بسم الله الرحمن الرحيم
الصفوة من العلماء والأتقياء والزهاد
من كتاب طبقات الخواص للشرجي، وغيره من كتب التراث
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
تناولنا
في الحلقات السابقة من صحيفة الثورة الغراء.. عدد من الحلقات عن الثروات والكنوز
الحضارية في اليمن، وفي هذا العدد نتناول تراجم لعدد من العلماء والزهاد والأتقياء
في اليمن، وبما أن اليمن كانت ولا زالت: (بلدة طيبة وربٌ غفور) كما وصفها الله
تعالى في الآية 15 من سورة سبأ وأرض الإيمان والحكمة كما وصفها النبي صلى الله
عليه وسلم، ومن المعلوم أن الدولة لا تتكون إلا من الأرض والسكان والسلطة.
وفي
حلقات سابقة أوضحنا للقارئ حجم الكنوز الحضارية وخصوبة أرض اليمن وتعدد ثرواتها
المختلفة، وفي هذه الحلقة نُعرّف القارئ الكريم بالعديد من الأعلام العلماء
والأتقياء والزهاد اليمنيين، وسيتضح أن اليمن عبر تاريخها الطويل مليئة بالكثير من
الشخصيات العلمية التي يسجد لها التاريخ، ولكننا نحن اليمنيون مقصرين في التعريف
بعلمائنا، وأهم الأسباب التي ساهمت في هذا التقصير هي المذهبية والطائفية، والحسد،
جعلتنا نهمش بعضنا البعض، ولا نعترف بفضائل وحسنات وعلم علمائنا، لأننا لا نراهم
إلا من خلال المذهبية أو الحزبية أو المناطقية الضيقة. وسيتضح لك أخي القارئ
العديد من العلماء في هذا المقال، وقد اخترنا بعض هؤلاء العلماء من بعض المحافظات.
كتاب طبقات الخواص
كتاب طبقات
الخواص قدمه وترجم لمؤلفه العلامة الباحث والمحقق/ عبدالله محمد الحبشي، وقد ذكر
أن العلامة شمس الدين السخاوي المتوفى 902هـ، أنه أحد أعيان الحنفية وذكر أنه ولد
في سنة 811هـ وقد صحح العلامة حمزة الناشري أنه ولد سنة 812هـ، وذكر المشائخ الذي أخذ عنهم أحمد بن أحمد بن
عبداللطيف الشرجي الزبيدي وذكر منهم؛ الشيخ أحمد بن أبي بكر الرداد، وعلي بن
الجزري، والزين البرشكي عام وصوله إلى اليمن مع ابن الجزري 829هـ، وذكر العلوم
التي تلقاها عنهم منها الموطأ والعمدة، وقد ذكر المحقق الأستاذ عبدالله الحبشي حسب
ما رواه العلامة سليمان العلوي وابن الخياط أن وفاته يوم السبت عاشر ربيع الثاني سنة
893هـ الموافق 1487هـ، وقد أورد العلامة الحبشي أن من مؤلفات الشرجي؛ جمع شعر ابن
المقري، طبقات الخواص، مختصر صحيح البخاري، المختار من مطالع الأنوار.
وكتاب (طبقات
الخواص..) يشمل على ما يزيد من (305)علماً من علماء وأتقياء وزهاد الجمهورية
اليمنية من جميع محافظاتها.
وقد تعرض كتاب
(قرة العيون بأخبار اليمن الميمون)، وكتاب (البدر الطالع ..) لبعض الأعلام من
علماء اليمن، ومن هذه الكتب جميعها حاولت في هذا المقال أن أذكر بعضاً منهم، وبعض
الكتب التي ذكرت تراجم العديد من العلماء..
(محافظة مأرب)
1-
أويس القرني: هو أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان،
من مراد. أفضل التابعين بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- يَقُولُ «إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ وَلَهُ
وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ. وعن أسير بن جابر قال : لما أقبل أهل اليمن جعل
عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول : هل فيكم أحد من قرن حتى أتى عليه قرن فقال
: من أنتم قالوا قرن فرفع عمر بزمام أو زمام أويس فناوله عمر فعرفه بالنعت فقال له
عمر : ما اسمك قال : أنا أويس قال : هل كان لك والدة قال : نعم قال : هل بك من
البياض قال : نعم دعوت الله تعالى فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به
ربي فقال له عمر : استغفر لي قال أنت أحق أن تستغفر لي أنت صاحب رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال عمر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن خير
التابعين يقال له أويس القرني و له والدة و كان به بياض فدعا ربه فأذهبه عنه إلا
موضع الدرهم في سرته قال : فاستغفر له قال ثم دخل في أغمار الناس فلم يدر أين وقع.
وعن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يدخل الجنة بشفاعة رجل من
أمتي أكثر من ربيعة و مضر ، قال هشام : فأخبرني حوشب عن الحسن أنه أويس القرني قال
أبو بكر بن عياش : فقلت لرجل من قومه أويس بأي شيء بلغ هذا قال : فضل الله يؤتيه
من يشاء. مات رحمه الله سنة 37هـ.
(محافظةالحديدة)
1-
أبو العباس أحمد
بن موسى بن علي بن عمر بن عجيل: الإمام العالم الكبير والقطب العارف الشهير،
المجمع على ولايته وفضله وجلالته وانفراده عن أقرانه وتميزه على أهل زمانه (وهو من
أبناء تهامة من محافظة الحديدة)، كان رحمه الله تعالى إماماً من أئمة المسلمين
المنتفع بهم علماً وعملاً، وكان اشتغاله بالعلم على عمه الفقيه إبراهيم وعلى غيره،
واستفاض بين الناس أنه لم يشتغل في صغره بشيء من اللعب كما يعتاده الصبيان، وأنه
ظهر عليه أثر الصلاح وهو صبي، ومن غريب ما يحكى عنه، أنه كان في أيام بدايته يخرج
من البيت قبل الفجر وما يدخله إلا بعد العشاء، من كثرة الاشتغال والعلم والعبادة
والصيام وغير ذلك، حتى أنه دخل في بعض الأيام البيت بالنهار فلم يعرفه بعض أهل
البيت لأنهم لا يرونه إلا بالليل. ويحكى أن الملك المظفر أرسل إلى الفقيه أحمد
المذكور وإلى الفقيه إسماعيل الحضرمي وإلى الفقيه محمد الهرمل يطلبهم، وكان غرضه
أن يولي أحدهم قاضي القضاة فلما وصل إليهم الطلب، أتى الفقيه إسماعيل وأبو الهرمل
ومرا على الفقيه أحمد، ليعزم معهما إلى السلطان، فقال لهما: قد عزمتما على الذهاب
إليه؟ قالا: نعم، فقال: كان رأيي أن لا تفعلا، وإذا فعلتما فلا تذكراني، وإذا
ذكرني فقولا له: هو في عش البادية، إن تركته وإلا ذهب إلى أرض الحبشة. وكانت له
كرامات كثيرة تظهر عليه من غير قصد، وكان أشد الناس كتماناً لذلك. ولم يزل على
قدمه المبارك من التدريس ونشر العلم مع كمال العبادة والورع والزهد والتقلل من
الدنيا إلى حد الغاية، حتى توفي رحمه الله تعالى ونفع به، يوم الثلاثاء خامس
وعشرين من شهر ربيع الأول من سنة تسعين وستمائة.
2-
أبو الحسن علي بن
إبراهيم بن الفقيه الكبير محمد بن حسين البجلي (محافظة الحديدة): كان فقيهاً عالماً عاملاً كاملاً زاهداً ورعاً، أخذ عن جماعة من الأعيان،
كالفقيه أحمد بن موسى بن عجيل وغيره، وكان يحفظ المهذب عن ظهر الغيب، حفظاً يميز
فيه بين الفاء والواو، وتخرج به جماعة نحو مائة مدرس، ولم يكن أحد من الفقهاء أكثر
أصحاباً منه، ولزم طريق الزهد والورع، وشهر بالعلم والصلاح، وفعل المعروف حتى قصده
الناس من كل مكان، وسكن معه في قرية شجينة خلق كثير، حتى صارت قرية كبيرة، وهي بضم
الشين المعجمة وفتح الجيم وسكون المثناة من تحت. قال الجندي: أخبرني الفقيه
عبدالله بن محمد الأحمر، أحد المدرسين بمدينة زبيد قال: صحبت الفقيه علياً المذكور
عشرين سنة، ما أعلم أن سائلاً سأله فاعتذر منه، قال: وأخبرني الفقيه محمد بن علي
الحضرمي فقيه مدينة زبيد في عصره قال: لما جئت الفقيه علياً بن إبراهيم أريد أن
أقرأ عليه وأنا مشتغل القلب، متفرق الخاطر، وأنا أحب أن أجمع قلبي على طلب العلم،
فبأول درسة قرأتها عليه، قمت وأنا بخلاف ما كنت عليه من اضطراب الخاطر، وكان في
نفسي عدة مسائل قد أشكلت عليَّ فزال عني جميع ذلك الإشكال، فعرفت أن ذلك ببركته،
ثم ما زلت أجد الزيادة في فهمي بعد ذلك، وكان الفقيه علي كثير الحج، بلغت حجاته
نيفاً وثلاثين حجة، و كان كثير البر، وفعل المعروف، إن أقام في بيته أطعم الوافدين
والطلبة المنقطعين وغيرهم، وإن سافر للحج أنفق في الطريق وفي مكة وغيرها ما يجاوز
الحد عكاء، موقن بالخلف، وكانت له مع ذلك كرامات ظاهرة.
(محافظة صنعاء)
2- أبو مسلم الـخولانى: هو عبد بن ثوب
الخولانى، من خولان ببلاد اليمن، دعاه الأسود العنسى إلى أن يشهد أنه رسول الله، وقال
له أتشهد أنى رسول الله؟ فقال: لا أسمع. أشهد أن محمداً رسول، الله فأجج له ناراً
وألقاه فيها، فلم تضره، وأنجاه الله منها، فكان يشبَّه بإبراهيم الخليل، ثم هاجر
فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فقدم على الصديق، فأجلسه بينه وبين عمر،
وقال له عمر: الحمد لله الذى لم يمتنى حتى أرى فى أمة محمد من فعل به كما فعل
بإبراهيم الخليل وقبله بين عينيه. وعن
يزيد بن جابر قال: كان أبو مسلم الخولاني يكثر أن يرفع صوته بالتكبير حتى مع
الصبيان، وكان يقول اذكروا الله حتى يرى الجاهل أنكم مجانين. وعن ابن هبيرة أن
كعباً كان يقول: إن حكيم هذه الأمة أبو مسلم الخولاني. وعن علقمة بن مرثد قال
انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين منهم أبو مسلم الخولاني. قال أبو مسلم
الخولاني : العلماء ثلاثة فرجل عاش في علمه وعاش معه الناس فيه، ورجل عاش في علمه
ولم يعش معه فيه أحد، ورجل عاش الناس في علمه وكان وبالاً عليه. مات رحمه الله سنة
60هـ.
(محافظة المحويت)
3-
أبو إسحاق
إبراهيم بن محمد الملحاني: كان فقيهاً
عالماً صالحاً، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مجاب الدعوة، مسكنه الدوم
من جهة ملحان (من محافظة المحويت)، وهو جبل عظيم شرقي المهجم، يشتمل على قرى كثيرة
ومزارع وغير ذلك، خرج من هذه الناحية جماعة من أهل العلم والصلاح، وهو بكسر الميم
وسكون اللام وبعدها حاء مهملة وألف ونون. كان الفقيه إبراهيم المذكور من قوم
يعرفون ببني إدريس في تلك الناحية، وكان فيهم جماعة يتظاهرون بشرب الخمر فنهاهم
الفقيه عن ذلك فلم ينتهوا فدعا عليهم فسلط الله عليهم الجذام ثم بعده الفناء، وكان
أهل القرية لا يورثون النساء شيئاًً فأخبرهم الفقيه عن فريضة الله تعالى في ذلك
حتى رجعوا إلى الحق ببركته، ولم يزل محمود السيرة إلى أن توفي رحمه الله تعالى
وخلف ولدين، هما عبدالله وعلي اشتغلا بالفقه وكانا صالحين رحمهم الله تعالى أجمعين
أمين.
(محافظة
أبين)
4-
أبو العباس أحمد
بن الجعد الأبيني: كان المذكور من
كبار مشايخ الطريقة ومشاهير رجال الحقيقة، صاحب سيرة محمودة وآثار موجودة، صحب
الشيخ سالم بن محمد، وتخرج به، ولما توفي قصد الشيخ علياً الأهدل، وصحبه وانتفع
به، ثم رجع إلى بلده أبين، وقد ظهرت عليه إمارات القبول، واشتهر أمره وانتشر ذكره،
وصحبه جمع كثير عظيم، وانتفعوا به، وله في تلك النواحي ربط كثيرة وأتباع ينسبون
إليه ممن شهر وذكر، وكان في بدايته شديد المجاهدة لنفسه. وكان للشيخ أحمد رحمه
الله تعالى شعر وكلام منثور في التصوف وهو مدون. وكانت وفاته لبضع وتسعين
وستمائة...
(محافظة
صنعاء)
5-
أبو العباس أحمد
بن محمد بن أبي بكر اليماني ( من أهل حراز): بفتح الحاء المهملة وتقديم الراء على الزاي بينهما ألف، وهو موضع متسع شرقي
الوادي سهام، خرج منه جماعة من العلماء والأولياء، كان المذكور فقيهاً عالماً
صالحاً ورعاً زاهداً جواداً كريماً معروفاُ بالجود، وإكرام الوافدين، وصلة
الواردين، صبوراً على السعي في قضاء حوائج المسلمين، ولو إلى الأماكن البعيدة،
ويتحمل في ذلك المشقة وكان وجيهاً عند الناس مقبول القول مسموع الكلمة ببركة صدقه
في ذلك، ولم يزل على الحال المرضي حتى توفي سنة ست وعشرين وسبعمائة رحمه الله
تعالى آمين.
(محافظة
تعز)
6-
أبو أسامة زيد بن
عبدالله بن جعفر بن إبراهيم اليافعي: نسبة إلى قرية يقال لها يفاعة، بفتح المثناة من تحت والفاء وبعد الألف عين
مهملة ثم هاء تأنيث، قريبة من مدينة الجند، كان المذكور إماماً كبيراً عالماً
ورعاً زاهداً، تفقه بمدينة الجند ثم ارتحل إلى مكة المشرفة وأخذ بها عن جماعة من
أهلها، ثم رجع إلى الجند ونشر العلم هنالك، وانتفع به الناس وارتحلوا إليه من نواح
شتى وارتفع صيته، قال الجندي: بلغ أصحابه نحو ثلاثمائة متفقه، وكان يقوم بغالبهم
قوتاً وكسوة وغير ذلك، ثم رجع إلى مكة المشرفة وأقام بها مدة عاكفاً على التدريس
والفتوى هنالك، ثم رجع إلى الجند واستقر بها وانتشر عنه العلم انتشاراً كلياً،
وقصد من كل ناحية وتخرج به جماعة من المدرسين المفتين، وكان غالب أحواله في آخر
عمره إنما يدرس في بيته إثاراً للخمول وعدم الشهرة، وكان متورعاً عن صحبة الملوك
ومخالطة الولاة كثير العبادة وظهرت له كرامات كثيرة. وكانت وفاته سنة أربع عشرة
وخمسمائة، وقبره بالمقبرة القريبة من مدينة الجند.
(محافظة عدن)
7-
أبو مروان الحكم
بن أبان العدني (من محافظة عدن): هو الحكم بن أبان بن عثمان بن عفان رضي الله
عنه، كان أحد فقهاء التابعين، وكان كثير الاجتهاد في العبادة. وكان مشهوراً
بالعفاف وكرم النفس، والمسجد المعروف في مدينة عدن بمسجد أبان منسوب إلى والده،
وهو من مساجدها المشهورة، وفيه أقام الإمام أحمد بن حنبل حين قدم للأخذ عن ولده
إبراهيم بن الحكم، وكان إبراهيم فقيهاً فاضلاً محدثاً ويكفيه فضيلة ارتحال الإمام
أحمد بن حنبل إليه، ولما وصل الإمام أحمد إلى عدن وجده قد توفي، وكانت وفاة الحكم
المذكور سنة أربع وخمسين ومائة.
(محافظة إب)
8-
أبو التقي دحمل
بن عبدالله الصهباني: كان شيخاً صالحاً
ناسكاً متعبداً مشهوراً بالولاية. ومن كراماته أنه لما عزم السلطان طغتكين بن أيوب
على شراء أرض أهل اليمن وأراد أن يجعلها ملكاً للديوان، ضج الناس من ذلك وشق
عليهم، فاجتمع هذا الشيخ دحمل هو وجماعة من الصالحين في بعض المساجد، واعتكفوا فيه
ثلاثة أيام على صيام النهار وقيام الليل، فلما كان آخر الليل من الليلة الثالثة
خرج الشيخ دحمل من المسجد وجعل ينادي رافعاً صوته على سبيب الوله: يا سلطان السماء
اكفِ المسلمين حال سلطان الأرض، فقال له أصحابه: أسكت، فقال قضيت الحاجة وحق
المعبود وسمعت قارئاً يقرأ قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. ويقال أنه قال: رأيت
السلطان وهو بارز وسهام تأتيه من كل ناحية حتى وقع ميتاً، فلما كان ظهر ذلك اليوم
توفي السلطان المذكور وكفى الله الناس شره ببركة هؤلاء القوم، نفع الله بهم، وكانت
وفاة الشيخ دحمل بعد الستمائة تقريباً، وهو بفتح الدال وسكون الحاء المهملتين وفتح
الميم وآخره لام، والصهباني منسوب إلى صهبان بضم الصاد المهملة وسكون الهاء وقبل
الألف باء موحدة وبعده نون، وهي جهة متسعة مما يلي مدينة جبلة، خرج منها جماعة من
العلماء والصالحين نفع الله بهم أجمعين.
(أمانة
العاصمة)
9-
أبو عبدالرحمن
طاووس بن كيسان اليماني التابعي(صنعاء – أمانة العاصمة): أصله من الفرس وأمه مولاة لقوم من حمير، كان مسكنه مدينة الجند ويترددمع ذلك
إلى صنعاء، وربما أقام بها مدة وهو من كبار التابعين، أدرك خمسين من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم وصحبهم وأخذ عنهم، منهم علي وابن عباس وابن عمر ومعاذ بن
جبل وزيد بن ثابت وأبو هريرة وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين. قيل لعبدالله بن أبي
زيد: مع من كنت تدخل على ابن عباس؟ قال: مع عطاء والعامة. قيل له فطاووس قال:
هيهات كان يدخل مع الخواص، وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا ذكره قال: ذاك عالم
اليمن، وعنه أخذ جماعة من التابعين كمجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وابن المنكدر
والزهري وغيرهم ممن لا يحصون كثرة، وكان ابن دينار يقول: ما رأيت مثله. يحكى أنه
اجتمع هو وجماعة من العلماء كالحسن البصري ومكحول والضحاك وغيرهم، بمسجد الخيف
بمنى، فتذاكروا في القدر حتى علت أصواتهم، فقام طاووس، وكان فيهم رئيساً فقال:
انصتوا فاخبركم بما سمعت فأنصتوا فقال: سمعت أبا الدرداء يخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحدَّ لكم حدوداً
فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء فلا تتكلفوها، ونحن
نقول ما قال ربنا عز وجل، ونبينا صلى الله عليه وسلم: الأمور كلها بيد الله تعالى،
من عند الله تعالى مصدرها وإليه مرجعها ليس للعبد فيها تعرض ولا مشيئة، فقام القوم
وهم كلهم راضون بكلامه. ويروى عن معمر أنه قال: قال لي أيوب السختياني: إن كنت
راحلاً إلى أحدٍ فعليك باب طاووس. ولما مات أبوه وكان عليه دين، فباع من ماله ما
قيمته ألف بخمسمائة وأعطاه الغرماء، فقيل له: لو استنظرتهم فقال: كيف استنظرهم
وأبو عبدالرحمن محبوس عن منزله والله أعلم. كان كثير الحج إلى بيت الله تعالى، يقال
أنه حج أربعين حجة. وكانت وفاته بمكة يوم التروية سنة ست ومائة، وقد بلغ عمره
بضعاً وتسعين سنة.
(محافظة حضرموت)
10-
أبو عبدالله عمرو
بن ميمون الأودي (حضرموت): بفتح الهمزة وسكون الواو ثم دال مهملة وآخره ياء نسب، كان المذكور من كبار
التابعين، أدرك جماعة من كبار الصحابة رضي الله عنهم كعمر وعلي وابن مسعود وأبي
هريرة وابن عباس وابن عمر وغيرهم، وروى عنهم، وكان عابداً زاهداً معدوداً في
الأولياء، ذكره أبو نعيم في كتاب حلية الأولياء وابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة،
وقالا: حج مائة مرة ما بين حجة وعمرة، وكان يقول: ما يسرني أن أمري يوم القيامة
إلى أبوي، كان أصله من حضرموت ونسبه في مذحج، وكان ممن إذا رؤي ذكر الله، وكانت
وفاته بالكوفة سنة خمس وسبعين من الهجرة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم.
ومن المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال: (طبقات الخواص/للمرحوم العلامة أحمد بن
أحمد بن عبداللطيف الشرجي الزبيدي/ من منشورات الدار اليمنية للنشر والتوزيع
الطبعة الأولى (1406هـ – 1986م)، (برهان البرهان الرائض في الجبر والحساب والخطأين
والأقدار والفرائض/ تأليف الشيخ الإمام العلامة برهان الدين إبراهيم بن عمر
البجلي/ تحقيق الاستاذ/محمد محمد عبدالله العرشي/ من مطبوعات المكتبة العصرية
بلبنان 2013م). (قرة العيون بأخبار اليمن الميمون/ تأليف المرحوم العلامة
عبدالرحمن بن علي الديبع/ تحقيق المرحوم القاضي محمد بن علي الأكوع الحوالي/ دار
المطبعة السلفية – القاهرة )، (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع/ للقاضي
العلامة محمد بن علي الشوكاني/ جمعه محمد محمد يحيى زباره/وضع حواشيه خليل
المنصور)، (السلوك في طبقات العلماء والملوك/ تأليف القاضي أبي عبدالله بهاء الدين
الجندي/ تحقيق القاضي المرحوم/محمد علي الأكوع/ من مطبوعات وزارة الإعلام والثقافة/
الطبعة الأولى 1983م).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق