الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

مدينة ذمار



الثروات والكنوز الحضارية  والمدن التاريخية في محافظة ذمار
مدينة ذمار مدينة العلم والعلماء
الحلقة الثانية

                                إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم، يسرني أن أقدم لك في هذا المقال وعلى صحيفة الثورة الغراء مدينة ذمار (مدينة العلم والعلماء)؛ التي لي فيها الكثير من الذكريات المرتبطة سواء بالمكان أو بأعلامها، ففي فجر ثورة 26 سبتمبر 1962م كان ينزل عند عمي المرحوم القاضي عبدالكريم العرشي – نائب رئيس الجمهورية سابقاً -  القاضي المرحوم يحيى الصديق من أعلام مدينة ذمار، ولم أشعر في فجر ذلك اليوم إلا والقاضي يحيى الصديق يناديني يا قاضي محمد أكتب عندك خلافة الإمام المنصور (البدر) سبعة أيام، وكانت هذه العبارة قد حفرت في تكويني الثقافي بأن اتعاطى مع كتب التاريخ وأن أكتب عن تاريخ اليمن، وأذكر بأنه في اليوم الثالث لقيام ثورة سبتمبر 1962م استُدعيَّ عمي المرحوم القاضي عبدالكريم إلى مجلس القيادة، وتم تكليفه من قبل المرحوم المشير السلال بعمل مدير قضاء ذمار ولم تكن في ذلك الوقت محافظة واستطاع بحنكته الإدارية والقيادية وخبرته ببيئة مدينة ذمار ونفسية رجالها وعاداتها وتقاليدها أن يدير محافظة ذمار وجنبها في ذلك الوقت الكثير من الخسائر المادية والبشرية، وفي نفس الوقت وفرَّ على الدولة المركزية في صنعاء الكثير من الخسائر المادية والبشرية، ووفر أيضاً على القوات المصرية الكثير من الخسائر.. وشاءت الصدف أن تجمعني بمدينة ذمار وأحد أعلامها المعاصرين في ذلك الوقت وهو العلامة أحمد بن أحمد سلامة (1335هـ - 1916م/1407هـ- 1987م) الذي تعرفت عليه في طفولتي في منزل عمي عبدالكريم العرشي وأتذكر أنه في سنة 1966م زارني المرحوم الصفي أحمد سلامة إلى مدينة البعوث الإسلامية بالعباسية في مدينة القاهرة، وهو بزيه اليمني (العمامة والجبه) وقامته الفارعة، ولما رأوه طلبة البعوث الإسلامية تجمهورا عليه حتى أوصلوه إلى غرفتي، وفوجئت بزيارته، وكأنه زارني والدي أو أحد أقربائي، ولما علم الطلبة اليمنيون الذين كانوا في مدينة البعوث الإسلامية وصلوا لزيارته وقد قمنا بإقامة مأدبة غداء متواضعة له، شارك فيها الطلبة اليمنيون، وحضرها بعض الطلبة من الدول العربية والإسلامية، وبعد أن أدينا صلاة الظهر في جامعة مدينة البعوث الإسلامية قام الصفي سلامة بإلقاء محاضرة قيمة تضمنت تفسير سورة العصر، أعجبت جميع من حضر للصلاة في الجامع وبعد الصلاة اجتمع الطلبة من كل جنسيات العالم الإسلامي للسلام عليه والتبرك به.. ومن يرد أن يعرف الكثير عن ذمار وأعلامها فعليه بكتاب (مطلع الأقمار ومجمع الأنهار في ذكر المشاهير من علماء مدينة ذمار ومن قرأ فيها وحقق من أهل الأمصار) تأليف العلامة شرف الدين الحسن بن الحسين بن حيدرة بن إسماعيل القاسمي الحسني الطالبي، وتحقيق عبدالله بن عبدالله بن أحمد الحوثي..
مدينة ذمار
تقع في محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء على بعد 100كم. وذكر الحجري في (مجموع بلدان اليمن) أن مدينة ذمار ترتفع عن سطح البحر ثمانية آلاف قدم. وذمار: بالفتح. مدينة كبيرة جنوب صنعاء، يعود تاريخها إلى القرن الأول للميلاد، وقد سُميت باسم ذمار بن يحصب بن دهمان بن سعد بن عدي بن مالك بن سدد بن حمير الأصغر، هكذا ذكر ياقوت في معجمه، وقيل هي ذمار بن بهبر بن مالك بن سبأ وذو ريدان ورد ذكرهم في القرن الأول للميلاد. وهي في سهل زراعي منبسط وموقعها يتوسط بين صنعاء ومدن الجنوب. كان لها دور تاريخي قبل الإسلام ثم اشتهرت كواحدة من أهم مراكز الإشعاع العلمي في اليمن.
وتنقسم المدينة إلى ثلاثة أحياء: الحوطة، والجراجيش، والمحل. أما اليوم فقد إتسع عمرانها وامتد في كل اتجاه وأُقيمت أحياء جديدة. وترتفع المدينة بنحو 2700م من سطح البحر، وهي أعلى من صنعاء بـ400متر.  والمدينة عامرة بالمساجد الأثرية أهمها جامعها الكبير الذي يعود بناء أصله إلى عهد الصحابة وقيل أنه بني بعد الجامع الكبير في صنعاء وقبل جامع الجند. وقد أنيرت المدينة حديثاً بالكهرباء. وبالشرق من ذمار جبل اللِّسي على بعد 20كم، الشهير بمعدن الكبريت. وقال ابن مخرمة في كتاب النسبة إلى البلدان: ذمار بكسر الذال وقيل بفتحها ثم ميم ثم ألفاً ثم راء مهملة مدينة على مرحلتين من صنعاء سميت بقيل من أقيال حمير ومن خواص مدينة ذمار أنها لا توجد فيها حية ولا عقرب، وإذا دخل إنسان بحية أو بعقرب إلى ذمار فعند دخوله الباب تموت الحية يقال إن أرضها كبريتية لا يقيم بها من المؤذيات شيء إلا هلك، ومنها يجلب الكبريت إلى سائر مناطق اليمن ويكون عمق آبار هذه المنطقة ثلاثة أذرع (كان هذا قديماً) أما الآن فقد غار الماء وأصبحت الآبار الإرتوازية ذات أعماق هائلة. وقال الحجري في (مجموعه): أما الكبريت فمعدنه جبل اللسي، وجبل اللسي يقال له جبل الشَب.. وهو في مشارق ذمار على مسافة فرسخين، وفي كهف جبل اللسي بحر ماء حار يغلي وكل مريض يمرض من أهل البلاد يأخذ منه فدى كل على قدره يُعرى به على باب الغار وينزل وبعد ذلك يسبح في الماء وما يخرج منه إلا وهو متعافٍ. وفوق منه مدينة مدور من جبالها يستخرج وتسمى المعدن والمقر.. ومسألة الحية والعقرب يبحث عنها فإن أكثر بلاد عنس وبلاد يريم الجبلية لا توجد فيها الحيات لشدة البرد.
وذمار المدينة المشهورة جنوب صنعاء، على بعد ثلاث مراحل، وهي في وسط بلاد عنس الشهيرة والغنية بالآثار. فهي حميرية على الطبيعة، ولاتزال النبرة الحميرية ظاهرة في لهجاتهم. وذمار لها ذكر في النقوش كثير. وقد وجد في التمثال البرونزي، الذي استخرج من آثار النخلة الحمراء، والموجود الآن في متحف الآثار وبصدره كتابة حميرية، فيها لفظ (ذمار علي)، وقد عُد هذا في سلسلة ما يذكر من ملوك حمير. ولعل المدينة سميت باسمه، وذكر حكاية في معجم البلدان لياقوت، أن قريشاً لما هدمت الكعبة وجد في أساسها حجر مكتوب بالمسند، فيه "لمن ملك ذمار؟ لحمير الأخيار" لمن ملك ذمار؟ للحبش الأشرار" لمن ملك ذمار؟ لفارس الأحرار" لمن ملك ذمار؟ لقريش التجار" ثم حار محار، أي رجع مرجعاً".
والمدينة بنفسها آثرية، وفيها من الأثار الإسلامية: المسجد الجامع، فإن أصله من بناء الصحابة، رضي الله عنهم، الذين تولوا اليمن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم وسعه الملوك من بعد، حتى صار إلى ما هو عليه الآن، وقد حكى الرازي في (تاريخ صنعاء) أن جامع ذمار بني بعد جامع صنعاء بأربعين يوماً.
وفي بلاد ذمار من الآثار كثير، أجلها مطمورة تحت التراب والأنقاض، فمن الآثار الظاهرة ما بقرية "هَكِر" المعروفة في جبل زُبيد، بها آثار عجيبة تدل على عظمة البانين، ورقيهم في الفن المعماري، ومنها "موكل"، قصر أثري حميري، ويطل عليه جبل يراخ، فيه آثار حميرية، ومنها "أضرعة"، بجنبه، وكانت محل الملوك كما حكى في الإكليل، ج8ص   "وفيها آثر سدين للماء، وكذا في حصن "أفيق" من عنس السلامة، آثار حميرية. وفي المحل المسمى "قرن ذمار" آثار حميرية. وفي قرية "رخمة" بها أحجار مكتوبة بالمسند، وقد نقلت إلى عمارة البيوت الحديثة، ولعب بها الجهال، إلا ما بقي مطموراً تحت التراب. ومدينة "المجرب"، شرقي ضيق قعوان. وكذا في جبل عمد من البناء والآثار ما يدهش. وفي "هران" بقية خرائب ومدافن منحوتة. وفيها بين جبل الدار، ونجد الأسلاف عمارة ضخمة، ظاهرة على وجه الأرض بارتفاع نحو متر، كأنها سد أرضي لحجر المياه الجوفية. وفي جبل "حصة" من وادي الحار، آثار، ولا تزال مرابط الخيل فيه باقية. وعلى مقربة من قرية "ورقة الأهجر" فيها آثار باقية.
وبالجملة فإن بلاد ذمار غنية بالآثار الحميرية، تحتاج إلى بحث وتنقيب. ومن حصون بلاد ذمار والمحيطة بها: الربعة، في مخلاف وادي الحمَّام، ثم رُخمه، ثم الِّلسي، وفي قمته حمام طبيعي يقصده بالاستعمال للتداوي من الرياح والحكة والجرب. ثم حصن، الخلقة، وذي حولان، وبوادي الحمام: أنس، الحمام الطبيعي، ذو العيون الحارة المتعددة، ويقصد للتداوي في موسم خاص.
هذا، ومما ظهر من الآثار في عام 1372هـ في المحل المسمى حمَّة كلاب عنس، المقادشة، بجوار أسبيل المشهور. ويبعد هذا المحل عن مدينة ذمار بنحو 35كم، وهو عبارة عن أكمة تراب متوسطة الارتفاع، وأنه وجد بها أربعة بيوت أرضية كانت مدفونة بالتراب، منها بيت مبني بالحبش، محكم البناء، ومدرج. ويبدوا أن الذي قد ظهر منه هو الطبقة الثانية. وعلى الأبواب والنوافذ رسوم الزهرة، وبعضها القمر والزهرة. وفي بعض البيوت الأربعة ما هو صالح للسكنى، ما ينقصه إلا وضع الأخشاب والسقف. وهناك أحجار منقوشة، ورسوم شجرة العنب، وأحجار محفور بالمسند الحميرية والأعمدة الطويلة، ونحو ذلك. وسبب ظهور ذلك أن المواطنين حفروا بعض هذه الأكمة، فاكتشفوا ما ذكر، وما خفي أكثر. وبجوار هذه الحمة حمة سليمان، وحمة قارون، وتوجد بها الآثار الحميرية، وكأن الآكام في لغة حمير تسمى حمة..
كما أن المدينة من المدن الرئيسية المشهورة بالعلم والعلماء في اليمن، بل أن بعض المصادر التاريخية تفيد أن بالمدينة حوالي 254مسجداً ومدرسة علمية، ففي ذمار مساجد كثيرة غير الجامع الكبير وغير المدرسة الشمسية، منها مسجد الإمام يحيى بن حمزة الحسيني المتوفى سنة 747هـ وقبره بجوار مسجده رحمه الله، ومسجد الإمام المطهر بن محمد بن سليمان المتوفى سنة 879هـ وقبره بحوار مسجده، وبالقرب منه مشهد الحسين بن الإمام القاسم بن محمد المتوفى سنة 1050هـ ومسجد الحسين بن سلامة صاحب زبيد ومسجد الأمير سنبل بن عبدالله عمَّره سنة 1024هـ وأرّخ له بقوله: يا رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة. ومسجد الأسد بن إبراهيم بن أبي الهيجاء الكردي وهو والد فاطمة بنت الأسد زوجة الإمام صلاح الدين، وأم ولده علي بن صلاح ومن محاسنها عمارة مسجد الأبهر بصنعاء. وقبة دادية من عمارة بعض أمراء الأتراك، ولها أوقاف جليلة في بلاد خبان. ومسجد الويس ومسجد السيد صلاح ومسجد الربوع ومسجد عمرو ومسجد الشيخ ومسجد فرح ومسجد عبيلة ومسجد الصديق ومسجد دريب وإليه تنسب عقبة دريب وهي عبارة عن ثنتين درج.
وبذمار حمامان وتنقسم ذمار إلى ثلاث محلات: الحوطة والجراجيش والمحل والسوق في وسط المدينة بين الثلاث المحلات وحوله سماسر ينزلها المسافرون ودوابهم.
وممن نسب إلى ذمار: ربيعة بن الحسن بن علي الحافظ المحدث الرحال اللغوي أبو نزار الحضرمي الصنعاني الذماري الشافعي ولد في شبام حضرموت توفي سنة تسع وستمائة..ومن مشاهير البيوت في ذمار: بنو الوريث، وبنو الكاظمي، وبنو الدولة، وبنو المهدي (وكلهم من ذرية الإمام القاسم بن محمد علي)، ثم بنو السوسوه (من ولد العلامة أحمد بن محمد الشرفي مصنف كتاب "شرح الأساس" في الفقه)، وبيت الديلمي (من ولد الإمام أبي الفتح الديلمي المتوفي سنة 440هـ، وهم نحو أربعين بيتاً)، وبيت الحوثي (من أولاد الإمام ابن حمزة)، وبنو مُطَهَّر (من ولد الإمام المطهر بن محمد بن سليمان)، وبنو العنسي (من مذحج، وهم بيوت عديدة)، وبنو الأكوع (من حمير)، وبيت العيزري،وغيرهم الكثير...
من أبرز أعلام ذمار
ذمار بشكل عام والمدينة بشكل خاص تشتهر بمدينة العلم والعلماء، فأعلام ذمار كثيرون لم يقتصر وجودهم على فترة تاريخية محددة، بل على مدى العصور والأزمان.. ونحن هنا وبقدر المجال والمساحة المحددة لنا في صحيفة الثورة الغراء، سأورد بعضاً من هؤلاء الأعلام على سبيل المثال لا الحصر، ومنهم:
- عبدالله بن يحيى الديلمي: ولد السيد العلامة الشاعر عبدالله بن يحيى بن عبدالله الديلمي في مدينة ذمار في عام 1334هـ 1913م وقد نشأ يتيماً وعاش مع أخويه الأكبر والأوسط في بيت بسيط يشتهر بالعلم والأدب ومكارم الأخلاق وقد تلقى تعليمه في المدرسة الشمسية التي كانت في ذلك الوقت محطاً للعلماء وطلاب العلم الوافدين إليها من كل حدب وصوب حيث تلقى فيها العلوم الشرعية في شرح الأزهار والفرائض الشرعية وعلوم النحو والصرف والمعاني والبيبان وغيرها وقد قرأ للكثير من شعراء وأدباء العربية قديماً وحديثاً إضافة إلى أنه حفظ الكثير من الأشعار والجدير بالذكر أنه تتلمذ على يد العديد من العلماء الأفذاذ آنذاك أمثال القاضي العلامة أحمد محمد الأكوع والقاضي علي بن حسين الأكوع والسيد العلامة الشاعر أحمد عبدالوهاب الوريث وغيرهم. وله الكثير من الشعر ومنها (ملحمة السبعين "قيلت هذه القصيدة بعد حرب السبعين يوماً")، نورد منها الأبيات التالية:
تحية النهدين لصنعاء
أيه (صنعاء) يا عروس الجبال

ومقر العباقر الأبطال

أنت نور الوجود شع على الكون

علوماً مدى العصور الخوالي

نشأ الفكر بين حضنيك سمحاً

فتسامت مصانع العمال

صانك الله كم تعرضت دوماً

للعوادي وجحفل الأهوالِ

ووقاكِ من فتنة شنها العادون في

شر ما رأته الليالي

فاشكري من أحاط ناحيك حسناً

بالرواسي وعاليات التلال

جبل نقم يخاطب صنعاء:
من أراك السبعين يوماً صموداً

وقياماً بواجبات النضال

من حما أرضك الحبيبة عزاً

إذ رمتك الأحداث بالأثقال

أصحيح عيبان خانك ذوداً

وتلقى الغزاة بالإجلال

وأنبرا يرسل القذائف ناراً

من حميم الدانات والزلزال

وتهاديت للعلا بثبات

وفديناك بالدماء الغوالي

صنعاء تخاطب جبل نقم:
أنت طودي ولا أرى عيبان

ذلك إلا مراوغاً خواناً

كنتُ معتزةً بانكما الحصنان

لي قد خلقتما صنوانا

فإذا باللهيب يقذفه عيبان

نحوي ويشعل النيرانا

جار حرباً سبعين يوماً تباعاً

وأراني داناته ألوانا

ولعمري لولا دفاعك عني

كان عيبان خاط لي أكفانا

تدفعان العدوان عني ذوداً

وترداه خاسئاً ومهاناً

قومي الصيد الأشاوس طراً

لا يزالوا يهدونك الشكرانا

- عبدالله محمد بن يحيى بن محسن العيزري: عالم محقق في الفقه وعلوم العربية والتفسير، وعلم السنة، مع معرفة بتاريخ الإسلام بعامة وتاريخ اليمن بخاصة، ولاسيما تاريخها الحديث الذي كان أحد شهوده أو راويه عن شهوده الذين شاركوا في صنعه. بل كان أحد صانعيه، فقد كان داعية للإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين... مولده في ضوران في شهر ربيع الأول سنة 1278هـ وفاته في ذمار ليلة الجمعة 15 رمضان 1364هـ...
- القاضي العلامة يحيى بن يحيى بن يحيى العنسي: العميد، فقيه البيئة الزراعية في اليمن، الفلكي والخبير الوطني الغيور على وطنه، الذي دافع عن الثورة اليمنية في الأعوام الأولى من قيامها، ولد في 24ذي الحجة 1367هـ الموافق 27 أكتوبر1928م في مدينة ذمار التي اشتهرت بالعلماء والأدباء والشعراء، ولا سيما القضاة من آل العنسي، وهو سليل أسرة من العلماء توارثوا العلم والفقه لعدة قرون، درس وترعرع في مدينة ذمار، ثم التحق بالسلك العسكري، وتحصل على بكالوريوس في العلوم العسكرية من الكلية الحربية التي تخرج منها سنة1967م.  وهو من الباحثين المبدعين والمجددين في أبحاثهم، صاحب همة عالية شغوف بالعلم والمعرفة، فبرز في علم الفلك والعلوم الزراعية، وقد تماهى في حب اليمن وأرضها وفضائها، وألف مؤلفات في مجالات الفلك والزراعة في اليمن فبَهر بها كل من أطلع عليها، ولفت بها أنظار مراكز الدراسات اليمنية والغربية والأمريكية في اليمن، فتبنت هذه المراكز طباعة كتبه، منها: (الدائرة الفلكية الزراعية لليمن، طبعتها مركز الدراسات اليمني، ثم أعادت طباعتها المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (G.T.Z)). كتاب (المعالم الزراعية في اليمن)، طبع عام 1998م، على نفقة المركز الفرنسي للدراسات اليمنية، والمعهد الأمريكي للدراسات اليمنية. كتاب (المواقيت الزراعية في اليمن)، في أقوال علي ولد زايد والحميد بن منصور، طبع عام 2003م، طبعه المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية والمعهد الأمريكي للدراسات اليمنية. وتعتبر الدائرة الفلكية الزراعية لليمن، الصادرة عام 1979م، أول عمل علمي جاد يقوم على أبحاث ميدانية، حيث تنقل العلامة يحيى العنسي عند إعدادها بين محافظات الجمهورية لجمع الأمثال الزراعية اليمنية ونظراً لارتباط علم الفلك بالأمثال الزراعية فقد قام يدراسة وتحليل الأمثال الشعبية اليمنية والمقارنة بين الأمثال الزراعية اليمنية وعلم الفلك ومواقيت مواسم الرياح والأمطار حسب الفصول الأربعة المعروفة. قال عنها السيد (فرانك) مدير المركز الفرنسي للدراسات اليمنية: أن الدائرة الفلكية الزراعية في اليمن هي موسوعة حقيقية للمعرفة الزراعية التقليدية في اليمن.
ومن المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (برهان البرهان الرائض في الجبر والحساب والخطأين والأقدار والفرائض/ تأليف العلامة برهان الدين إبراهيم بن عمر البجلي/ تحقيق محمد بن محمد بن عبدالله العرشي)، (أول رحلة فرنسية إلى العربية السعيدة/ تأليف جان دي لاروك/ ترجمة منير عربش/ تقديم توميسلاف كلاريك/ من إصدارات وزراة الثقافة والسياحة 2004م)، (الموسوعة اليمنية)، (المدارس الإسلامية للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (معجم البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي/ للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (تاريخ مدينة صنعاء/ للرازي/ تحقيق د.حسين العمري)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع)،(هجر العلم ومعاقله في اليمن/ القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)،  (اليمن الكبرى/ حسين بن علي الويسي/ الطبعة الثانية 1991م)، (مجلة الحكمة اليمانية 1938 – 1941م وحركة الإصلاح في اليمن "دراسة ومقالات"/ تأليف د.سيد مصطفى سالم/ جمع المقالات علي أحمد أبو الرجال/ إصدارات وزارة الثقافة والسياحة 2004م).
alarachi2012@yahoo.com

هناك تعليق واحد: