السبت، 26 مارس 2016

مديرية عنس الحلقة الثانية

الثروات والكنوز الحضارية  والمدن التاريخية في محافظة ذمار
مديرية عنس الحلقة الثانية
موطن الصحابي الجليل عمار بن ياسر

إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم لصحيفة الثورة الغراء، لقد عودتك ولا سيما أبنائي من الشباب أن أتناول في مقالاتي ثرواتنا من الكنوز الحضارية والتراثية من يمننا الحبيب تصديقاً لقوله تعالى "بلدةٌ طيبة ورب غفور".. وفي نفس الوقت أتناول بعض الشخصيات العلمية أو الإدارية أو السياسية غير النفعية، وفي هذا المقال أتناول مديرية عنس بمحافظة ذمار وهي الحلقة الثانية عن هذه المديرية.. وعلمُنا هو الصحابي الحليل عمار بن ياسر وهو من الصحابة الذين ترجموا القرأن الكريم قولاً وعملاً حتى انتشر في جميع قارات العالم، وارتفع صوت الآذان في أرجاء المعمورة، وسنُطلع القارئ الكريم في هذا المقال عن موجز من سيرته، ومن أراد المزيد فعليه الرجوع إلى المراجع العلمية الأخرى.
وفي نفس الوقت سأكتب عن شخصية معاصرة من مديرية عنس، وهو المرحوم الأستاذ الوزير/ محمد عبدالوهاب جباري (1350 – 1430هـ/ 1931 – 2009م)، مؤسس اقتصاد اليمن الحديث والدولة الحديثة، ولا سيما في الجمهورية العربية اليمنية (قبل الوحدة اليمنية)، وفي نفس الوقت مشاركته في تأسيس بعض الشركات في أواخر عهد المرحوم الإمام أحمد، وستطلعون على موجز مختصر من سيرته في طي هذا المقال، ولقد كانت علاقتي به علاقة أبوية، وعلاقة علمية كعلاقة الأستاذ بطلابه، ولعل الذين تابعوا ذكرياته التي نشرتها صحيفة 26 سبتمبر، العدد 1311، الخميس 08 مارس - آذار 2007م، يعرفون من هو الأستاذ الوزير الاقتصادي/ محمد عبدالوهاب جباري..
من أشهر المعالم والكنوز الحضارية والأثرية في مديرية عنس
1- جبل اللسي: ورد ذكره في النقوش السبئية المتأخرة (إسي)، ويذكره "الهمداني" أيضاً في كتابه "صفة جزيرة العرب": بالأسي في منطقة قرب ذمار إلى الشرق (25كم) وعلى ارتفاع (2800متر) عن مستوى سطح البحر، وفيه معدن الكبريت وحمام طبيعي"، وفي هذا الجبل العديد من المآثر والمناجم المعدنية كالفحم والكبريت والماغنسيوم وغير ذلك حسبما أقرته البعثة الجيولوجية السويدية التي زارت المنطقة  في عام (1959م)، وفي قمة الجبل توجد قلعة عسكرية تركية يعود تاريخ بناؤها إلى القرن (الحادي عشر الهجري)، ويقول الحاج "أحمد بن عيسى الرداعي" في أرجوزة الحج عن اللسي:
ثم معش ليلها إسي
حيث بنى حمامه النبي

ويشير "ابن المجاور" في كتابه "صفة بلاد اليمن" إلى اللسي باسم (الشب)، وجميع حجره مدورة يمناه – وشامه، ويمينه قطعة واحدة، وفيه كهف يحتوي على ماء حار يغلي وكل مريض يمرض من أهل البلاد يأخذ منه فيد – كل على قدره – يعرى به على باب الغار، وينزل وبعد ذلك يسبح في الماء، وما يخرج منه إلا وهو متعاف، وفوق منه – أي في قمة الجبل – مدينة مدور من جبالها، وهي عند صاحب "معجم البلدان" أكمة سوداء فيها حمة تعرف بحمام سليمان يستشفون من الأمراض والجرب وغير ذلك، أما القاضي المرحوم محمد بن علي الأكوع؛ فيضيف جبل اللسي بأنه أكمة كبيرة كأنها الصبرة من الطعام، وفي جوانبها فجوات يتفاعل معدن الكبريت الموجود بها، وكان يستعمل إلى عهد قريب، والحمام لا يزال يعرف باسمه ووصفه، وكان الأهالي يتخذون من الكبريت الذي يستخرج مـن الجبل بعد تصنيعه باروداً في عهد استخدام البندقية (أبو فتيلة) وقد أصيب الجبل بأضرار في حادث زلزال (1982م).
2- هَـكِـر: بفتح الهاء وكسر الكاف وبالراء المهملة، وهي من البلدان الحميرية المشهورة، وهي مصنعة قائمة، في وسطها حقل تحيط به تلال من يمناه وشماله، وبجانبها قرية الأهجر وهي قرية خاربة من مديرية عنس، ويقول الشاعر الحميري:
وما هَكِر من ديار الملوك
بدار هوان ولا الأهجرُ

وهي مدينة لـ"مالك بن سقار بن مذحج"، وكذلك حصن باليمن من أعمال ذمار، وهي قرية أثرية تاريخية، تقوم على أنقاضها قرية حديثة تحمل الاسم نفسه وترجع إلى مخلاف عنس وأعمال ذمار، وتبعد عن ذمار شرقاً مسافة (35كم)، طريقها حقل الديلمي بالقرب من (يراخ) إلى الجنوب الشرقي، وهي مجرد قرية صغيرة بنيت على سطح الجبل وحولها العديد من الخزانات المنحوتة في سفح الجبل والتي كانت تستقبل المياه بواسطة مجرى خاص مُد لها من سد أضرعة، وفي هَكِر العديد من المباني الحميرية التي لا تزال على وضعها بعد تحديثها وبنائها من جديد في العصور اللاحقة، وهناك نقش بخط المسند على  مدخل المسجد يرجع إلى عام (281ميلادية)، يذكر الملك "شمر يهرعش" ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنات، ونقش آخر يحمل اسم الملك "ياسر يهنعم" وكلا النقشين يتعلقان بمدينة هَكِر والمنشآت التي أقامها الملكان، ومن ثم نستطيع القول أن هَكِر قد بنيت كمدينة في (أواسط القرن الثالث للميلاد) على يد الملك "ياسر يهنعم" مع قصر يتكون من طابقين وأن سورها وأبراجها وأبوابها وبرك الماء فيها قد بنيت بأمر الملك "شمر يهرعش"،  وهكر عند "الهمداني" جبل أبيض في عنس شيد عليه قصر.
3- أضرعة: تقع جوار هَكِر وتتبع بلاد عنس، وفيها سـدا حبرة من السدود الحميرية أحدهما غـربي أضـرعة والآخر شرقها، طول السد الغربي نحو (100ذراع)، وعرضه نحو (30ذراعاً)، وارتفاعه نحو (70ذراعاً)، وقد بقي منه نحو النصف قائماً إلى عهد غير قريب كالمنارة، والسد الشرقي طوله نحو (ثلاثمائة ذراع) وعرضه (24ذراعاً)، وكان يخزن من الماء ثلاثة أضعاف السد الغربي، وتدل آثار البناء على قدمه بنحو ألف سنة، أما مخزن الماء فنحو ميل مربع وينسب للسدين آل حبرة – بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة والراء المهملة ثم التاء المربوطة – وهي بلدة خاربة قرب السدين ومجرى الماء نحو الميل أو يزيد عنه بين جبلين، ويبلغ عمق السد (8م) تقريباً، وأطـوال أحجـار البـناء تتراوح من (3-4مترات) خاصة التي في الأساسات، كما استخدمت مادة الرصاص كمادة رابطة بين الأحجار، بصورة عامة وهناك تجديدات متلاحقة أُحدثت على هذين السدين، إلا أن سدود أضرعة من أشهر السدود التاريخية التي ترجع إلى فترة ما قبل الإسلام.
4- الأهجـر: الأهجر قرية من قرى مديرية عنس  بمحافظة ذمار، وهي بلدة حميرية بالقرب من قرية ورقة وهَكِر بالشمال الشرقي من ذمار (12كم)، وينسبها الإخباريون إلى "الأهجر بن شهران بن بينون بن منياف بن شرحبيل بن يتكف بن عبد شمس" يقول علقمة:
أو لا ترين وكل شيء هالك
هَكِر فما أرجو لها من أهجرِ

وكانت الأهجر قد تعرضت للخراب في إحدى الفترات التاريخية ثم دبت إليها الحياة، وسكانها اليوم هم بنو البخيتي، وقبل الحديث عن الأهجر ينبغي أن نعرض سريعاً لبعض المصطلحات التي تتعلق بالمدينة اليمنية القديمة وتسمياتها، وأول هذه التسميات هي (الهجر) والهجر بلغة أهل اليمن قديماً (هو المدينة)، وكانت تكتب بخط المسند (هـ ج ر ن) أي هجران والنون في آخر الكلمة تقابل أداة التعريف بلغتنا العربية الحالية أما بدون التعريف فتكتب (هجر) تماماً مثل هجر اسم المدينة الإسلامية المعروفة من قبل الإسلام في شرق الجزيرة العربية أو مثل هجر كحلان في وادي بيحان أو هجر (امناب) في وادي مرخة وغيرها، ويبدو أن الأهجر التي نحن بصددها هي مجموعة مدن متقاربة ترجع إلى فترة ما قبل الإسلام حسبما دلت عليه التنقيبات الأثرية في المنطقة. وتقع الأهجر إلى الغرب من قرية (ورقة) شرقي جبل رفان، وتحيط بها الأراضي الزراعية والأودية، ويبلغ ارتفاعها عن مستوى سطح البحر حوالي (3000قدم)، وهي منطقة بركانية ذات صخور رسوبية.
وقد تم اكتشاف الكثير من المكتشافات الأثرية عند التنقيب في المنطقة، ومن أهم هذه المكتشفات: (تمثال صغير من الحجر الكلسي "البلق" لثور على قاعدة مستطيلة، حوالي "22 آنية" من الفخار مختلفة الحجم والشكل، أربعة خناجر حديدية مكسرة، سيف متكامل من الحديد مع مقبض من القرن،خمسة أساور من البرونز، قطع من النقود الفضية المتنوعة وغيرها من اللقى الأثرية القديمة).
5- قرية حورور: تقع قرية حورور جنوب غرب حمة ذئاب بمسافة (6كم) تقريباً، يحدها من الشمال جبل وادي تالبه وغرباً جبل ووادي لبان وشرقاً جبل إسبيل ووادي المعلاف، ويشير إليها القاضي المرحوم محمد بن أحمد الحجري في كتابه "مجموع بلدان اليمن وقبائلها" بأنها قرية المقادشة من مخلاف إسبيل في عنس وأعمال ذمار ويضيف قالت غزالة المقدشية تعاتب الشيخ "علي ناصر الشغدري" حين خرج مع الجيش النظامي إلى حورور:
والله لو ما حورور يا علي ناصر
أف الحـدا ذي ترد الغيد من ظلمـان

حليت زغن النمرْ وانا عليكْ حادر
        ما بين قيفي وكوفاني وبين ثوبــان

هي دولة الحق للفطرةْ وللعاشـر
نمير المشايخ تبا الطمعةْ لها عـدوان

6- قرية قُبَاتِل: "بضم القاف وفتح الباء وكسر التاء وآخره اللام"  قرية من عزلة منقذة بمديرية عنس ينسبها الإخباريون إلى "قباتل بن جهران بن يحصب".  وعن قباتل يقول الحكيم اليماني علي بن زايد:
لا  سقــى الله قُبَاتِـــل
ولا رحم من بناهـــا

ذريت بتسـعـه وتـسعين
جـات المائة لا سـواها

ويذكر المؤرخ المرحوم الحسن الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" أن قباتل قرية من ضمن قرى جهران، وأن فيها آثاراً حميرية وهي مع قرية ضاف قد آتى ذكرهما في بعض النقوش اليمنية القديمة. ويُذكر أن حصن قباتل شيد مرتفع جبل يتم الصعود إليه بواسطة درج في الواجهة الجنوبية مرصوف بالحجارة، ويتقدم الحصن بناء مستطيل الشكل تبين من أساساته أنه مسجد، وبجانبه بركـة للمياه أتساعها (5م) طولاً، (3م) عرضاً، (8م) عمقاً، وهي مدرجة إلى أسفل ويحتوي الحصن على مجموعة مدافن كانت تستخدم لخزن الغلال ومدفن آخر محفور في الصخر يقع في الناحية الجنوبية من الخارج وعلى بعد (50م) تقريباً شرقي الحصن توجد خرائب لمبانِ سكنية يبدو أنها شيدت في فترة لاحقة من بناء الحصـن..
من هجر العلم في مديرية عنس
- باب الفِلاك: ويقال لها الفلكة، وهي قرية عامرة من مخلاف جبل الدار، وأعمال ذمار، وتقع في الشرق من مدينة ذمار على مسافة نحو خمسة كيلومتر تقديراً. وقد ترجم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ(4) من أعلامها. هم: محمد بن ناصر بن محمد بن صلاح الفلكي المذحجي، صلاح بن محمد بن ناصر بن محمد بن صلاح الفلكي، محمد بن صلاح بن محمد بن ناصر الفلكي، يحيى بن علي الفلكي.
- جُبَار: قرية عامرة متصلة بقرية أضرعة من جهة الشرق من مخلاف زُبيد، وأعمال ذمار. وتبعد عن مدينة ذمار شرقاً، بجنوب بنحو ثلاثين كم. ينسب إليها آل الجُباري. ترجم القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن)  لـ"3" من أعلامها، هم: يحيى بن إسماعيل الجُباري، حسين بن إسماعيل الجباري، علي بن ناصر بن ناجي الجباري. وإليها يُنسب العلماء الأعلام من آل جباري، ومنهم في عصرنا الحاضر الأستاذ الوزير الاقتصادي أحد أهم مؤسسي الاقتصاد الحديث في اليمن الأستاذ/ محمد عبدالوهاب جباري (1350 – 1430هـ/ 1931 – 2009م)، ولد ونشأ في مدينة ذمار، وفيها التحق بالمدرسة (الشمسية) عام 1355هـ/1936م، ثم انتقل إلى مدينة صنعاء عام 1365هـ/1946م؛ فالتحق بمدرسة الأيتام، ثم التحق عام 1372هـ/1952م بالمدرسة (العلمية)، ثم رحل إلى مصر، ودرس في جامعة (عين شمس) إلى عام 1380هـ/1960م. تعيّن مديرًا لمطار صنعاء الدولي، ثم مديرًا لمشاريع المياه، ثم نائبًا لرئيس البنك اليمني في مدينة الحديدة، ثم رئيسًا للبنك اليمني في مدينة صنعاء، ثم تعين مديرًا لمؤسسة المياه للمرة الثانية عام 1386هـ/1966م، ثم مديرًا لمؤسسة التجارة الخارجية في مدينة صنعاء، ثم وزيرًا للاقتصاد، ثم مستشارًا عام 1398هـ/1978م، ثم رئيس لجنة إغاثة منكوبي الزلزال في محافظة ذمار، ثم مستشارًا للمرة الثانية، ثم أمينًا للعاصمة صنعاء، ثم مستشارًا للمرة الثالثة، ثم وزيرًا للتموين والتجارة، ثم مستشارًا للمرة الرابعة، ثم رئيسًا لبنك (سبأ) الإسلامي. شارك في تأسيس عدد من البنوك؛ منها: البنك الصناعي، والبنك اليمني، وبنك اليمن والكويت، وبنك (سبأ) الإسلامي، وأعد عددًا من الأنظمة واللوائح المتعلقة بالدستور، والعديد من الاتفاقيات والمفاوضات مع عدد من دول الجوار، وشارك في صياغة (الميثاق الوطني) لحزب (المؤتمر الشعبي العام)، والنظام السياسي لحزب (التجمع اليمني للإصلاح)، كما شارك في تأسيس عدد من الجمعيات الخيرية؛ منها: جمعية (الإصلاح الاجتماعية الخيرية).
- مُلُص: قرية عامرة في مخلاف يعر من ناحية (مقرى سابقاً) وأعمال ذمار. وصفها بامخرمة بقوله: " مُلُص بضمتين، وبعد الميم لامٌ ثم صادٌ مهملةٌ بين صنعاء وذمار، فيها معدن العقيق، ويقال: إن فيها حجراً يشم أخضر إلى السواد، معدن، من خواصه أنه إذا كان في محل لم يؤثر فيه البرق". وما قاله بامخرمة من أنها بين صنعاء وذمار غير صحيح، فهي إلى الغرب من ذمار على مسافة ثلاثين كم تقريباً. اشتهر بعض أهلها، من بني قطران بإزالة الغشاء الأبيض الذي تُصاب به العين ويسمى من يتعانى هذه المهمة (النقّاش). وهم يتوارثون هذه المهنة ويقنونها بمهارة عجيبة. ينسب إليها بنو الملصي، ولبعضهم درايةٌ بالفقه وقد سكن بعضهم ذمار، وبعضهم سكن صنعاء، ولعل أشهر من سكن صنعاء الأستاذ/ نعمان الملصي الذي تربطني به صداقة ومودة، والدكتور أحمد الملصي الأستاذ المساعد بجامعة صنعاء في كلية الآداب قسم التاريخ الحديث. وقد ترجم القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ"3" من أعلامها، هم: الحسين بن الحسين الملصي، حسين بن عبدالله الملصي، عبدالله بن حسين بن محمد بن يحيى المجاهد.
من أعلام مديرية عنس
- الصحابي الجليل عمار بن ياسر: هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر ابن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد العنسي اليمني أبو اليقظان... عملاق مذحج وأمير الكوفة،وهو من قبيلة عنس المذحجية باليمن. كان والده مقيماً بمكة واشتغل بالتجارة ثم بات مولى لبني مخزوم بسبب ديون ربا تراكمت عليه. وكان عمار عملاق الجثة والجسم وعملاقاً في صموده لتعذيب قريش وهو من السابقين الأولين. قال عبدالله ابن مسعود: "أول من أظهر إسلامه سبعة منهم عمار بن ياسر"، وهاجر عمار إلى المدينة.. وكان والده ياسر العنسي المذحجي اليمني المولد والنشأة المكي الوفاة: أول سابق من اليمن إلى الإسلام. سار من اليمن إلى مكة وبها تزوج سمية فولدت له عماراً وكُني به..  وكان ياسر وسمية وعمار ممن سبقوا إلى الإسلام بمكة وعُذُبوا في الله حتى مات ياسر وسمية تحت العذاب، وعمار عُذب ولم يُقتل، ونزل فيه قوله تعالى: (إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان)، ومر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يُعذبون فقال: "فقلت لهم صبراً يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة، اللهم إغفر لآل ياسر".. وعمار بن ياسر كان من المهاجرين الأولين إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد بدراً والمشاهد كلها. ثم شهد اليمامة، وقُطِعت فيها أذنه قال ابن عمر: رأيت عماراً يوم اليمامة يصيح يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون؟ أنا عمار بن ياسر هلموا إليّ. وأنا أنظر اذنه مقطوعة تتذبذب... وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عماراً مُلئ إيماناً من أخمصه إلى مُشاشه. وقال خالد بن الوليد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أبغض عماراً أبغض الله. فما زِلتُ أحبه من يومئذ. وروى أنس حديث: إشتاقت الجنة إلى علي وعمار وسلمان وبلال. وعن علي كرم الله وجهه قال: وصل عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحباً بالطيب المطيب. وعن أبي عبدالرحمن السُّلَمي قال: شهدنا مع علي صُفين فرأيت عماراً لا يأخذ في ناحية ولا واد إلا رأيت الصحابة يتبعونه كأنه علمٌ لهم، وسمعته يقول: الجنة تحت السيوف. اليوم ألقى الأحبة محمداً وحزبه. والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سَعَفات هجر لعلمنا إنا على الحق وأنهم على الباطل، ثم قال: نحن ضربناكم على تنزيله... فاليوم نضربكم على تأويله... ضرباً يُزيل الهام عن مقيلة... ويُذهل الخليل عن خليله.. أو يرجع الحق إلى سبيله، قال: فلم أر الصحابة قُتلوا في موطن كما قُتلوا يومئذ. وقال إبن مسعود وطائفة لحذيفة بن اليمان حين احتضر وقد ذكر الفتنة بمن تأمرنا فقال: عليكم بإبن سمية فإنه لن يفارق الحق، حتى يموت وروى مرفوعاً. وكتب الخليفة عمر رضي الله عنه إلى أهل الكوفة: أني بعثت إليكم عماراً أميراً وعبدالله بن مسعود وزيراً وهما من نجباء الصحابة فأطيعوهما واقتدوا بهما. وتواترت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: تقتل عماراً الفئة الباغية.. وكفنه علي رضي الله عنهما في ثيابه ولم يغسله وصلى عليه واستشهد سنة 37هـ وعمره ثلاث وتسعون سنة.
- محيي الدين بن قاسم العنسي:  1130 – 1467هـ/ 1912 – 1948م:التحق بالمدرسة الحربية التي أنشأها الأتراك سنة 1343هـ 1925م في صنعاء، وتخرج سنة 1346هـ/ 1928م، وعين ضابطاً بالمدفيعة برتبة ملازم أول. وعندما قرر الإمام إرسال بعثة تعليمية إلى العراق اختار السيف عبدالله وزير المعارف الأستاذ محيي الدين رئيساً لها لما عرف عنه من ذكاء وإدراك ومعرفة، إذ كان يتابع ما يصل إلى يده من صحف غربية ومجلات أو كتب عصرية، فاكتسب علماً وفكراً وأدباً، وتفاهماً حول طريقة تغيير الوضع في اليمن. ترأس البعثة التعليمية إلى العراق، كان نعم الأب والمربي والأستاذ، فقد تعامل مع أفراد البعثة بمنتهى اللطف والعطف، وتحمل معهم مشقة السفر على سطح الباخرة، وتعرض معهم للحر والبرد والعواصف، وكان مثالاً للدبلوماسي الحصيف حتى إذا وصلت البعثة إلى العراق كان يطلب مقابلة ذوي الشأن ويدهشهم بلباقته وحسن أسلوبه في الحديث حتى قالوا عنه بأنه سفير بلا سفارة. عُين مفتشاً لوزارة المعارف. وقد فكر ومعه بعض الأحرار والمفكرين في حينه في فتح مدرسة ثانوية تكون مناهجها مقاربة للمناهج الثانوية في البلاد العربية، وفتحت المدرسة فكانت بداية لنقلة تعليمية مهمة، فكان للمدرسة شأن لفت الأنظار إعجاباً وتقديراً.. تم اعتقال الأستاذ محيي الدين ومجموعة من الأحرار الرافضين لسياسة الإمام وجموده وتجويع الشعب، فقضى أكثر من شهرين في سجن الأهنوم، بعدها  أستطاع الهروب  من السجن مع زميله أحمد حسن الحورش، وما هي إلا أيام حتى وصلا إلى مصر والتحقا بالأحرار اليمنيين، وشاركا في ثورة 1948م..
من المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (الموسوعة اليمنية)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (صفة جزيرة العرب/ للمؤرخ  للهمداني/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع)،(هجر العلم ومعاقله في اليمن/ القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)، (اليمن الكبرى/ حسين بن علي الويسي/ الطبعة الثانية 1991م)، (صحيفة 26سبتمبر العدد 1311  يوم الخميس 08 مارس 2007 م)، (موسوعة للقلاع والحصون في اليمن "تحت الطبع"/ للأستاذ الباحث أحمد الغراسي)، (موسوعة الأعلام اليمنيين على الإنترنت www.al-aalam.com)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م.أحمد غالب عبدالكريم المصباحي...
alarachi2012@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق