الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

مديريات الشيخ عثمان والمنصورة والمعلا ودار سعد



الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة عدن
مديريات: (الشيخ عثمان، المعلا، دار سعد، المنصورة)

إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.... يسرني أن أقدم لك في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء، الحلقة السابعة عن محافظة عدن (ثغر اليمن الباسم)، وقد آليتُ على نفسي أن لا أخوض في الجوانب السياسية ودسائسها مسترشداً بقول الشاعر اليمني الكبير المرحوم أحمد محمد الشامي المولود 1342هـ 1924م المتوفى 13/3/2005م المولود في مدينة الضالع:
رب رحماك بالعروبة ضاعت

بين أوباشها وبين عداها

وقد عودت القارئ الكريم أن أقدم له في كل حلقة نبذة صغيرة عن علم من أعلام اليمن الذين كان لهم بصمات واضحة في الحياة الأدبية أو الاجتماعية أو الفنية، وفي هذه الحلقة أقدم شخصية بارزة وحية في الإبداع في المجال الفني من أبناء عدن، وكان إبداعه على مستوى اليمن والجزيرة العربية، وهو الفنان الكبير المرحوم محمد مرشد ناجي المولود في مدينة عدن مدينة الشيخ عثمان في 4 جماد الثاني 1348هـ الموافق 6 نوفمبر 1929م المتوفى في 7 فبراير 2013م.. وهو من أم صومالية كافحت وجاهدت في تربية فنان اليمن الكبير محمد مرشد ناجي، ووالده مرشد ناجي من أبناء محافظة تعز من بيت الشوافي، ولقد غنى فناننا الكبير محمد مرشد ناجي لليمن وللعرب وتسابقت عواصم الدول العربية ودول الخليج في دعوته للغناء في مناسباتها الوطنية والقومية ليشدو في عواصمها بأجمل أغاني التراث وكأنه زرياب يشدو في مدينة بغداد أيام هارون الرشيد، ومع هذا لم ينجو المرشدي من دسائس السياسيين ومكرهم وخداعهم وصراعاتهم السياسية سواءً في عهد الاستعمار البريطاني أو في عهد الاستقلال والصراع الذي حدث بين الجبهتين جبهة التحرير أو الجبهة القومية.. وهنا أيها القارئ الكريم أقدم لك نبذة عن حياة هذا العلم الفني الشامخ: فقد ولد ونشأ في حي (الشيخ عثمان)، من مدينة عدن.. مغنٍّ، ملحن، عازف. نشأ في أسرة فقيرة، وتلقى مبادئ القراءة والكتابة في الكتاب، ثم التحق بالتعليم النظامي؛ غير أنه لم يستطع مواصلة الدراسة.. تولى عددًا من المهام والوظائف؛ منها: أنه عين سنة 1370هـ/1950م، سكرتيرًا لسلطنة أبين، وفي سنة 1373هـ/1953م، عمل في إدارة مدرسة (النهضة) في حي (الشيخ عثمان)، وفي سنة 1377هـ/1957م، عمل كاتبًا في شركة الزيت البريطانية، ثم كاتبًا في شركة (شل) البريطانية، وفي سنة 1388هـ/1968م، عمل كاتبًا في (البنك العربي)، ثم كاتبًا في (البنك الأهلي اليمني)، وفي عام 1393هـ/1973م، عين مساعدًا لنائب وزير الثقافة حتى عام 1421هـ/2001م، انتخب عضوًا لمجلس النواب في انتخابات سنة 1417هـ/1997م، عن إحدى دوائر مدينة عدن.. بدأ مشواره الفني في مدينة عدن بالغناء في الحفلات التي كانت تقام في المخادر (خيم الأعراس)، وغنى لكثير من الشعراء اليمنيين، ولحن لكثير من الفنانين اليمنيين والعرب، وكانت أنشودته (أنا الشعب زلزلة عاتية) من أوائل الأناشيد التي بثتها إذاعة صنعاء؛ عقب قيام الثورة الجمهورية وسقوط النظام الملكي سنة 1382هـ/1962م، وكانت تجري على كلِّ لسان.. ويعد صاحب الترجمة مدرسة غنائية متفردة، ذاع صيته وانتشر في كلِّ أقطار الوطن العربي، وله تلامذة كثيرون؛ منهم: الفنان (طه فارع)، والفنان (محمد صالح عزاني)، والفنان المنلوجست (فؤاد الشريف).. من مؤلفاته: أغانينا الشعبية، صدر سنة 1379هـ/1959م. الغناء اليمني القديم ومشاهيره. صفحات من الذكريات. أغنيات وحكايات.
أولاً: مديرية الشيخ عثمان
الشيخ عثمان: من أحياء مدينة عدن. سميت باسم ولي من أولياء الله الصالحين هو الشيخ عثمان الذي بناها في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وكانت قبل ذلك منطقة أحراش وأشجار ترعى وسطها وحواليها الجِمال والأغنام وقطيع من الغزلان. وأول من سكن هذه المنطقة جماعة من الصيادين.  وتعتبر الشيخ عثمان واحدة من مديريات مدينة عدن التي تبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة 365كم جنوباً. وتبلغ مساحة المديرية 43كم2، وعاصمة المديرية مدينة الشيخ عثمان. وتضم هذه المديرية عدد من الأحياء هي: (أول مايو، عبود، مصعبين، الوحدة). وبلغ عدد السكان في هذه المديرية (66.562) نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
والشيخ عثمان هي ملتقى كل مديريات المحافظة، وتقع المديرية في الشمال الشرقي لمحافظة عدن، يحدها من الشرق منطقتي الشيخ الدويل والممدارة ومن الغرب منطقة القاهرة ومن الشمال منطقة عمر المختار ومن الجنوب منطقة عبد القوي الداخلي والخارجي. أبرز ما يميزها مسجدالنور الذي يتربع في وسطها فيملأها هيبة وجمالا ،وكذا محطة الهاشمي (الفرزة) محطة مواصلات إلى جميع المحافظات الجنوبية كالضالع ولحج وأبين وغيرها.. وقد سميت هذه المديرية بالشيخ عثمان في بداية القرن السابع عشر، فقد كانت عبارة عن مزار ديني للولي الشيخ عثمان (عثمان بن محمد التركي) المقبور فيها، وسميت المدينة باسمه.. ويؤكد الرحالة الإنجليزي هنري سلت الذي زار المدينة في عام 1809م، وهو في طريقة إلى لحج يشير أنها كانت لا تزال غابة كثيرة الأشجار بجانب القرية وقبة الولي، وتمتد المساحات الخضراء إلى عشرات الكيلومترات تشكل مرعى رئيسي للأغنام والجمال التي كانت تشاهد في كل أنحاء الغابة.. ويبدأ تاريخ مديرية الشيخ عثمان عندما اشترى الإنجليز من سلطان لحج الأرض الممتدة من خور مكسر إلى وراء البستان الكمسري سابقاً (حديقة الملاهي حالياً)، فأسسوا البدايات الأولى للمدينة لاستيعاب الزيادة في عدد السكان، ويعود تخطيط المدينة وبناؤها في الشكل الذي عليه الآن إلى الإنجليز، أما مدينة الشيخ عثمان الأصلية فهي قرية الدويل (الشيخ الدويل) التي كان يقع بجانبها قبر الولي الذي سميت باسمه. حيث ادركت بريطانيا في أواخر عام 1870م أن عدن مزدحمة للغاية وكان الحل المقترح من قبل الحاكم البريطاني في ذلك الوقت، بشراء قرى الشيخ عثمان والعماد والأراضي المجاورة من سلطان لحج لها بغية تشكيل مستوطنات مدنية لتخفيف الضغط السكاني في مدينة عدن. كان الاقتراح قد عرض على حكومة الهند في عام 1878م وتمت الموافقة عليه في يونيو 1879م، ولكن عملية الشراء الفعلية تم تأجيلها إلى أن تتحسن الظروف المالية.. وفي يوليو 1879م تم دفع دفعة أولية قدرها 20,000 روبية لسلطان لحج وفي العام التالي أدرك الإنجليز أن شراء الأرض ينبغي أن يكتمل دون مزيد من التأخير. وقد وافقت حكومة الإنجليز في نوفمبر 1880م على دفع ما يلي: 35,000 روبية لسلطان لحج، مما يجعل المجموع 55,000 و5,000 روبية للسلطان الفضلي الذي أدعى ملكيته لجزء من هذه الأراضي، بالإضافة إلى 5,000 أخرى لقاضي لحج الذي ساعد في التوسط في الصفقة. إضافة إلى هذه المبالغ المدفوعة لسلطان لحج تم زيادة الإعانة الشهرية من حكومة الإنجليز لسلطان لحج لتعويضه عن خسارة عائدات الماء والملح من هذه الأراضي. واتفقوا أيضا على أن تغيير الحدود لن يغير من حق السلطان على جباية مستحقات العبور على التجارة مع عدن... وفي عام 1920 م تأسست في المدينة مصانع الملابس القطنية وازدهرت صناعة (البرود اليمنية الشهيرة).. واليوم أضحت مدينة الشيخ عثمان من أوسع المدن في محافظة عدن وأغناها أسواقاً وأكثرها عمراناً وكثافة سكانية. من أبرز شواهدها بساتين في ضواحيها كان هناك بستان الحيوانات معروف باسم بستان عبدالمجيد السلفي وبستان كمسري وبساتين الدار.
ومن أهم المعالم التاريخية في مديرية الشيخ عثمان في وقتنا الحاضر نذكر منها التالي:
o مسجد النور ويعد أكبر المساجد فيها تم بناؤه عام 1958م..
o مسجد الهاشمي: سوق الشيخ عثمان القديم (سوق الخضرة والفاكهه والتمر واللحوم والحناء وما إلى ذلك)..
o الحديقة العامة ( والان هي عبارة عن مكان مفتوح)..
ثانياً: مديرية دار سعد
هي واحدة من مديريات محافظة عدن التي تبعد عن العاصمة صنعاء 365كم جنوباً، تبلغ مساحة المديرية 70كم2، وهي بهذه المساحة فإنها تحتل المرتبة 3 على مستوى المحافظة، وعاصمة المديرية مدينة دار سعد.. تضم هذه المديرية الأحياء التالية: (البساتين، 7 أكتوبر، مأرب، مصعبين).. وبلغ عدد السمان في هذه المديرية 80.541 نسمة وذلك بحسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
ودار سعد؛ قرية في سهل لحج الفسيح تقع شرقي الحسوة قبل الدخول إلى مدينة عدن. سُميت نسبة إلى الأمير سعد بن سالم الذي عينه السلطان فضل بن علي العبدلي سنة 1299هـ ليكون وكيلاً له فيها. وكان اسم الموضع قبل ذلك (بير أُمحيط)..
وتعني دار سعد (دار الأمير) وكانت في فترة الاحتلال البريطاني أقصى نقطة حدودية لمستعمرة عدن من جهة الغرب باتحاه السلطنة العبدلية بلحج. وقد أُطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى أحد الأمراء العبادلة الذى بنى فيها قصراً قبل الاحتلال.. وكانت دار سعد تابعة لحي الشيخ عثمان قبل أن يشتري الانجليز المنطقة من السلطان العبدلي. ولقد اهتموا بها باعتبارها أقصى نقطة جمركية مهمة في المستعمرة بمحاذاة سطنة العبادلة وممراً للقوافل ثم للسيارات المحملة بالبضائع والمسافرين إلى شمال اليمن، وإمارات الجنوب في المحمية الغربية.. وخلال الحرب العالمية الأولى والسنوات التي تلتها تزايدت أهمية حي دار سعد بسبب عاملين أولهما يتعلق بالمواصلات والثاني بالناحية العسكرية والأمنية.. فقد قام الأتراك في شهر يوليو 1915م بغزو محمية عدن الغربية من شمال اليمن واستطاعت قواتهم أن تحتل حي دار سعد وحي الشيخ عثمان إلا أنها انسحبت وتوقفت في سلطنة العبادلة في لحج خلال سنوات الحرب العالمية الأولى . لذلك كان من الطبيعي أن تزداد أهمية حي دار سعد الإستراتيجية والعسكرية خلال تللك السنوات. وبعد أن مدت الحكومة سكة الحديد من عدن إلى لحج صار القطار يمر بدار سعد وأصبح الحي محطة هامة في طريقة.. وفي هذه الفترة ظهرت في حي دار سعد بعض المباني السكنية المدنية والتجارية المختلقة وفق التخطيط الذي أراده الإنجليز فظهرت العديد من المستودعات والمخازن وبعض المحلات التجارية..  وبسبب انخفاض تجارة الصادرات والواردات في قطاعي السلع الغذائية والملابس من مستعمرة عدن إلى خارجها خلال فترة الحرب العالمية الأولى ادزهرت تجارة التهريب إلى خارج المستعمرة فأصبحت دار سعد بحكم موقعها على الحدود أهم نقطة للتهريب في المستعمرة مما ساعد على زيادة توسيع تجارة التهريب عدم قدرة البوليس البريطاني المكلفين بحراسة هذه النقطة الحديثة في دار سعد.. وقد ازدهرت دار سعد ازدهاراً كبيراً نتيجة لتجارة التهريب خلال سنوات الحرب وما بعدها فأثرى الكثير من المغامرين، كما كانت دار سعد منفى للمعارضين للحكم البريطاني في مستعمرة عدن..فبعد إبعادهم عن أحياء كريتر والمعلا والتواهي التي كان يسكنها البريطانيون تم نفيهم في حي دار سعد. وتواصل تطوير المباني في هذا الحي فوقع تشييد بعض المباتي السكنية الحكومية والمرافق و المحلات التجارية و الملاهي اليبسيطة.. وبعد الحرب العالمية الثانية سنة 1950م تحديداً بنيت العديد من البيوت السكنية والحدائق والبساتين وهي شبيهة بالمنازل السكنية في أحياء المستعمرة وقد أمدتها السلطة بكافة الخدمات من ماء وكهرباء وطرق معبدة وهاتف، وشملها ذلك الى النقطة الحدودية بين سلطنة العبادلة بلحج وحدود مستعمرة عدن في حي دار سعد..
ثالثاً: مديرية المعلا
واحدة من مديريات مدينة عدن التي تبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تقدر 365كم جنوباً.
تبلغ مساحة المديرية 5كم2، وتعتبر مدينة المعلا هي عاصمة المديرية. وتضم المديرية الأحياء التالية: (ردفان، مدرم، الطبعة العاملة، ناصر). وبلغ عدد سكان المديرية (54.960)نسمة بحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م..
كانت مدينة المعلا محلاً لصناعة السفن الشراعية ويرفعونها في مكانٍ عالٍ عن البحر، لذلك سميت بالمعلا وتعني المكان العالي بحسب المؤرخ (حمزة لقمان)..
والمعلا مدينة ترتبط بمدينة عدن. قال الأستاذ عبدالله محيرز: تمتد حالياً من قرب جحيف امتداداً مستمراً بمحاذاة الساحل إلى باب عدن، وتوسعت مدينة (المعلا ) عند سفح جبل شمسان بعد عام (1868م) عندما حول الأنجليز رصيف ميناء صيرة القديم في (كريتر) إلى رصيف المعلا بعد توسعته عام (1869م) ؛ وبتوسعها هذا أصبحت مستحوذة على أطول شريط ساحلي مقارنةً بالتواهي وعدن.. وهي كالتواهي مدينة نَمَت خلال القرن التاسع عشر كميناء ومرسى للسفن، وبُني فيها عديد من المخازن والأرصفة التي تستخدم لإنزال البضائع وخزنها.. وعلى الرغم من توسع "المُعلا" منذ القرن التاسع عشر إلا أنه يبدو أن لها جذوراً أعمق من ذلك في تاريخ عدن، إذ من المحتمل أن تكون وريثه "المَباه" تلك القرية التي نشأت خارج باب عدن ثم اختفت في القرن السادس عشر. فموقع المعلا الحالي يشمل موقع المباه القديم، بل إن بعض المهن التي مارسها سكان المباه، كحرق النوره والحُطُم، بقيت في المعلا حتى نهاية القرن التاسع عشر.. وقد اعتاد الناس قبل أن تكبر المدينة وتتسع، تقسيمها إلى قسمين: مُعلا دَكَّه، وتعني الفرضة. ومُعلا صُومال، وهي الحي السكني وغالبه من الصوماليين الذين استوطنوا المعلا واحترفوا قيادة الزوارق والاصطياد.. وفي الخمسينات من القرن العشرين تغير وجه المدينة تغيراً كاملاً، فقد كُبِسَت مساحة كبيرة من البحر، وبُني عليه أطول شارع من العمارات الحديثة على طريق واسع حديث يربط "باب عدن" بمنطقة جُحيف ثم بالتواهي.. وقامت تلك العمارات الحديثة باستيعاب عائلات أفراد القوات العسكرية البريطانية إبان الاستعمار البريطاني.
رابعاً: مديرية المنصورة
هي واحدة من مديريات مدينة عدن التي تبعد  عن العاصمة صنعاء بمسافة 365كم جنوباً..
تبلغ مساحة المديرية 89كم2، ومركز المديرية هي مدينة المنصورة. وتضم المديرية عدد من الأحياء هي: (تلال شمسان، الثورة، المنصورة، يونيو). بلغ عدد سكان المديرية 114.256 نسمة وذلك حسب التعداد العام للسكان والمساكن 2004م..
حي كبير من أحياء عدن، كالشيخ عثمان والقاهرة والبريقة. وكان الإنجليز قد شيدوا المنصورة قبل أن يرحلوا عن عدن لتكون مدينة نموذجية حديثة. وقد ساعد بناء المنصورة على تخفيف هبوب الأتربة (الغوبة) على الشيخ عثمان أيام الصيف. فقد أدى تعاظم هذه المشكلة في بداية الخمسينات إلى إقامة حزام أخضر من الأشجار غربي الشيخ عثمان لمنع هبوب الرياح على المدينة من ناحية المنصورة قبل بنائها، ويوم كانت المنطقة لا تزال أكواماً من الرمال وكان الحزام الأخضر هذا في البقعة التي شيد فيها مصنع الغزل والنسيج. ومن آثار المنصورة الهامة سجن المنصورة وهو السجن الذي بناه الإنجليز لاعتقال الثوار بعد إتمام عملية استجوابهم وتعذيبهم في رأس مربط وقد كان يوم السادس من إبريل 1967م يوماً مشهوداً في تاريخ سجن المنصورة عندما جاءت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في الجنوب المحتل آنذك. وحالياً المنصورة تحيط بها المساكن الشعبية الكبيرة والحديثة وتغيرت صورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية بعد الاستقلال وكذلك بعد الوحدة اليمنية حيث شيدت مبان جديدة وحديثه ليس في منطقة المنصورة وإنما شملت جميع المدن التابعة لمدينة عدن وكذلك بناء أحياء أخرى مثل حي ريمي وحي عبدالعزيز..
التعليم والثقافة في عدن أثناء تبعيتها لدولة الهند تحت التاج البريطاني
الوضع التعليمي خلال الفترة (1839 – 1875م):
لم يبدأ الإنجليز في فتح أول مدرسة في عدن إلا بعد مضي سبعة عشر عاماً من استعمارهم لها. وحتى تلك المدرسة الأولى التي فتحوها عام 1856م أغلقت أبوابها بعد سنتين فقط من وجودها، ولم يعاد فتحها إلا عام 1866م، بمعنى آخر فإن الإنجليز لم يفتحوا أول مدرسة إبتدائية في المستعمرة إلا بعد مضي ربع قرن كامل من استعمارهم للمنطقة اليمنية..
ومنذ البداية فقد كانت الأهداف من وراء فتح المدرسة سياسية وتبشيرية فالشخص الذي تحمس في فتحها كان هو القسيس المستعرب جي . بي . بدجر، الذي كان أحد واضعي السياسة البريطانية الرئيسية في المنطقة، وكان الوحيد الذي يمكن أن يتراسل مباشرة، من وراء ظهر المقيم السياسي، مع حاكم بومبي ورئيس المجلس الهندي كما أنه كان يعد في بريطانيا خبيراً في شؤون الشرق الأوسط، ويقوم بتقديم نصائحه إلى الوزراء البريطانيين أو نشر آرائه في أمهات المجلات السياسية.
في عام 1866م طلب الكولونيل سيرويذر، المقيم السياسي آنذاك، الإذن وتحصل عليه بإعادة فتح المدرسة الحكومية الابتدائية في عدن... وفي البداية، كما كان متوقعاً لم يتجاوب إلا القليل من كان المستعمرة. وخلال العامين الأولين فإن تقدم المدرسة لم يكن مرضياً بأي حال من الأحول. فمعظم التلاميذ كانوا من أبناء جنود الوحدة الهندية في الجيش البريطاني المعسكرين في عدن. ولم يكن في سجل المدرسة سوى ستة تلاميذ فقط من المدينة ذاتها. وخلال الأربع سنوات الثانية.. ارتفع الحضور من (21) إلى (50) تلميذاً. وسرعان ما وجد التجار الفائدة من التعليم باللغة الإنجليزية. فقد استطاع بعض التلاميذ الحصول على وظيفة في المكاتب الحكومية.. وبالتدريج بدأ حتى العرب يرسلون أبناءهم إلى المدرسة وخلال أربع سنوات الأخيرة فإن المؤسسة، والتي تسمى (مدرسة الإقامة في عدن) أصبحت تضم تلاميذ من كل الطبقات والمذاهب وهذه قائمة بتوزيع التلاميذ في المدرسة عام 1877م حسب جنسياتهم:فرس 9تلاميذ، بانيان 8، خوجه 2، مهمن7، بهرى5، يهود3، عرب5، مسلمون آخرون 15..
وقد تم تأسيس مدرسة عربية حكومية في ذات الوقت التي تأسست فيها المدرسة الإنجليزية. وتقوم بدعمها كل من الحكومة والبلدية – تدفع الحكومة (480) والبلدية (820) روبيه في العام – ويبلغ عدد تلاميذها (130) ولداً و (20) فتاة، والدراسة فيها بالمجان كما هي العادة في البلدان الإسلامية فإن الدراسة فيها بواسطة القرآن. وقد أدخلت فيها مؤخراً مواد غير دينية في القراءة والكتابة ومبادئ الحساب. وقلما تتعلم البنات أكثر من القراءة لأنهن يتركن المدرسة في سن الثامنة.
الوضع التعليمي خلال الفترة 1875 – 1900م وإذا تابعنا تطور التعليم الحكومي خلال ربع القرن الأخير من القرن التاسع عشر فسنجد أنه لم تضف سوى مدرستين عربيتين حكوميتين، الأولى عام 1879م في المعلا، والثانية عام 1880م في التواهي. كذلك فقد فتحت خلال هذه الفترة أيضاً مدرستان تبشيريتان كاثوليكيتان وقد بلغ عدد التلاميذ في المدارس الثلاث الإبتدائية العربية في أواخر القرن وبوجه التحديد عام 1897م (256) تلميذ. وبالنسبة للمنهج فقد أدخلت مادة مسك الدفاتر في المدرسة الحكومية الإنجليزية كما أن حصص الدراسات القرآنية قلل منها في المدارس الحكومية العربية مقابل زيادة في المواضيع النفعية على مستوى ابتدائي.
وقد رجعنا عند إعدادنا هذا المقال إلى العديد من المراجع منها: (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (تاريخ ثغر عدن/ أبا محمد عبدالله الطيب بن عبدالله بن أحمد أبي مخرمة، مع نخب من تواريخ ابن المجاور والجندي والأهدل/ الطبعة الثانية 1407هـ 1986م/ منشورات المدينة -صنعاء، شركة التنوير للطباعة والنشر – بيروت)، (الأعمال الكاملة.. العقبة، صهاريج عدن، صيره/ عبدالله أحمد مجيرز/ دراسة تحليلية جغرافية وتاريخية وأبحاث متعمقة/ من مطبوعات صنعاء عاصمة الثقافة العربية200م)، (عدن تحت الحكم البريطاني 1839-1967م/ ر. ج جافن/ ترجمة محمد محسن محمد العمري/ الطبعة الأولى 2013م/ دار جامعة عدن للطباعة والنشر – عدن)،(صفحات من الذكريات/ محمد مرشد ناجي/ إصدارات جامعة عدن2004م)، مجلة الإكليل العدد الأول السنة الثانية صيف 1402هـ 1982م/ مقال للأستاذ سلطان ناجي عن الحالة التعليمية والثقافية في عدن خلال فترة تبعيتها للهند)، (موسوعة الأعلام اليمنيين على الإنترنت) ..
alarachi2012@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق