الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة ذمار وصاب (الحلقة الثانية)مديرية وصاب السافل (موطن الحرف اليدوية التقليدية)
الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة ذمار وصاب (الحلقة الثانية)مديرية وصاب السافل (موطن الحرف اليدوية التقليدية)
إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم... ولا سيما أبنائي الشباب من أبناء اليمن الموحد، يسرني أن أقدم لكم الحلقة الثانية من وصاب، ولا شك أنني أهدف من هذه الكتابة عن المناطق اليمنية أن ألقي الضوء على جغرافية اليمن الموحد بهدف تعميق الولاء الوطني في هذه الفترة الحرجة من تاريخ اليمن الموحد شماله وجنوبه وشرقه وغربه، وهذه الأهداف هي:
- توجيه رسالة إلى أبنائي وأخواني من السياسيين ولا سيما المنخرطون في الأحزاب سواءً اليسارية أو القومية أو الدينية بكافة اتجاهاتها إن معرفتكم بجغرافية وتاريخ بلادكم من الأمور الهامة في حياتكم أو مسيرتكم وأن الجهل بهما سوف يترتب عليه كوارث وطنية تنعكس عليكم وعلى وطنكم.
- أن تركيزي على ثروات اليمن الموحد وكنوزه الحضارية يهدف إلى التوعية عن المخاطر الأجنبية التي تطمع في الاستيلاء على هذه الثروات بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
- أن معرفتنا بجغرافية وتاريخ بلادنا عبر العصور المتعاقبة في التاريخ ستوضح لنا العديد من الحقائق؛ أهمها:
1- أن اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه لم يشهد استقرار سياسي إلا في ظل وحدته والوئام الوطني بين كافة مكوناته، وتم استغلال الاستقرار السياسي في بناء اليمن واستغلال ثرواته.
2- أن اليمن عبر التاريخ شهدت صراعات سياسية بين شماله وجنوبه، ولم تحل هذه المشاكل إلا في ظل الوحدة اليمنية، وازدهار حضارة وتاريخ اليمن في فجر الدعوة الإسلامية أكبر شاهد على ذلك، وأن أي دعوة مناطقية أو طائفية أو مذهبية لن تؤدي إلا إلى تدمير وحدته الوطنية.
3- أن المتمعن في جغرافية اليمن وتاريخها وأنساب أسرها؛ سيجد أن اليمن موحد بطبيعته سواءً في مساقط المياه على مستوى الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب أو على مستوى مسميات مدنه وجباله ووديانه، وفي اليمن ظاهرة إيجابية حيث نجد أن كافة اليمنيين تربطهم روابط النسب، فمعظمهم أخوال لبعضهم البعض باختلاف مذاهبهم أو مناطقهم أو انتمائتهم، وهذه الرسالة يجب أن يفهمها أعداء اليمن الذين يهدفون إلى القضاء على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي لليمن.
مديرية وصاب السافل
مديرية وصاب السافل: تقع في محافظة ذمار في أقصى الجزء الجنوبي الغربي منها. يحدها من الشمال مديرية وصاب العالي، ومحافظة ريمة (مديرية الجعفرية) ومحافظة الحديدة (مديرية بيت الفقيه)، ومن الجنوب محافظة إب (مديرية حزم العدين) ومحافظة الحديدة (مديرية جبل رأس)، ومن الشرق مديريتا وصاب العالي، ومحافظة إب (مديرية القفر)، ومن الغرب مديريات: زبيد، الجراحي، جبل رأس (محافظة الحديدة).
يبلغ عدد سكان مديرية وصاب السافل (148762) نسمة وفقاً للتعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.. وتبلغ مساحة المديرية 834كم2، وعاصمة المديرية مدينة الأحد.


وتشمل مديرية وصاب السافل الكثير من المناطق التاريخية والآثرية والتي تضم عدداً من القرى والمآثر القديمة وخاصة في حصن المصباح الذي يُطل على سهل تهامة، وكذا في حصن يناخ وفي حصن قوارير، وفي جبل القاهرة أحد أجزاء جبال بني حَيّ، وغيرها. وهناك آثار عمارة قديمة على قمة جبل قور، كما توجد بقايا آثار متناثرة على جبال كثيرة مثل:جبل المصباح وجبل بني معانس وجبل بني علي وجبل بني حي وجبل القاهرة وجبل غراب وغيرها. شكلت جغرافية المديرية المنحدرة من الجبال العالية في الشرق حتى سهل تهامة في الغرب، عشرات الأماكن المناسبة لممارسة رياضة تسلق الجبال العالية، من ناحية أخرى يمكن ممارسة رياضة الطيران الشراعي في المديرية بسهولة وأمان. وتشتهر المديرية بالكثير من الأسواق الشعبية الموجودة فيها، منها؛أسواق أسبوعية مثل سوق الأحد وسوق الثلوث وسوق مشرافة..
الهجر العلمية في مديرية وصاب السافل
- المِصباح: بلدة عامرة في حصن الشرف المعروف اليوم بحصن المصباح في عزلة المصباح من وصاب السافل، ويقع إلى الشرق من زبيد على مسافة نحو ثلاثين كيلو متراً تقريباً. وقد ترجم القاضي المرحوم/ إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ "8" أعلام من أعلامها..
- ذي حيزان: قرية من أعمال حصن الشرف في بلد الشعبيين من وصاب السافل. وقد ترجم القاضي المرحوم/ إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ"2" أعلام من أعلامها..
المدارس الإسلامية
مدارس بني غُليس: كانت في مخلاف بني شعيب من مخاليف وصاب. وهي ثلاث مدارس: إحداهما مدرسة المِديَر في ظفران، والثاني مدرسة الأحجور، والثالثة لم يُذكر مكانها. بناها الشيخ علي بن محمد غليس العريقي. كان يسكن هو وأخوه عمر بن محمد غليس في قرية الهجر، بالقرب من جبل العَنِين. وكان علي بن محمد فقيهاً، فاضلاً، يتردد إلى مكة المشرفة، وارتحل إلى الشام والعراق، وجاور في المساجد الثلاثة، وكانت لديه دنيا واسعة. ابتنى ثلاث مدارس وفي وصاب، ووقف عليها من ماله ومال أخيه عمر، وأجلب لها كتباً كثيرة، ووقفها، قال الجندي: رأيت منها – أي: من هذه الكتب "الشامل كاملاً" عند المقري محمد بن يوسف المقري. وقال الحبيشي في كتابه "الاعتبار" في صدد ذكر مدرسة (المِدْيَر): بناها سنة 592هـ، وقيل سنة 594هـ، وقد جعل النظر في المدرسة إلى الفقيه أحمد بن علي بن محمد بن يزيد من قرية أعدان، وكان عالماً، صالحاً. وقال عند ذكر وقفها: "وقفها على متعلم القرآن، ودارس الفقه". وللمدارس الثلاث أوقاف على إطعام الطعام. توفي علي بن محمد لبضع عشرة وست مئة، وقال الحبيشي: سنة 596هـ، وقيل: 597هـ. ودرَّس في مدرسة الأحجور عمر بن علي – جد الفقهاء أهل ظُهُر – وكان فقيهاً عالماً تفقه على أخيه إسماعيل، وعلى الفقيه أحمد بن عبدالله بن ناجي وغيرهما، فالتزم التدريس في جامع ظُهُر، وكان قد درَّس في مدرسة الأحجور ثم مات سنة 670هـ.
من أعلام مديرية وصاب السافل
وصاب السافل بلاد العلم والعلماء، اشتهرت على مدى الأزمان والعصور المتعاقبة بالكثير من العلماء الذين بذلوا حياتهم في خدمة العلم وطلابه، وما وجود هجر علمية في مناطق وصاب السافل إلا خير دليل على اهتمام أهلها بالعلم ونبوغهم فيه، فقد درس فيها وتعلم الكثير من طلبة العلم ورواده.. ومن أعلام مديرية وصاب السافل التالي:
- أبو العباس أحمد بن عبدالرحمن بن عمر بن محمد بن سلمة الحبيشي الوصابي الفقيه الشافعي: كان فقيهاً فاضلاً، أديباً ظريفاً، نقالاً، متأدباً. وكان مولده سنة 702هـ، وكانت له شهرة طائلة، وسمة فاضلة، تفقه بأبيه أولاً، ثم أخذ عن الفقيه أبي بكر بن جبريل وعلى القاضي عبدالأكبر وغيرهم، وانتفع به جماعة كثيرون. وله تصانيف مفيدة منها: كتاب "الإرشاد إلى معرفة سباعيات الأعداد" وهو تصنيف عجيب، وله ديوان شعر، وشعره حسن جيد، لم يكن له في زمانه نظير، وكانت وفاته في سلخ المحرم أول سنة 767هـ رحمه الله.
- أبو العباس أحمد بن عبدالرحمن بن موسى بن الفقيه أحمد بن يوسف التباعي الوصابي الفقيه الشافعي: كان فقيهاً، فاضلاً، صالحاً، ديناً، خيراً، ورعاً، حسن السيرة، وكان يسمى القاضي. قال الجندي: كأنه تولى القضاء في ناحية من بلده: (وهو من بيت علم وصلاح وكان أحد أعمامه وهو: أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن يوسف فقيهاً خيراً، ديناً، ورعاً، مقرئاً، صالحاً، شريف النفس، يقوم بكفاية من أتاه من الطلبة. وكان متعبداً مجتهداً في العبادة، وصلى الصبح بوضوء العشاء أربع عشرة سنة والله أعلم). ولم يعلم تاريخ وفاة أحد منهما رحمة الله عليهما.
- أبو العباس أحمد بن يوسف بن موسى بن علي التباعي الأصابي: كان فقيهاً إماماً، فاضلاً، عارفاً، عابداً، زاهداً، تفقه بالفقيه محمد بن موسى بن الحسين العمراني، وبالفقيه عبيد المصعبي بعد تفقهه بالإمام يحيى بن أبي الخير العمراني – صاحب البيان –، وأصل بلده وصاب، وهو والد الفقيه موسى بن أحمد – شارح اللمع.
- طاهر بن عبدالله السوادي: العابد الصالح الزاهد. كانت إقامته في ذي حمد، كان عارفاً فقيهاً مجتهداً متصدياً للفتوى والتدريس انتفع به العباد. وجاءت إليه طلبة العلم من كل البلاد.
- ومن أعلام مديرية وصاب السافل الشباب؛ الولد النجيب الأديب المهندس/ أحمد بن غالب عبدالكريم المصباحي، وهو ينسب إلى الأعلام الفضلاء من آل القليصي الذين هم من أشرف وأكرم الأسر في اليمن، ومن خلال معاشرتي له ومعاشرة غيري له وجدت فيه الكثير من الصفات الجميلة، وقد قام بإعداد الخرائط التي ستتضمنها الموسوعة الجغرافية والثقافية والأدبية التي أقوم الآن بإعدادها، وقد أطلقت عليه (فقيه تكنولوجيا المعلومات) تيمناً بأبائه من الفقهاء آل القليصي، وقد أثنى عليه الأستاذ الدكتور نزار الحديثي من أكابر علماء العراق الشقيق لتعاونه معه في إعداد العديد من الخرائط الجغرافية لليمن.. وهذه نبذة من سيرته الذاتية فهو من مواليد وصاب السافل – المصباح من آل القليصي، يعمل مديراً للشئون الثقافية والعلمية بالمركز الوطني للمعلومات. ، يعمل في مجال نظم المعلومات الجغرافية في إعداد الخرائط. حاصل على بكالوريوس جغرافيا، تمهيدي ماجستير كلية الآداب – جامعة صنعاء, شارك في برنامج تدريب في التطبيقات الأساسية لاستخدام الحاسب الآلي، وفي برنامج تدريب في نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، شارك في الكثير من الدورات التأهيلية والعلمية المتخصصة في الجغرافيا ونظم المعلومات الجغرافية، وبناء قواعد البيانات الجغرافية، ودورات متعددة لتعليم اللغة الإنجليزية، ودورات في إعداد التقارير وكتابة البحوث، ودورة في التخطيط الاستراتيجي في المركز الوطني للمعلومات. وحضر وشارك في الكثير الندوات التشاورية، والمؤتمرات مثل المؤتمر العالمي الرابع للجغرافيين اليمنيين، وغيرها من الندوات والمؤتمرات..
ومن المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (الإعلان بنعم الله الكريم المنان في الفقه عماد الإيمان بترجيعات في العروض والنحو والتصريف والمنطق وتجويد القرأن/ تصنيف العلامة أحمد بن عبدالله السَّلمي الوصابي الشهير بالسَّانة/ تحقيق الأساتذة، محمد بن محمد عبدالله العرشي، علي صالح الجمرة، عبدالخالق حسين المغربي/المطبعة العصرية لبنان)، (الموسوعة اليمنية)، (المدارس الإسلامية للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع)،(هجر العلم ومعاقله في اليمن/ القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)، (تاريخ وصاب المسمى الاعتبار في التواريخ والآثار/ تأليف العلامة المؤرخ وجيه الدين عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن الحبيشي الوصابي/ تحقيق عبدالله محمد الحبشي/ مكتبة الإرشاد، الطبعة الثانية 2006م). (اليمن الكبرى/ حسين بن علي الويسي/ الطبعة الثانية 1991م).
alarachi2012@yahoo.com
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفمجهود تشكر عليه
ردحذفبني حسن من اوصاب السافل لم تذكرهم