اليمن ضمن الأهداف الإستراتيجية لأطراف الصراع الدولي حيث دعمت الحكومة الأمريكية شركة "هنت" التي تنقب عن البترول في البلاد بعد أن أوشكت على الإفلاس وليس هذا فحسب بل أن هذا الدعم قد أتى بصورة مباشرة حينما حضر نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش، الرئيس الحالي للولايات المتحدة، افتتاح أول عملية ضخ للنفط من حقل "صافر" ودون شك أن الشركة الذي أنقذتها أموال المخابرات المركزية الأمريكية تحظى اليوم بحماية قوات الأمن الأمريكية في اليمن أو قوات الانتشار السريع في المنطقة المجاورة.
وبنفس الاتجاه أكد الاتحاد السوفيتي أن اليمن أصبحت ضمن أهدافه الإستراتيجية حينما أعلن هو الآخر عن اكتشاف النفط في منطقة شبوة، ودون شك أن الشركة السوفيتية هي الأخرى بحاجة إلى الحماية الأمنية والعسكرية الأمر الذي سيجعل من الوجود العسكري والأمني الإضافي للاتحاد السوفيتي وحلفائه حقيقة ثابتة.
وتتضمن سياسة توازن المصالح لأطراف الصراع الدولي أن تبقى الأوضاع القائمة في اليمن كما هي الآن وهو ما يعني تغييب حق الشعب اليمني ووضع هذا الحق في مائدة المفاوضات والمساومات الدولية بين أمريكا والاتحاد السوفيتي.
وتتخلق في هذه الظروف جملة من الامتيازات لحفنة من اليمنيين الذين يقولون عن السيطرة على السلطتين وهم دون ريب قد تحولوا إلى أداة بيد أطراف الصراع وليس من المتوقع أن يقدموا في سبيل إعادة الوحدة اليمنية أي خطوات جوهرية.
فالانفصال يروق لهم ويضخم من مكانهم الاقتصادي والاجتماعي ويحركهم نحو الغنى الفاحش والبذخ الزائد السفيه.
والحقبة النفطية اليمنية سوف تلعب دوراً أساسياً في تغيير بنية المجتمع اليمني وسوف تجد السلطات مبررات كثيرة للحفاظ على الوضع الانفصالي، بل ومحاولة تأييده دعماً لأهداف الكارتيل السياسي الدولي.
ففي فبراير 1988م كادت الأوضاع أن تنفجر بين السلطتين بسبب الاختلاف حول امتيازات شركة "هنت" و"الشركة السوفيتية" في منطقة شبوة ومأرب، غير أن مصالح الشركتين والدولتين أمريكا والأتحاد السوفيتي، كانت تقضي بلجم هذه الأوضاع بسرعة حيث تحركت قوى هذه الشركات بوضع الحلول الوسطية بشأن قطعة أرض رملية – كود البعير – لتضمن استمرارية نشاطها بعيداً عن المنازعات العسكرية، وأثبتت المفاوضات والمساومات بين الأطراف الدولية أنها قد تمكنت فعلاً من السيطرة على قرار الحرب أو السلم في اليمن.
نخلص إلى القول أن اليمن قد وقعت فريسة للتبعية الشاملة أو بمعنى آخر فريسة للاستعمار الجديد، وأن فرصة إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، في الوقت الراهن، قد دفنت تحت عباءة هذه التبعية أو هذا الاستعمار الخبيث.
بدت هذه الصورة قاتمة وهي تشير إلى فقدان اليمن استقلاله السياسي والاقتصادي بسبب تقاسم أعضاء الكارتيل السياسي الدولي لهذه المنطقة، غير أن هناك ممكنات واقعية لانتزاع استقلال اليمن من جديد وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، هذه الممكنات تتركز بما يلي:-
أولاً: ضرورة أن يستوعب التيار الوطني الشعبي وأبناء الشعب اليمني ممن يقلقهم الوضع القائم في اليمن الأبعاد المختلفة لأهداف الكارتيل السياسي الدولي في اليمن.. الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلنية والمستترة، وأن يستوعب الصورة الجديدة لموازين القوى العالمية وخلفيات وعوامل سياسة توازن المصالح وكل المتغيرات الإقليمية والدولية، وأن يقوم بدراسات جادة موضوعية لأبعاد الصراع الدولي على اليمن وخاصةً قضية التبعية الشاملة.
ثانياً: ضرورة الارتقاء بالتنظيم الوطني الشعبي إلى مصاف المعرفة العميقة بضرورة الفعل والتأثير في الأحداث الجارية في اليمن، وتمكين هذا التنظيم من تصنيف القوى الاجتماعية والسياسية الرئيسية والثانوية، وأن يمتلك القدرة على تنظيم صفوف الشعب والزج به في أتون الدفاع عن استقلاله وتحميله مسؤولية تاريخية في تحقيق الوحدة اليمنية والتصدي لقوى الانفصال اليمنية وغير اليمنية.
ثالثاً: التصدي للأوضاع المتردية في اليمن من حيث استمرار اللهث وراء القروض المجملة والمستخدمة استخداماً سيئاً والذيلية للدول الأجنبية وتقديم كشف حساب لعمق التبعية الشاملة في اليمن ليتبصر الشعب اليمن إلى مركزه الضعيف بين الأمم والشعوب الأخرى والتصدي للإرهاب وأشكال حصار العمل الديمقراطي ومن ضمن هذا الحصار محاولة تغييب الشعب والإنابة عنه في أهم قضاياه الوطنية الرئيسية.
ويترتب على تطبيق هذه الممكنات الرئيسية في الفترة اللاحقة تحديد السقف الممكن للعلاقات مع الدول العربية والأجنبية مما يجعلهم يقفون إجلالاً للشخصية اليمنية المستقلة واستقلال وسيادة الوطن اليمني، وتحقيق المزيد من المكاسب الديمقراطية والعدالة لصالح الحقوق الأساسية والمكتسبة للإنسان اليمني، والتقدم خطوات جبارة لإلغاء مشاريع الانفصال الدائم الذي تلوح في أفق برامج السلطات السياسية أو التنظيمات والتجمعات الانفصالية وخاصةً تلك التي نصبت من نفسها معارضة للسلطة في الشمال من بطن السلطة في الجنوب أو من بطن السلطة في الشمال والدول المجاورة لمعارضة السلطة في الجنوب.
هذه التجمعات والتنظيمات هي احتياطي نشط للمراكز الدولية الثلاثة وإلغاء ما في طريق إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.

-----
المراجع والمصادر التي رجع إليها الكاتب: (تكوين اليمن الحديث/ د. سيد مصطفى سالم – التخلف الاقتصادي والاجتماعي في اليمن/ د. محمد سعيد العطار – مجلة الموقف العربي).