صنعاء عاصمة اليمن
الموحد كرمت أبو التوثيق في اليمن الموحد
القاضي علي أحمد أبو
الرجال
رئيس المركز الوطني
للتوثيق في الجمهورية اليمنية
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.. ونحن في ظل الأجواء السوداء التي تشهدها صنعاء،
وجريمة الاعتداء على مستشفى العرضي العسكري، الجريمة التي هزت الضمير الإنساني عبر
القارات الخمس، تحاول شرذمة أن تشطر اليمن إلى عدة اشطار لاعتقادها أنه بإمكانها
أن تعيد تشطير اليمن مرة أخرى، فإنني أنصحهم بالرجوع إلى وثيقة العهد والاتفاق،
التي تضمنت في طياتها كل مخرجات الحوار التي تم التوصل إليها قريباً، فالوثيقة
الصادرة في الفترة (1 جمادي الآخر – 7شعبان 1414هـ) الموافق 22/11/1993م –
8/1/1994م) لم تتضمن حكماً اتحادياً، ولا حكماً فيدرالياً – لأن من صاغوها كانوا
يعرفون تاريخ وجغرافية اليمن حق المعرفة –، بل أشارت الوثيقة إلى حكم محلي خشية أن
يفشل تطبيق هذه الوثيقة (وثيقة العهد والاتفاق)، فهل يرضى أحد أن يفشل مؤتمر
الحوار.. ويعيد حكم السلاطين والإمراء والمشائخ أسوةً بما كان في جنوبنا الحبيب
قبل الاستقلال.. فهل تستوعبون أنكم تلغون أهم مكتسبات ثورة الرابع عشر من أكتوبر
1963م، وتقضون على أهم ما حققه استقلال جنوبنا الحبيب عن الاستعمار البريطاني..
وفي هذا الجو الكئيب بادرت صنعاء عاصمة اليمن الموحد برجالها وشبابها
وشيوخها ونسائها وأدباءها بتكريم الرجل الذي بذل معظم عمره في جمع وتوثيق تاريخ
بلاده، سواء كان في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، فالقاضي علي أبو الرجال –
رائد التوثيق في اليمن الموحد – الذي تعرفه مراكز التوثيق في روسيا وأمريكا
وبريطانيا وألمانيا وإيران وتركيا، ومن يرد أن يعرف المزيد عن هذه الهامة فبإمكانه
قراءة مقالي هذا المنشور في صحيفة الثورة الغراء يومنا هذا الأحد 22/12/2013م...
وفي مقالي هذا نبذة وجيزة حاولت فيها إبراز أهم جوانب هذه القامة الوطنية
وأهم محطات حياته، ملتمسا منه ومن القارئ الكريم العذر على أي تقصير.
القاضي علي أبو
الرجال
هو القاضي العلامة الأديب المثقف الوزير القائد الإداري الكفء القدير، شغل
عدة مناصب عليا في الدولة هو أعلى منها، وقد أسهم إسهاماً كبيراً في إثراء الحياة
الأدبية والثقافية في اليمن. من مواليد
عام 1352هـ الموافق 1933م.
نســـبـــه
هو القاضي علي بن أحمد بن أبي الرجال، من أسرة أبو الرجال الأسرة العلمية
التي توارثت العلم أباً عن جد ما يقرب من ألف سنة، فما من عصر إلا وفيه أديب أو
خطيب، أو عالم مجتهد، أو قاض كبير، أو وزير من آل أبي الرجال.
قال جحاف وغيره أن الحسن بن سرح بن يحيى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب يجمع
نسب القضاة آل أبي الرجال جميعاً.
مولده ونشأته
ولد في مدينة صنعاء المحروسة في عام 1352هـ 1932م، في حارة حمَّام
شكر المعروفة في صنعاء، وقد نشأ في
أسرة وبيئة علمية دينية محافظة، وكان والده القاضي أحمد أبو الرجال عالماً وموظفاً في نظارة الأوقاف، وقد تعاقب
العلماء من آل أبي الرجال على العمل في نظارة الأوقاف فترة طويلة، وكانت والدته
تحفظ القرآن غيباً.
تعليمه ومشائخه
وقد بدأ دراسته عند سيدنا حمود البرطي في حي قبة المهدي عباس – في غرف تحت المنازل –
المعروف في مدينة صنعاء القديمة، بعد ذلك انتقل إلى معلامة سيدنا
عبدالله الحيمي بجانب جامع طلحة وكان عمره في ذلك الوقت ثمان
سنوات، وظل في معلامة سيدنا عبدالله الحيمي أربع سنوات من سنة 1358 إلى سنة
1361هــ، وانتقل بعد ذلك للدراسة في الجامع الكبير بصنعاء، وواصل حفظ القرآن
الكريم غيباً وجوّدهُ نظراً لدى شيخ القراءات السبع العلامة المرحوم علي الطائفي، وواصل دراسته في الجامع الكبير
عند العلامة المرحوم العزي السنيدار، ودرس عنده المفهوم والمنطوق
وأحكام الفقه من عبادات ومعاملات، ثم بعد ذلك درس عند سيدنا العلامة المرحوم
إسماعيل الريمي، ثم درس عند العلامة
المرحوم أحمد مُحمد بن أحمد الوزير الذي كان والده يسمى حاكم المقام في عهد الإمام
يحيى، وقد درس
لديه النحو والبلاغة والأدب، وحفظ العديد من قصائد المتنبي وغيره، كما درس لدى المرحوم العلامة القاضي
عبدالله الرقيحي، ودرس لدى
العلامة المرحوم الشهيد الوزير، ودرس أيضاً لدى القاضي المرحوم محمد بن عبدالله
العمري مع زميله المرحوم الأديب الكبير عباس بن علي
الوزير، وقد اعتبر
دراسته لدى القاضي محمد العمري رحمه الله نقلة نوعية سواء من حيث المنهج أو من حيث
المعارف التي تلقاها، ولاسيما وأن القاضي المرحوم محمد عبدالله العمري قد زار كلاً
من أمريكا وأوروبا مثل بريطانيا وفرنسا، وكان
يحاضرهم أثناء الدرس عن هذه الدول وعن المستوى الحضاري الذي وصلت إليه.
القاضي علي أبو الرجال أديب ومثقف
والقاضي علي أبو الرجال درس اللغة الإنجليزية لدى الأستاذ المرحوم محمد بن
أحمد الحيفي والأخ الساسي الكبير والسفير الأستاذ أحمد ضيف
الله – أطال الله عمره –، وعمل على تطوير نفسه بالقراءة،
ودرس في علم الحديث لدى القاضي العلامة الجليل محمد بن إسماعيل العمراني – أطال الله عمره – ولازم زميله الشاعر الأديب
الكبير عبدالله علي الشرفي – أطال الله عمره – في مقيل المرحوم الأديب
والشاعر الكبير عبدالكريم إبراهيم الأمير الذي كان منتدى ومدرسة أدبية، حيث كان عبدالكريم
الأمير واسع الثقافة والمعرفة، والقاضي على أبو الرجال له اهتماماته بالعلوم
الحديثة والأدب العربي، والآداب العالمية لأنه كثير الاطلاع واسع المعرفة، فإذا
ناقشته وجدته بحر علم واسع، ولاسيما في المجال الأدبي والثقافي المعاصر، كأنما
دراسته العلمية الفقهية والنحوية واللغوية، وحفظ القرآن غيباً، أعطاه ثروة لغوية
وأدبية واجتماعية وافرة، وهو ملم بالتاريخ اليمني والعربي والإسلامي والأحوال
الاجتماعية للمجتمع اليمني والعربي والإسلامي.
القاضي علي أبو الرجال خبير عربي في التوثيق
وقد قدم الكثير من الدعم العملي والوثائقي لكثير من الباحثين والدارسين سواءً
في الجامعات اليمنية أو العربية أو الأوروبية، وإن الكثير من المستشـرقين المهتمين
بتاريخ اليمن وعلومها وحياتها الاجتماعية والسياسية يرجعون
إلى القاضي علي أبو الرجال باعتبار أن المركز الوطني للوثائق يحوي الكثير من المعلومات
التي يحتاجها المستشرقون، ولاسيما وأن القاضي علي أبو الرجال لديه اطلاع وإلمام
بكافة الموضوعات التي يحتفظ بها المركز الوطني للوثائق، وهو أحد الخبراء العرب
المتخصصين بالوثائق والتوثيق وبالتالي لا غرابة أن الكثير من فئات المجتمع اليمني
يطلقون على القاضي علي أبو الرجال لقب (الوثائقي) وأول من أطلقَ عليه ذلك أستاذه
الدكتور سيد مصطفى سالم ولم يكن هذا اللقب نابعاً من فراغ لأنه في بداية
التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت اليمن لا تملك إرشيفاً مثلها مثل الدول العربية والدول
الغربية، استدعاه الرئيس السابق المشير علي عبدالله صالح وكلفه بجمع الوثائق نظراً لمعرفة الجميع عن
حياته وحبه للتوثيق والوثائق من قبل ثورة 1962م والذي يحتفظ بأندر وأهم الوثائق
كهواية شخصية، ونستطيع أن نقول أن القاضي علي أبو الرجال تماهى في حب الوثائق، حتى
أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياته، وإذا كان حب العمل والتفاني فيه شرطاً أساساً في
نجاح العمل فكان هو الرجل المناسب في المكان المناسب ليكون مؤسساً ورئيساً للمركز
الوطني للوثائق، وبما أن القاضي علي يعرف أوضاع الوثائق وأماكن تواجدها؛ فقد بادر
مع فريق العمل الذي يعمل معه إلى جمعها من كافة الجهات الحكومية ووجدها في حالة
يرثى لها من الإهمال ومعظمها معرضة للرياح والشمس والغبار والأتربة، وكانت لاتوجد
أدنى مواصفات لحفظها، وكانت معظمها مخبأة في شوالات وأكياس وكأنها أكوام لا حياة
فيها، وذلك بسبب غياب الوعي بالوثائق وبأهميتها وما تحفظه من معلومات سياسية
وعلمية واجتماعية واقتصادية وتاريخية، فبادر مع فريقه في جمعها وكانت معظمها في
حالة يرثى لها وواصل مع فريق العمل في فرزها وتبويبها وتصنيفها، وتجنيب ما يحتاج
منها إلى صيانة وترميم، وقد جمع ما يقرب من سبعة كيلومتر طولي بل أنه تواصل مع
جميع المحافظات والمديريات وجمع مالديهم من وثائق وكذلك تواصل مع الكثير من الفئات
الاجتماعية والأسر في اليمن التي يعرف عنها أنها تحتفظ بوثائق هامة تختص
بتاريخ اليمن، بل إنه قام
بجمع ما يمكن الحصول عليه من الوثائق الخاصة بالشطر الجنوبي من الوطن، ولا سيما
وأن تأسيس المركز الوطني للوثائق قد تزامن مع قيام الوحدة اليمنية المباركة، ولما
استوفى جميع الوثائق اليمنية في الداخل على أسس علمية وموضوعية حديثة بادر إلى
التواصل مع الدول التي كانت لها علاقة مباشرة مع اليمن مثل تركيا وبريطانيا وفرنسا ومصر، والعديد من
الدولة العربية والأجنبية، لاسيما وأن القاضي علي تربطه معرفة وعلاقة مباشرة مع
مسئولي الإرشيف في هذه الدول، وهو يحظى لديهم بالتقدير والاحترام لعلمه وخبرته،
ولعبت اليونسكو دوراً كبيراً في تأسيس المركز.
وقد قام بتأسيس المركز الوطني للوثائق في اليمن على أحدث الأسس العلمية في مجال الأرشفة
والتوثيق، وقد أسس العديد من المعامل الخاصة بالصيانة والترميم.
القاضي علي أبو الرجال قائد إداري ناجح
يمتاز القاضي علي بأنه إداري ناجح عرف بالكفاءة والنزاهة وسرعة البديهة، ولقد
أسهمت هذه الموهبة الإدارية في نجاحه في إدارة المستشفى الأحمدي قبل ثورة 26
سبتمبر 1962م؛ حيث ارتفع مستوى الخدمات الطبية والتمريضية إلى مستوى عال، ولا سيما
وأن الخدمات الطبية في عموم اليمن كانت متدنية وشبه بدائية، إلا أنه وبدعم نائب
وزير الصحة في عهد الإمام أحمد القاضي المرحوم عبدالله أحمد الحجري، وهو والد محافظ محافظة إب
القاضي أحمد عبدالله الحجري الإداري القدير، وكان القاضي عبدالله يعتبر من أعظم
المسئولين الذين عمل معهم القاضي علي، وبواسطة الأطباء الروس والتشيكيين قام
المستشفى بعمليات جراحية خطيرة بالنسبة لإمكانيات وتاريخ عصره.
واستطاع القاضي علي أبو الرجال – أطال الله عمره – من خلال نجاحه في إدارة
المستشفى أن ينجح وبكفاءة عالية في إدارة المدرسة الصناعية التي أسست في
الخمسينيات من القرن الماضي بخبرات مصرية لإنشاء العديد من الصناعات مثل الملابس
والأثاث، وغير ذلك من المصنوعات الخفيفة، وقد نال إعجاب وتقدير الحكومة والمسئولين
قبل الثورة عن حسن إدارته وتعامله مع العاملين، وتلبيته الطلبات التي تحتاجها
أجهزة الدولة في ذلك الوقت، ومن خلال نجاحه في إدارة المستشفى وإدارة مدرسة
الصنائع وبعد أن قام المرحوم الإمام أحمد في أواخر حياته بتشكيل الحكومة وإنشاء العديد من
الوزارات مثل وزارة الأشغال والصناعة والمعارف والصحة وغيرها، عين القاضي علي
سكرتيراً لوزارة الأشغال ووظيفة سكرتير للوزارة توازي مدير عام الوزارة في ذلك
الوقت، فأثبت جدارة وكفاءة نالت استحسان وزير الأشغال المرحوم الأمير الحسن بن علي الذي دعم تشكيل الوزارة بشجاعة، وتم الاستفادة
من معظم العاملين في إنشاء طريق الحديدة، حتى قامت
ثورة 1962م وبعد الثورة مباشرة تعين القاضي علي مديراً عاماً لوزارة الأشغال، وقد
بادر إلى متابعة استمرار تنظيم الوزارة على أسس علمية وموضوعية مستعيناً بالخبراء
المصريين، ومن حسن الحظ أن أول وزير لها هو الأخ المرحوم المهندس عبدالله الكرشمي، حيث أصبحت الوزارة من خلال
مشاريعها التنموية في مجال الإنشاءات والتعمير والطرقات تلبي الطلبات وتحقق
النجاحات الملموسة، ولاسيما وأن اليمن في ذلك الوقت كانت تفتقر إلى أبسط مقومات
الإنشاءات، وكان القاضي علي وكيلاً لها، وكان اليد اليمنى للوزير الكرشمي،
والمرحوم عبدالله الكرشمي هو والد وزير الأشغال العامة والطرق المهندس عمر عبدالله
الكرشمي، وقد شهدت اليمن في عهد المرحوم عبدالله الكرشمي والقاضي علي أبو
الرجال نهضة كبرى في مجال الإنشاءات والطرقات، ونظراً للنجاح الذي حققه القاضي علي
أبو الرجال في وزارة الأشغال؛ عينه المرحوم الشهيد إبراهيم الحمدي محافظاً لمحافظة صنعاء، وكانت
محافظة صنعاء في ذلك الوقت تشمل كل من محافظة صنعاء الحالية والأمانة العامة للعاصمة الحالية
ومحافظة عمران الحالية ومحافظة ريمة الحالية كذلك، واستطاع القاضي على أن يديرها بكل
كفاءة واقتدار بالرغم من تعدد وتنوع مشاكلها القبلية والاجتماعية، وفي نفس الوقت
حاول أن ينفذ العديد من المشاريع التنموية بالتعاون والتنسيق مع الوزارات والمصالح
والهيئات في العاصمة صنعاء، حيث كان في
الوقت نفسه رئيساً لتعاونية العاصمة صنعاء، وبعد ذلك تم
تعيينه محافظاً لمحافظة الحديدة لأهمية هذه المحافظة من الناحية الاقتصادية
والثقافية والزراعية واستطاع القاضي علي من خلال تعاون الكثير من الشخصيات
الاجتماعية والثقافية في محافظة الحديدة ونتيجة لثقة هذه الشخصيات بالقاضي علي
وقناعتهم بنزاهته وكفاءته استطاع أن يدير هذه المحافظة ويسهم مع غيره في تنميتها،
ويسهم أيضاً في المحافظة على المعالم الثقافية، ويتغلب على كثير من المعوقات
وتدخلات الكثير من المتنفذين في العاصمة، ويحافظ في نفس الوقت على استقلال القضاء
بالتعاون مع المرحوم القاضي أحمد الوزير رئيس محكمة الاستئناف في لواء الحديدة، وهو والد
القانوني والإداري والوزير والسياسي الكبير الأستاذ/إسماعيل بن أحمد الوزير – أطال
الله عمره –، وقد حاول القاضي علي دعم القضاء في الحديدة وعدم التدخل في
شؤونه.
وعلى ضوء النجاحات المتواصلة للعمل الوظيفي والإداري والقيادي للقاضي علي استدعاه
الرئيس السابق المشير علي عبدالله صالح وعينه نائباً لمدير مكتب الرئاسة، وقد
استطاع من خلال عمله هذا أن يسهم بأن قدم خبرته في أداء مكتب الرئاسة، ويرفع من
مستوى أدائه باعتبار أن المكتب هو الجهاز الذي يقوم بتوجيه سلطات الدولة التشريعية
والتنفيذية، وكان القاضي علي هو اليد اليمنى لمدير مكتب الرئاسة السابق الأستاذ
علي الآنسي – أطال الله عمره –بتعاون ودعم من رئيس الدولة في ذلك الوقت، ولم يستطع
أحد أن يسد مسده بعد أن تم تعيينه بعد ذلك رئيساً للمركز الوطني للتوثيق.
القاضي علي أبو الرجال إنسان وفي يحب مكارم
الأخلاق
وأذكر من مكارم أخلاق القاضي علي أبو الرجال أن عمي المرحوم القاضي عبدالكريم
عبدالله العرشي نائب رئيس الجمهورية مرض مرضاً شديداً وكان عنده
فشل كلوي، وكان في ذلك الوقت يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية في عهد المرحوم
إبراهيم الحمدي رئيس مجلس القيادة، فأصر القاضي على أن يصطحب
عمي عبدالكريم مع عمي المرحوم القاضي عبدالوهاب العرشي للعلاج في القاهرة في مستشفى المعادي، وظل أكثر من شهرين يقوم مع
عمي عبدالوهاب بمسامرته وتمريضه، وهناك الكثير من القصص التي يمكن أن يسجلها
الآخرون عن وفاء القاضي علي أبو الرجال، وكرمه ومنها أن القاضي علي أبوالرجال ظل
أكثر من خمسين عاماً أو أكثر يعتبر القاضي المرحوم العلامة المجتهد محمد بن أحمد
الجرافي أباً له، لأن القاضي على يعتبر القاضي المرحوم
محمد الجرافي صاحب الفضل الكبير في رعايته والاهتمام به لأنه لاحظ عليه مخايل
النجابة، وظل ملازماً للقاضي العلامة المرحوم محمد بن أحمد الجرافي في مقيل والده القاضي أحمد بن أحمد الجرافي الذي كان يحمل الكثير من التجارب في حياته، وبعد
وفاة والده فقد استمر في التردد عليه وأخذ النصائح منه، والقاضي محمد الجرافي هو
الذي سعى في تعيين القاضي علي أبو الرجال مسئولاً عن قطع الجوازات للحجيج في مدينة
صعدة لعدة مواسم، وكان هذا التعيين بداية لتألق شخصية القاضي علي أبو الرجال
كإداري. ولا نستطيع أن نحصـر كل مكارم أخلاق القاضي علي ووفائه للآخرين والكثير من
المواقف التي تتجلى فيها حسن مكارم القاضي علي ووفائه.
وقد عرف عن القاضي علي أبو الرجال بعلاقته الواسعة مع كل طبقات المجتمع
العليا والوسطى والدنيا، فما من مناسبة اجتماعية كالأعراس والعزاء إلا ويحضـرها،
لا يفرق بين غني أو فقير، ولا يعلم بأي محتاج من أصدقائه أو معارفه إلا بادر بمد
يد العون له ومساعدته بتقديم العون له والمراجعة له عند أجهزة الدولة، ولم أجد في
عصرنا هذا غير القاضي علي أبو الرجال ينطبق عليه قول الشاعر:
ما زال يسبق حتى قال حاسده
|
|
له طريق إلى العلياء مختصر
|
ولمكانة أسرة آل أبي الرجال في التاريخ وتأثيرهم في الحياة العلمية والأدبية
والتاريخية والسياسية نلاحظ اهتمام المؤرخين والمترجمين بأعلام هذه الأسرة
العريقة، فنجد الحوثي في نفحات العنبر في تراجم رجال القرن الثاني عشر ترجم لمجموعة كبيرة منهم، وجحاف في درر نحور الحور العين في سيرة الإمام المنصور علي وأعلام دولته الميامين ترجم لمجموعة منهم، وكذلك زبارة في كتابيه نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف ونيل الوطر في تراجم رجال القرن الثالث عشر ترجم لمجموعة منهم، وكذلك قاطن في إتحاف الأحباب بدمية القصر الناعتة لمحاسن
بعض أهل العصر، وكذلك القاضي أبو الرجال في كتابه مطلع البدور ومجمع البحور في تراجم
رجال الزيدية.
وفي حفل التكريم الذي أقامته مؤسسة اليمن للثقافة والتنمية السياسية يوم أمس
السبت الموافق 21/12/2013م في قاعة نادي ضباط الشرطة، ألقى راعي التكريم، الهامة
الوطنية الكبيرة الدكتور/ عبدالكريم بن علي الإرياني – مستشار رئيس الجمهورية، كلمةً
أشاد فيها بدور الـمُحتفى به (القاضي علي) في بناء الدولة اليمنية الحديثة، ,أن
دوره كان دور أمثاله الرجال العظام الذين بنوا الدولة اليمنية الحديثة سواءً قبل
ثورة 1962م أو بعدها أو في عصرنا الحاضر. كما أشار الدكتور الإرياني بدور كلٍ من:
الدكتور أبي إسلام جمال سيد مصطفى سالم أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة
صنعاء، والقاضي علي أبو الرجال في إنشاء مركز الدراسات والبحوث اليمني، وكذا اصدار
مجلة الحكمة اليمانية التي كان يرأسها آنذاك المرحوم أحمد عبدالوهاب الوريث..
كما ألقى الشاعر الكبير الأستاذ محمد عبدالسلام منصور كلمة أصداقاء القاضي
علي أبو الرجال أثارات إعجاب الحاضرين، حيث صاغ من سيرة القاضي علي أدباً ستظل
الأجيال تفتخر به في العصور اللاحقة.
فيما ألقى الأستاذ/ مطهر أحمد تقي كلمة أسرة المكرم (القاضي علي)، سرد فيها
علاقته بالقاضي علي وأن صقل مواهبه وخبرته الإدارية كانت من تأثره به.
كما ألقت الدكتورة/ أمة الغفور الأمير كلمةً نالت إعجاب الحاضرين تحدثت فيها
عن شخصية القاضي علي، وعن علاقتها بكل من أستاذها الدكتور/سيد مصطفى سالم، والقاضي
علي أبو الرجال اللذان كان لهما دور كبير في صقل مواهبها التاريخية والعلمية.
وفي ختام هذا المقال لا يسعني إلا أن أقدم الشكر والامتنان لمؤسسة اليمن
للثقافة والتنمية السياسية؛ ممثلة برئيسها السياسي والحكيم اليماني الكبير الدكتور
عبدالكريم الإرياني – مستشار رئيس الجمهورية، والمؤرخ والسياسي الكبير والوزير والعالم
الجليل الدكتور الحسين بن عبدالله العمري رئيس مجلس أمناء المؤسسة، كما أقدم الشكر
للداعم الكبير للمؤسسة اللواء/ حسين محمد المسوري، وكذا أمين عام المؤسسة الإداري
القدير الأستاذ مطهر تقي .
وقد رجعت عند إعدادي هذا المقال إلى؛ (وثيقة العهد والاتفاق/ من منشورات
الثوري/ شعبان 1414هـ الموافق يناير1994م)، (كتاب برهان البرهان الرائض.../ تأليف
الشيخ العلامة برهان الدين إبراهيم بن عمر البجلي/ تحقيق محمد محمد عبدالله
العرشي)، (سيرة ذاتية بقلم القاضي علي أبو الرجال).
حفظ الله المؤرخ الكبير والمربي الفاضل القاضي علي ابو الرجال
ردحذفوحفظكم الله استاذنا القدير محمد ابن محمد العرشي وامدكم بلصحه والعافيه ومتعنا بعلمكم الذي سيبقى علي مدي الدهر شاهدا علي جهودكم الجباره في توثيق وتعريف الاجيال بتاريخهم وباعلام بلادهم وبكنوز ارضهم