السبت، 28 فبراير 2015

مديرية بكيل المير

بسم الله الرحمن الرحيم
(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) سورة سبأ. أية15
الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة حجة (مديرية بكيل المير)
مناخ جميل، وتنوع في المزروعات والمقومات السياحية

إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.. يسرني أن أقدم لك على صحيفة الثورة الغراء؛ مديرية بكيل المير وثرواتها الزراعية ومقوماتها السياحية وحماماتها الطبيعية، ووديانها ومناخها الحار صيفاً والمعتدل شتاءاً..
وإنني أهدي هذا المقال إلى أبنائي من شباب اليمن الموحد؛ ليعرفوا جغرافية بلادهم وثرواتها وكنوزها ومقومات اقتصادها.. فمديرية بكيل المير من مديريات محافظة حجة التي تعتبر من المناطق المتوفر فيها الكثير من المعادن، وقد اشتهرت بلادنا منذ القدم بمعادنها وجواهرها، فقد كانت فيها مناجم الذهب والفضة، والتي كانت أحد أسباب طمع الغزاة والمستعمرين فيها.. وقد ذكرت الكثير من المراجع التاريخية التي تكلمت عن اليمن وثرواتها وكنوزها وأن هذه الكنوز والثروات لم تكتشف بعد.. وقد أتقن الإنسان اليمني مختلف الصناعات المعدنية، و منها صناعة الحديد، الذي يستخرجه من أرضه.. فنجد في الأدب العربي القديم وصفاً للسيوف اليمنية الشهيرة(المهند اليمني) والتي أبدع اليمني في صناعتها، كما أن الجنبية تعتبر من صناعات المعادن الذي يبدع اليمني في صناعتها ويستعملها كزينة.. وقد ذكر الرحالة الأجانب ممن زاروا اليمن أن اليمنيين تخصصوا في صناعة الكثير من المواد مثل البخور والطيوب والمر والقرفة، بل أنهم احتكروا هذه الصناعات لأنفسهم مدة من الزمن.. وهذه الصناعات إضافة إلى التجارة بهذه المصنوعات وغيرها كانت سبباً في ازدهار اليمن وغناه في حقب تاريخية متعددة، فقد عرف اليمني كيف يستغل هذه السلع والصناعات الاستغلال الأمثل فقد حافظ على أسرار مصادرها، واختيار الصناعات الصالحة للتجارة، فكان يختار ما خف وزنه وارتفع ثمنه وتعذر الحصول عليه من غيره.. فقد احتكر التاجر اليمني البخور والراتنج وهي المواد التي تدخل في صناعة العطور ومستحضرات التجميل الأخرى وربما التحنيط، واحتكر تجارة اللبان الطبيعي ومصدره من أشجار في حضرموت، وكذا التوابل بأنواعها.. فالتجارة تحتاج إلى ذكاء ودهاء وحسن تدبير ومعرفة باللغات والعادات، وتقدير السلعة ورغبة كل بلد فيها.. فحيث لا تنفع السياسة ينفع المال، وحيث لا ينفع المال يستعمل العقل والتدبير في التحصين وإقامة الأحلاف وغير ذلك.. وغير ذلك مما لا يستطيع تأمينه إلا من أوتي مقداراً عظيماً من النشاط، وسعة الاطلاع، وحسن الإدارة والحكمة (والحكمة يمانية)..
وبلادنا ولله الحمد تنعم بالكثير من المعادن والثروات التي هي بحاجة إلى استكشاف وإيجاد الخطط لاستثمارها لما يعود بالخير على الاقتصاد الوطني.
مديرية بكيل المير
تقع في أقصى شمال شرق محافظة حجة وتبعد عن مدينة حجة (مركز المحافظة) حوالي 220كم. يحدها من الشمال مديريتا: حيدان والظاهر (بمحافظة صعدة)، ومن الجنوب مديريتا: وشحة ومستباء، ومن الشرق مديرية قارة ومحافظة عمران (مديرية حرف سفيان)، ومن الغرب مديرية حرض.. وتبلغ مساحة المديرية 661كم2، مركز المديرية (مدينة عزمان).. وبلغ عدد سكان المديرية 21.705 نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.. وتضم المديرية (163)قرية تشكل بمجموعها  (5) عزل هي: عزلة ذو محمد وذو حسين، عزلة صبران، عزلة عزمان: "مركز إداري من مديرية بكيل المير وأعمال حجة. من ساكنيه: آل عذبه وآل عواك وآل عيشان.."، عزلة العطن: "مركز إداري من مديرية (بكيل المير) في الأطراف الشمالية الغربية من أعمال حجة ما بين (وشحة) وحدود (خولان بن عمرو) وهي أقرب إلى منطقة (حرض) في تهامة. تشتهر بزراعة القطن والتنباك والنخيل والحبوب من الذرة والدُخن والسمسم وكذا الفواكه التي انتشرت زراعتها في السنوات الأخيرة. ومن أهم بلدانها: العراشه، شرفان، المعجر، حجله، وغيرها.."، عزلة فاس..
وتذكر بعض المراجع والمصادر التاريخية الإسلامية أن القرامطة تمركزوا في هذه المديرية.. وتتمتع هذه المديرية بتنوع واختلاف تضاريسها؛ فنجدها سهلية من جهة الغرب، ثم تأخذ في الارتفاع من جهة الشرق والشمال.. أما المناخ فيسودها مناخ المناطق الوسطى الحار الممطر صيفاً، والمعتدل شتاءاً..
ويعمل غالبية سكان المديرية في الزراعة والرعي وتربية المواشي كالأغنام والماعز والجمال، وتنفرد المديرية بالحيوانات النادرة مثل الغزلان، وكثير من الطيور البرية، بالإضافة  إلى المياه المعدنية والمواقع السياحية.. والتي تتمثل بوجود حمام الجمة، وهو  أحد الحمامات الطبيعية المنتشرة في محافظة حجة ويتكون من ثلاثة ينابيع، ويعتبر من المصحات العلاجية التي يؤمها الأهالي، إلا أن خدماته ما زالت بدائية، فهو بحاجة إلى الاهتمام و الرعاية.. كما يوجد في المديرية سوق شعبي أسبوعي يقام يوم الأحد من كل أسبوع، تعرض فيه المنتجات الزراعية ومنتجات الصناعات الحرفية التي تشتهر بها المديرية، والتي تنحصر جميعها في الاحتياجات المنزلية مثل الطلل والأثاث المنزلي..
من المعالم الأثرية والتاريخيةفي مديرية بكيل المير
اشتهرت بكيل المير بالعديد من المعالم التاريخية والأثرية التي تؤرخ لفترات تاريخية مختلفة، لا تزال هذه المعالم تحكي عن هذه الفترات من خلال التنوع القائم في البناء والتصميم ونوعية المواد المستخدمة، والموقع الذي أقيمت فيه تلك المعالم... ومن أهم هذه المعالم؛ الأتي:
1- قرية العلالي: على جبل العلالي المطل على وادي تعشر والذي يشتهر بجريان مياهه باستمرار طوال العام دون انقطاع. من الجهة الشمالية الشرقية، وهي من القرى الكبيرة المهجورة. أبنيتها مهدمة ومهجورة وتتكون من مبان مستطيلة الشكل وأسطوانية متعددة الطوابق، وجميعها مشيدة بالأحجار، وما يميزها هو موقعها الجغرافي وعمارتها الفنية التي تحتوي على سلالم مدرجة مقامة داخل أبنية الواجهات في بعض المباني، وهو ما يستحق البحث والاهتمام من المهتمين..
2- حصن المحرق: فوق جبل شعار المطل على وادي تعشر، (وتعشر بفتح التاء المثناة من تحت وسكون العين المهملة ثم شين وراء)، من الجهة الشمالية الشرقية وأعلى قمة من قرية العلالي وهو عبارة عن قلعة مهدمة تتألف من مبانٍ مهدمة تجاورها عدد من ملحقاتها.. قال سعيد بن محمد العبشمي:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة


بتعشر بين الأثل والركوان

3- قبة القحوم: مبنى مستطيل أبعاده (20×12م) تقريباً. تتكون من حجرة مربعة الشكل جدرانها سميكة مشيدة بأحجار صلبة مكسوة من الخارج بالقضاض، ومبطنة من الداخل بالطين والجص، ولها مدخل يتوسط ضلعها الأمامي الجنوبي، ويفتح على حجرة مربعة من الداخل أبعادها (4×4م)تقريباً. أرضية الحجرة مبلطة بالطين والجص، ويتوسطها قبر صاحب القبة يعلوه بناء بارز على هيئة مسطبة الشكل أبعادها (205×1م) تقريباً وارتفاعه (80سم) مشيد بأحجار صلبة مكسوة بالقضاض والجص، ويتوسط جدار القبلة محراب مجوف معقود بعقد نصف دائري، وكانت تغطي سقف الحجرة قبة نصف كروية تقف على حنايا ركنية ما زالت آثارها واضحة. وقبل عدة سنوات بحسب رواية أهل المنطقة تعرضت القبة إلى اعتداء من قبل مجهول، وتلاصق مبنى القبة من الناحية الغربية حجرة أخرى مشابهة لها، وهي مستطيلة الشكل أبعادها (3×5م)تقريباً، ولها مدخل يفتح في الجدار الأمامي الجنوبي، ويؤدي إلى أرضية الحجرة التي يتوسطها قبران بارزان كل منهما (70سم) تقريباً، وسقف الحجرة من الخشب المحلي..
4-        النابي: يقع موع النابي في قمة جبل شعار، المطل على وادي تعشر من الناحية الشرقية، وهو مبنى مستطيل الشكل أبعاده (30×20م)تقريباً. يتكون من عدة طوابق اندثر سقف وجدران الطابق العلوي منه، وتراكمت أحجاره ومخلفاته داخل المبنى وحوله. جدران المبنى سميكة مشيدة بأحجار صلبة، وله مدخل يفتح في واجهته الأمامية الغربية، ويؤدي إلى دكة مستطيلة الشكل تتقدم حجرات ومخازن الطابق السفلي والسلم الدرجي الذي يتم الصعود بواسطته إلى بقية طوابق المبنى الأخرى وسقفه، وقد أحيط المبنى بسور جدرانه سميكة، الجزء الشمالي الشرقي منه مازال قايماً وبوضع جيد، ويضم السور إلى جانب المبنى عدداً من برك الماء وبقايا جدران وأساسات مبان أخرى صغيرة ومهدمة كلياً..
5- دعبوش: مبنى مستطيل الشكل أبعاده (32×20م) تقريباً، وجدرانه سميكة مشيدة بأحجار صلبة مهندمة ومصقولة، ويتألف المبنى من عدة طوابق، وتتخلل جدرنه العليا وسقفه فتحات صغيرة للإضاءة والتهوية والمراقبة ومزاغل للرماية، بينما جدار الطابق الأسفل منه مصمت باستثناء المدخل الواقع في جداره الجنوبي، وعله باب خشبي يفتح على ممر (دهليز) تفتح عليه حجرات وغرف الطابق السفلي، والسلم الدرجي المؤدي إلى سقف المبنى وطوابقه العليا،  وقد أحيط المبنى بسور خارجي اندثر الجزء الأكبر منه، وما زالت آثاره واضحة في الجهتين الشرقية والشمالية، ويضم السور إلى جانب المبنى المشار إليه بركاً للماء ومدافن للحبوب محفورة في الصخر، وعدداً من المباني الملحقة به..
6- الكدس: الموقع عبارة عن مبنى بشكل برج له شكل أسطواني أبعاده (25×20م) تقريباً، وقطره (9م) تقريباً، وجدرانه سميكة مشيدة بأحجار صلبة مهندمة ومصقولة، ويتألف من عدة طوابق اندثر الجزء العلوي منه، وتراكمت أحجاره ومخلفات وأنقاض سقفه وطوابقه العليا في الطابق السفلي. يفتح في واجهته الأمامية مدخل المبنى، ويؤدي إلى دكة تتوسطه تفتح عليها أبواب حجرات ومخازن الطابق السفلي بالإضافة إلى مدخل يتصل بسلم درجي يؤدي إلى سقف البرج وطوابقه العليا التي اندثر الجزء الأكبر منها، وتتقدم المدخل من الخارج ساحة مكشوفة بسور حاجز جداره تتخلله مزاغل الرماية ومتاريس يقف خلفها الرماة، وعدد من الأبنية الصغيرة والملحقات الملاصقة لجدران السور من الداخل..
 من المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال:  (حجة معالم وأعلام/ للباحث يحيى محمد جحاف/ الطبعة الأولى 1434هـ 2013م/دار الكتب اليمنية)، (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (تاريخ اليمن السياسي في العصر الإسلامي/ دكتور حسن سليمان محمود، أستاذ بجامعة بغداد/ الطبعة الأولى 1969م/ مطابع سجل العرب)، (موسوعة اليمن السكانية/ تأليف الدكتور محمد علي عثمان المخلافي/ الطبعة الأولى2006م)، (الموسوعة اليمنية/الطبعة الثانية)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، (اليمن الكبرى/ للمرحوم العلامة حسين بن علي الويسي)، (ثلاثة مقالات عن محافظة صعدة نشرتها في صحيفة الثورة)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م. أحمد غالب عبدالكريم المصباحي..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق