السبت، 31 يناير 2015

مديرية مبين

بسم الله الرحمن الرحيم
(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) سورة سبأ. أية15
الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة حجة (مديرية مبين)
مجتمعٌ ضاربٌ في القِدَم.. وقلاع وحصون وجبال شامخة
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.. يسرني أن أقدم لك في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء مديرية مبين، وبلادنا تواجه أكبر تحدي شهدته في عصرها الحديث، وفي ظل الأزمة السياسية الخطيرة التي تكاد أن تعصف باليمن شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، وتكاد تغرق بمكونات المجتمع المدني الذي حاولت الأجيال اليمنية بناؤه خلال الأربعين السنة الماضية، والذي بداء يتبلور في بداية القرن العشرين في مدينة عدن في عهد الاستعمار البريطاني وفي منتصف الخمسينيات في عهد الإمام المرحوم يحيى حميد الدين في تعز، وأنا أقول للساسة اصلحوا نياتكم أولاً، وثانياً تكاتفوا فيما بينكم لأنكم مستهدفين كأشخاص، ولن تنفعكم الأموال التي جمعتموها، عندما تفقدون ثقة شعبكم بكم، كما أن المجتمع الإقليمي والدولي سوف يتخلى عنكم، وما يحدث في الصومال والعراق وسوريا خير عبرة لنا جميعاً أيها السياسيون.. وإنني أخاطبكم أخواني وأبنائي وأحفادي في الشمال والجنوب والشرق والغرب؛ إن وحدتكم هي طوق النجاة لكم جميعاً وهذا ما يؤكده لكم تاريخ اليمن الأقرب، فلم نستطع أن نحقق الكثير من الإنجازات إلا في ظل الوحدة، وعندما ظهرت بوادر فقدان الثقة بين شركاء الوحدة، وبداء الشيطان يوسوس بينهم بدأت الانتكاسة، إلا أنني واثق بأن الله سبحانه وتعالى لن يتخلى عنا، وكلي ثقة بأن شعبنا العظيم ومعه المخلصين لهذا الوطن الذين يملكون حساً وطنياً ويتحلون بالصدق والإخلاص والنزاهة؛ قادر على أن يدير شؤونه بنفسه، بالرغم من المصائب التي يتلقاه نتيجة السياسات العشوائية..
مديرية مبين
مبين: بفتح فسكون ففتح. مدينة في الجَبَر وهي عاصمة مديرية مبين إحدى مديريات محافظة حجة، والتي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة حجة بحوالي 10كم، يحدها من الشمال مديريتا: المغربة والشاهل، ومن الجنوب مديريتا: حجة ونجرة، ومن الشرق مديريتا: شرس وحجة، ومن الغرب مديريات: الشاهل، كعيدنة، وضرة.. تبلغ مساحة المديرية 196كم2، وبلغ عدد سكانها50.408 نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام2004م.. تتكون المديرية من (122)قرية تشكل 7عزل هي: عزلة الأربعة، عزلة بني الشومي: "مركز إداري من مديرية مبين في شمال مدينة حجة ومن أعمالها. إليه يُنسب الشيخ أحمد بن علي بن درهم الشومي عضو مجلس النواب 1997م.."، عزلة بني عكاب: "بضم ففتح. جبل وأودية غربي (مبين) من بلاد حجة. يسيل إلى وادي مور، ومن سكانه: آل شَمسان وآل حُميد وآل الحُماطي، كما أن فيه طائفة من سلالة المنصور القاسم بن علي العياني الحسني المنحدرين من سلالة الحسن بن علي بن أبي طالب."، عزلة الجبر: "مركز إداري من مديرية مَبين وأعمال حجة, من محلاته: غيل النَّعيم، بيت سُويد، الجاهلي، مَاذِن، جبل العَمَشي، جبل عُمر، البَرَار، بيت شعلان، القذف."، عزلة الظفير: "بلدة ومركز إداري من مديرية مبين وأعمال حجة. تقع في قمة جبل شمال مدينة حجة بمسافة نحو 15كم. ومن بلدان مركز الظفير: الجميمة، بيت أبو عريج، بيت مَخَارش، بيت عَراصم، النَّاصرة."، عزلة مبين، عزلة المراحبة: "مركز إداري من مديرية مبين في شمال مدينة حجة ومن أعمالها. أهم بُلدانه: البادية، محضان، المروه، جوعان، وادي صالح، غَارِب المنظر، قَطّن، سَيْلَة مَور، تخمد، عِرشَان، النَّشَم، الشَّط، وغير ذلك"...
ومبين من المديريات الهامة في محافظة حجة، فيعود تاريخها إلى ما قبل العصر الإسلامي، وفيها مواقع أثرية تاريخية وقلاع حصون مشيدة على قمم جبالها الشاهقة، كما تحتوي على جروف وقرى مسورة ومحصنة تحصيناً حربياً من خلال النوب والأبراج، وكذا برك الماء ومدافن الحبوب والمساجد التي تساعد في البقاء أطول فترة ممكنة في حال حصارها، كما أنها تشتهر بأنها كانت قبلة للعلماء والمتعلمين فقد احتوت على العديد من هجر العلم، وتمثل ذلك في عدد الهجر العلمية في هذه المديرية مثل: هجرة الظفير، ومبين، والذنوب، وقد برز فيها الكثير من العلماء الذين كان لهم دورٌ كبير وفاعل في التعليم والتحقيق والتأليف والاجتهاد، وورثوا للأجيال اللاحقة الكثير من المؤلفات في مختلف المعارف والعلوم الدينية والدنيوية لم يزل المتعلمون الناس يرتشفون من رحيقها الكثير...  
وتقع مديرية مبين ضمن سلسلة المرتفعات الجبلية الشمالية الغربية لليمن، وتضاربسها جبلية، حيث يغلب عليها السطح الجبلي المرتفع في الغالب مع وجود أراضي منبسطة وهضاب منخفضة في الجزء الشرقي والجنوبي الغربي والوسط. كما تنتشر عدد من المرتفعات الجبلية الأخرى في هذه المديرية مثل ظهر بني عكاب، حصن المروة، الثغراء،الحمراء،…الخ.. ويسود المديرية مناخ معتدل صيفاً في المرتفعات الجبلية، وحار في المناطق السهلية. يينما تنخفض الحرارة في المرتفعات الجبلية لتكون دافئة في المناطق السهلية.
وتعتبر الزراعة هي المهنة الرئيسية لمعظم السكان بالإضافة إلى الرعي، حيث تعتمد الزراعة في هذه المديرية على الأمطار الموسمية خلال فصل الصيف وكذلك على مياه الغيول والتي قدرت بحوالي 36 غيلاً وعيناً، وأهم مصادر المياه للزراعة هي الوديان والسيول التي تزيد عن ثلاثين وادياً وسائلة، فالمديرية تشتهر بعدد من الأودية منها وادي جوعان، حقبة، الحضن، الصافية، الرسبة، المعصرة، المهدي، السلف، توران، بجيلة، البطلة، الواقر، وجميع هذه الأودية تصب في وادي مور، ووادي خائفة، ووادي شرس التي كانت في السابق تزرع شجرة البن، لأن أغلب هذه الأودية غنية بغيولها الطبيعية التي عمد فيها إلى عمل السواقي (القنوات) والمواجل (الأحواض) لجمع الماء، ومن ثم سقي هذه الوديان عبر نظام معروف بالتداول لدى المزارعين.
المدارس الإسلامية في مديرية مبين
- مدرسة الحُوَيت: في ظفير حجة. أنشأها مسعود بن محمد الحُويت. من أعلام المائة الثامنة. كان مقرئاً، فاضلاً. سكن حَجَّةَ. روى يحيى بن الحسين في طبقات الزيدية نقلاً عن حاشية الفصول أن الإمام المرحوم يحيى بن حمزة المتوفى سنة 749هـ، لما وصل إلى حجة، صلَّى بالناس بعض الفروض، فقرأ بقراءة شاذة، فقال له المقرئ الحُوَيت: إن هذه القراءة التي قرأتها ليست من السبع، فقال الإمام يحيى بن حمزة: نحن لا نتوقف على السبع. مات بظفير حجة في تاريخ غير معروف، وعلى قبره قبة، وبجوارها مسجد يعرف بمدرسة الحويت. وقد ذكر القاضي المرحوم إسماعيل بن على الأكوع أنه سمع من بعض فقهاء الظَّهرَين وحجة حينما كان في حجة سنة 1396هـ في إحدى زياراته لها أن للحويت ثلاث مدارس أخرى: مدرسة في الذَّنُوب، ومدرسة في العُبَال، ثم مدرسة في حَجَّة وأنها كانت في المكان الذي بنى فيه المرحوم الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين جامع حَوْرَة سنة 1349هـ..
هجر العلم في مديرية مبين
- الذَّنوب: قريةٌ عامرةٌ، كانت تدعى (الذنائب)، وتقع في الشمال من حصن مبين على مسافة كيلو مترين تقريباً منه، وهي من ناحية مَبين وأعمال حجة. ترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجري العلم ومعاقله في اليمن) لـ 7 من أعلامها...
- السِّنَيني: قريةٌ عامرةٌ تدعى (هجرة) السنيني، وتقع في ناحية مبين من أعمال حجة. ترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع لـ 4 من أعلامها..
- الظَّفير: ويُدعى ظفير حجة، ولعله ظفيرُ ابن حجَّاج، الذي عناه ياقوت الحموي في "معجم البلدان" بقوله: "الظفير: حصن أيضاً باليمن لابن حجاج. ولم يرد له ذكرٌ بهذا الإسم قبل المئة السابعة للهجرة – فيما أعلم – مع أنه من حصون اليمن الشهيرة، ولعله كان يحمل اسماً آخر، مع أن الظفير اسمٌ قديمٌ يطلق على عدد من المحلات... ويقع ظفير حجة في الشمال من مدينة حجة على بعد نحو 15كم تقريباً أو 9كم عن طريق غيل علي. وقد ازدهر بالعلم منذ المئة الثامنة للهجرة، ولا سيما بعد انتقال الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى إليه في السنوات الأخيرة من عمره، ثم انتقال حفيده الإمام شرف الدين إليه، مما جعله مقصوداً لطلب العلم. هذا وقد تعرض للخراب سنة 1300هـ حين لجأ إليه أتباعُ الإمام الهادي شرف الدين عِشيش ليتحصنوا فيه؛ حتى يتمكنوا من منازلة القوات العثمانية المرابطة في مدينة حجة. ولكن هذه القوات تمكنت من دحر الجموع التي تحصنت به فتشرد سكانه، وتلفت كتبٌ عديدة سرقاً ونهباً وضياعاً. كما تكررت النكبة على الظفير حينما تحصنت به قوات المرحوم الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين سنة1309هـ. ولكن القوات العثمانية استعادته بعد أن أصيب بأضرار فادحة. هذا وقد عادت إليه حياة العلم فقد هاجر إليه المرحوم القاضي العلامة عبدالوهاب بن محمد الشماحي من شهارة سنة 1334هـ، ثم تعرض للخراب بعد قيام الثورة سنة 1382هـ الموافق 1962م التي أحلَّت النظام الجمهوري محل النظام الملكي في اليمن، إذ كانت القوات الملكية تحتمي به فتهاجمها القوات الجمهورية حتى تتمكن من الاستيلاء عليه، وهكذا دواليك. وقد ترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع لـ (40)علماً من أعلامها في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن)...
- العُبال: قريةٌ عامرةٌ في الضاحية الشمالية من حصن مبين، ومن أعماله على مسافة بضعة كيلومترات منه.  تقع في الشمال الغربي من مدينة حجة، وتوجد في (العُبال) مدرسة قديمة تشبه مدارس المئة العاشرة إلى حدٍّ ما، ولا يُعرف من الباني لها ولا في أي تاريخ بنيت؟، وقد زارها القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع وبرفقته القاضي محمد بن يحيى الكحلاني عضو محكمة لواء حجة آنذاك، والشاعر الأديب محمد بن علي شرف الدين.. وقد ترجم القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع لـ(7) أعلام من أعلامها، وذلك في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن)..
- مبين: حصن مشهور عامر في بلاد الجبر من نواحي حجة، ويقع في الغرب من مدينة حجة على مسافة 9كم. كان مركز ناحية حجة في أيام دولة الإمام شرف الدين وأولاده واستمر إلى عهد الإمام القاسم وأولاده ثم إلى المئة الثانية عشرة. وقال يحيى بن الحسين في (بهجة الزمن) في أخبار سنة ثلاث وثمانين وألف في ترجمة محمد بن الحسين جحاف بأنه قد زاد في قصر مبين أبنية وسيعة، وقصوراً رفيعة. وقد تحصن فيه بعض أولاد المطهر ابن شرف الدين وبعض أحفاده. انتشرت فيه الأباضية في المئة السادسة، في الوقت الذي انتشرت في بلاد شظب والشرفين... وقد ترجم القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ"12"علم من أعلامها..
أهم المعالم والثروات والكنوز الحضارية في مديرية مبين
1- حصن الظفير: يقع وسط تلك المدينة الصغيرة التي يحيط بها سور من الناحية الغربية، أما بقية الجهات فهي محصنة بسور طبيعي، وهو عبارة عن انحدار شاهق يبلغ في بعض الأماكن إلى 100م. يعود بناء الحصن إلى سنة (840هـ) إلى المرحوم الإمام احمد بن يحي المرتضى وتمركز فيه الأتراك بقيادة أحمد فيضي باشا، وكانت قديما من الهجر العلمية تدرس فيها كل العلوم الموجودة في ذلك الوقت، وبها قبر المرحوم الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضي (714-840هـ/1362-1437م) وهو فقيه مجتهد عالم دعا لنفسه بالإمامة بصنعاء في شوال 793م عقب وفاة الإمام الناصر لدين الله، وقد تعرضت هذه المدينة للدمار، لمناعتها وصمود المقاومة وانطلاقها منها وكان آخر ذلك القصف في التواجد العثماني الثاني. كما شكلت إلى جانب ذلك رصيداً حضارياً وثقافياً في التاريخ الحديث… وفيها ما يسمي بحود الزابور، وهو منحوت في الصخر، وفيه غرف كثيرة وكلها منحوتة واستخدمت في أيام الحرب ملجأ لأكثر من عشر أسر. فيها الكثير من السدود والصهاريج أشهرها سد الحسيني نسبة إلي بانيه (الحسين بن علي ابن إبراهيم جحاف وولده محمد بن الحسين) الذي تولى أعمال بلاد حجة، واتخذ حصن مبين مقرا له كما زاد فيه ابنيه وسيعة وقصور رفيعة في مدة ولايته حتى توفي فيها سنة (1092) هجري. ومن خصائص هذا الحصن وجود مدافن لخزن الحبوب تسمى (خداف) أعاد ترميمها الأمير المرحوم عبد الرحيم ابن المطهر شرف الدين الذي أخذ أسيرا إلى الأستانة في تركيا ومات فيها. كذلك مغارة جهنم والتي تتسع لأكثر من عشره آلاف قدح، ومبنية بطريقة عجيبة. كما أن هناك حصوناً أخرى لا تقل مناعة إذا لم تكن أعظم منها حصن (شمسان) الذي لا يتم الوصول إليه إلا من خلال طريق واحدة، وحصن الجاهلي التاريخي، وقلعة مبين المسماة قلعة الغسان وغيرها. لذلك ظلت هذه الحصون قاهرة ومنيعة بدفاعاتها لا تخضع بسهولة حتى ظلت ذات أهميه استراتيجيه جعلت الغالب عليها المسيطر على المنطقة والقاهر لمناوئيه الذين عادة ما يقومون بحصار هذه الحصون والإحاطة بها من اتجاهات متعددة، لكن لقدرتها على المقاومة الطويلة سرعان ما تنفك عنها هذه الجيوش دون تحقيق أي انتصار وظلت محل تجاذب بين فرقاء الصراع..
2- موقع مسجد وقبة الحويت وملحقاته: مسجد الحويت عبارة عن مبنى ذو شكل مستطيل، جدرانه شيدت بأحجار صلبة مهندمة ومصقولة وسميكة، ومحاطة بسور خارجي يفتح في جدار السور الشرقي مدخل يؤدي إلى ممر مكشوف مستطيل الشكل أرضيته مبلطة بالقضاض، وإلى الجنوب منه بركة واسعة وعميقة جدرانها سميكة ومبطنة من الداخل والخارج بالقضاض، وفي الجهة الشمالية منها أقيمت حمامات للوضوء. والمسجد يحتل الجهة الشمالية.. وتلاصق جدار السور من الخارج بقايا مبان مندثرة من المحتمل أنها كانت المساكن المخصصة للفقهاء وطلاب العلم الوافدين من خارج الظفير لتلقي العلم بمدرسة الحويت المشار إليها في المصادر التاريخية بظفير حجة، علما بأن تاريخ الإنشاء يعود إلى القرن الثامن الهجري من قبل مسعود بن محمد الحويت.
 من المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال:  (حجة معالم وأعلام/ للباحث يحيى محمد جحاف/ الطبعة الأولى 1434هـ 2013م/دار الكتب اليمنية)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/ للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (موسوعة اليمن السكانية/ تأليف الدكتور محمد علي عثمان المخلافي/ الطبعة الأولى2006م)، (الموسوعة اليمنية/الطبعة الثانية)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، (المدارس الإسلامية في اليمن/للمرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)، (اليمن الكبرى/ للمرحوم العلامة حسين بن علي الويسي)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م. أحمد غالب عبدالكريم المصباحي..



السبت، 24 يناير 2015

مديرية عبس

بسم الله الرحمن الرحيم
(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) سورة سبأ. أية15
الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة حجة (مديرية عبس)
أكبر مديريات حجة مساحة وأكثرها سكاناً وإنتاجاً للفواكه
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم.. يسرني أن أقدم لك في هذا المقال مديرية عبس في محافظة حجة، وثرواتها وكنوزها الحضارية ومدنها التاريخية ووديانها وثرواتها الزراعية ومعمارها المتميز عن غيرها من المديريات في محافظة حجة...
القارئ الكريم.. وبلادنا تعيش في منعطف هام وحساس من التاريخ الحديث لم نشهد له مثيلاً منذ ما يقرب من مائة عام أو أكثر، ونتيجة لتسارع الأحداث وسرعة إيقاع الزمن، وفي نفس الوقت تسارع الأخبار في الإعلام السلبي الذي نادراً ما يكون صادقاً وغالباً ما يكون كاذباً، بالإضافة إلى تراكم الأحقاد والضغائن فيما بيننا، أوشكنا أن نكون ضحية للإعلام ودوره السياسي سواءً الإعلام المحلي أو الإقليمي أو الدولي، فالمسابقة فيما بين وسائل الإعلام من صحف ومواقع وقنوات فضائية بغرض الإبهار والسبق الإعلامي، والتقليد الإعلامي الغير محسوب الذي هو في الأصل سمٌ علينا بل وآلة قتل لمجتمعنا معنوياً، وأهم ما خسرناه وسنخسره هو قيمنا، وبعد ذلك سيغرق مجتمعنا في فوضى خلاقة والفوضى الخلاقة هي التي لا تكون لها معالم تحدد بين الحسن والقبيح وبين الفرح و الحزن.. أضف إلى ذلك الإرهاب بكافة أنواعه ومصادر تمويله من الداخل والخارج، وليس هناك حل لما نحن فيه إلا بتكاتف أبناء مجتمعنا مهما كانت تكويناتهم الاجتماعية والثقافية والمذهبية...
عبس
عبس: بفتح فسكون. مدينة بالشمال الغربي من مدينة حجة بمسافة 113كم. تقع في أطراف جبل الشَرَف الغربية بالسهل التهامي حيث تتصل بمدينة الحديدة بطريق إسفلتي يمتد بطول 150كم، وتبعد عن البحر 50كم، وهي إسم لعبس بن ثواب، وتعتبر عبس مكان تهامي الهوى والروح ولكنها تعيش في جسد الانتماء إلى محافظة حجة.. وعبس قبيلة يمنية من قضاعة وهم ولد عبس بن خولان بن عمر بن الحاف بن قضاعة بن مالك، والذي قال شاعرهم:
أيها السائل عن أنسابنا


نحن خولان بن عمرو بن قضاعة

نحن من حمير في ذروتها


وبنا المرباع منها والرباعه

مديرية عبس
تقع في محافظة حجة على البحر الأحمر شمال غرب مدينة حجة بنحو 113كم. يحدها من الشمال مديريتا: مستباء وحيران، ومن الجنوب محافظة الحديدة (مديريتا: الزهرة واللحية)، ومن الشرق مديريتا أسلم ومستباء، ومن الغرب البحر الأحمر ومديرية ميدي. ومركز المديرية مدينة عبس.. وتعتبر مديرية عبس أكبر مديريات محافظة حجة من حيث المساحة، حيث  تبلغ مساحتها 1521كم2، كما أنها تحتل المرتبة الأولى على مستوى المحافظة بالنسبة لعدد سكانها، حيث بلغ عدد سكان المديرية (134.450)نسمة وذلك حسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م..  وتضم المديرية 347قرية، تشكل 7 عزل هي: عزلة البتارية "بلدة من بلدات مديرية عبس في تهامة، تقع بالشمال الغربي من حجة ومن توابعها، وهي تشكل في أعمالها مركزاً إدارياً من مديرية عبس"، عزلة بني ثواب: "مركز إداري من مديرية عبس وأعمال حجة. إليه تُنسب المديرية فيقال (عَبس بني ثواب) كما يُسمى باسمه المشائخ (آل ثواب).وهو في السهل التهامي، وثواب: جد جاهلي هو ثواب بن سليم بن شُرْحَبيل بن الحارث بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة"، عزلة بني حسن:"منطقة وحمام طبيعي معدني في الشمال الغربي من مدينة عبس، على بعد نحو 10كم"، عزلة بني عضابي، عزلة قطبه، عزلة مطوله، عزلة الوسط: "مركز إداري من مديرية عبس وأعمال حجة. موقعه أقرب إلى بلاد تهامه النازلة عن الجبال".
وتعتبر المنطقة من عبس إلى البحر سهلية وتمتد بمسافة (50كم) تقريباً، وإلى الشرق من عبس سلسلة من الهضاب تتصل بهضاب مديرية حجور ويحيط بها من الجنوب الواعظات من تهامة وشمالاً ميدي وحرض وشرقاً حجور وغرباً شواطئ البحر الأحمر. وتسقى اراضي عبس الوديان النازلة من جبال: أفلح وحيران وكحلان الشرف، ومن أشهر هذه الوديان وادي القور ووادي بوحل اللذات يصبان إلى البحر في موسم الأمطار.. وأهم الأودية في المناطق السهلية عموماً وادي حبل، وادي خيران، وادي حرض، ومساقط مياهها من منحدرات جبال وشحة، ومن أودية عاهم، أودية خولان بني عامر، وتصب مياهها في مدينة ميدي والمناطق الشمالية لها، وتسقي منطقة الموسم، وأهم المزروعات في المناطق السهلية التبغ والتمور وأنواع الخضروات..
وتضم الأطراف السهلية للمديرية عدداً من المقومات السياحية،  منها المدن والقرى المنتشرة على جانبي الطريق الإسفلتي.. وجميع هذه القرى والمدن الصغيرة جميلة تتميز بأنماط معمارية مختلفة عما هو سائد في مناطق المرتفعات الجبلية اختلافاً كلياً، فمادة البناء للمساكن هي القش والقصب، وهي عبارة عن عشش بيضاوية الشكل والتكوينات الداخلية لهذه العشش لافتة للنظر من حيث المجهود الفني الذي يبذل لزخرفتها بألوان متعددة ونماذج مختارة، وأجمل تلك القرى المنتشرة في المناطق السهلية توجد في هذه المديرية..
وتتمتع المديرية بتضاريسها السهلية والساحلية، حيث يسودها مناخ حار رطب صيفاً، معتدل ممطر شتاءاً، وتهب عليها الرياح الموسمية مسببة تحرك الرمال.
وتعتبر الزراعة والرعي، والتجارة والصناعات التقليدية من الأعمال والأنشطة التي يمارسها السكان في المديرية. حيث يعمل غالبية السكان بالزراعة والتجارة والرعي وتربية المواشي بأنواعها، وتعتبر المديرية من المناطق الخصبة زراعياً، وخصوصاً منطقة الجر، لوجود أكثر من وادي فيها أهمها وادي بوحل. وتنتج المديرية: الذرة، والسمسم، والفواكه كالمانحو والجوافة والحمضيات، والفل والكاذي، كما يعمل السكان في المديرية في حياكة الظلل، والزنابيل، والسجاجيد المصنوعة من الخوص المنتشر في المدينة، وحدادة السكاكين والخناجر الصغيرة، وصناعة المحاريث الشعبية الزراعية، والمعاول والفؤوس..
وتُعدُ محافظة حجة من أهم مناطق اليمن التي تتركز فيها زراعة المانجو، إذ تقدر مساحتها المزروعة بالمانجو وإنتاجها من ثماره ما نسبته 70% من مساحة وإنتاجية اليمن من هذه الفاكهة.. فهي تحتل المرتبة الأولي في مستوى الجمهورية، ففي محافظة حجة ومديرية عبس خاصةً توجد مساحات شاسعة مزروعة بأشجار المانجو وبالذات في مزارع منطقة (الجر) الشهيرة والمعروفة.. وقدرت الهيئة العامة للتنمية الزراعية والريفية عدد أشجار المانجو المزروعة في اليمن بـ مليونين و17 ألف شجرة، نصف العدد يزرع في محافظتي حجة والحديدة، فيما تبين أن أكثر من 30 بالمائة من تلك الأشجار غير مثمرة. وتتفاوت إنتاجية الشجرة الواحدة للمانجو بين 20 إلى 70كيلوجراماً من الثمار للشجرة الصغيرة التي يتراوح عمرها بين 3 - 4سنوات، فيما يقدر متوسط إنتاجية الشجرة التي عمرها 10 - 40عاماً بين 80 إلى 90كيلوجراماً من الثمار. وتنفرد اليمن بزراعة أنواع وأصناف متعددة من المانجو منها ما يعرف (بقلب الثور، البركاني، الناشري، الموزي، الفونس (الهندي)، البلدي، أبو سمكة والزبدة وغيره. وتشكل زراعة المانجو في اليمن إحدى الزراعات الاستراتيجية لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية كونها تعد مصدر دخل معظم المواطنين في مناطق إنتاجه، كما أن المانجو من الثمار التصديرية المرغوبة لدى المستهلكين محلياً وخارجياً ويرتبط المحصول بالعديد من الصناعات الغذائية كالعصائر وغيرها
من المعالم التاريخية والأثرية لمديرية عبس
تزخر المديرية بالكثير من المواقع والمباني التاريخية والأثرية المختلفة، فقد عاصرت هذه المديرية أحداثاً تاريخية هامة، كما أنها تعتبر من المديريات التي تحتوي على العديد من المعالم التاريخية المتميزة عن غيرها من المديريات، منها:
·  قلعة كحلان عبس: تقع في مديرية عبس، وتُعد موقعاً أثرياً هاماً ومميزاً من حيث التخطيط وفن العمارة والزخرفة، ويتكون من عدد من الأبنية القائمة إلى جوار بعض على شكل سور تتوسطه ساحة مكشوفة جدرانها سميكة، المبنى الرئيسي للقلعة هو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل مكون من طابقين جدرانه سميكة، وقاعدة المبنى والجزء الأسفل في الطابق الأرضي شيدت بأحجار مهندمة ومصقولة والباقي من الياجور، وله مدخل واسع في واجهته الشرقية معقود بعقد نصف دائري يفتح على ممر مستطيل الشكل تفتح على حجرات ومخازن الطابق السفلي المجاورة للمدخل، والسلم الذي يتم الصعود منه إلى الطابق العلوي وسقف المبنى، وتفتح في واجهة المبنى على يمين المدخل ثلاث نوافذ معقودة ونافذتان يتوسطهما مدخل في الجانب الأخر يؤدي إلى بقية حجرات ومخازن الطابق السفلي والمرافق التابعة له، ويضم الطابق الثاني مجموعة من الغرف تفتح كلها على الصالة (الممر) الذي يتوسط الطابق الثاني، وتزين جدران المبنى زخارف بارزة معمولة من الياجور خطوط عريضة (أحزمة) تتوسط واجهات المبنى والجزء العلوي فيه، وبين النوافذ المفتوحة في جميع واجهات المبنى. أما بالنسبة للمباني الأخرى، فتجاور  المبنى الرئيسي ثلاثة مباني أخرى متشابهة أقيمت إلى جوار بعضها، يعود تاريخ إنشاءها إلى القرن الثاني عشر الهجري. ويحتمل أنها خُصصت للسكن، وتتكون من ثلاثة طوابق...  جدرانها مشيدة بالياجور، و لها مداخل معقودة تفتح على الساحة المكشوفة التي تتوسط القلعة وتؤدي إلى ممرات (دهاليز) تفتح عليها حجرات ومخازن الطوابق السفلى وسلالم تؤدي إلى الطوابق العليا.. وللقلعة مسجد وملحقاته أبعاده (12×10م) تقريباً يحتل الجهة الشمالية الشرقية وهو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل أبعاده (15×10م) تقريباً، ويتقدم واجهة المسجد الأمامية رواق يطل على الصحن المكشوف بعقود مقتوحة، ويتوسط واجهة المبنى الجنوبي مدخل معقود بعقد مدبب يفتح على قاعة مستطيلة الشكل أبعادها (8×5م)، جدرانها مبطنة من الداخل بالقضاض والجص ومحاطة بأشرطة كتابية لم تعد واضحة، ويتوسط جدار القبلة محراب مجوف حنيته غائرة ومعقودة بعقد مدبب، أما سقف القاعة فهو من الخشب المحلي يقف على جدران القاعة وعلى العقود الملاصقة لجدار القبلة والمحمولة على دعامات تتوسط القاعة المكونة من رواقين.. وملحقات المسجد عبارة عن بركة مستديرة الشكل واسعة وعميقة جدرانها سميكة ومبطنة بالقضاض، وتلاصق جدار البركة من الناحية الجنوبية حمامات الوضوء وإلى الشرق والغرب من الصحن المكشوف أقيمت برك للماء (سقايات) خصصت للشرب مسقوفة بقباب كروية الشكل مبطنة من الداخل ومكسوة من الخارج بالقضاض. علماً بأن تاريخ الإنشاء يعود إلى 1272هـ.
- حصن الحجر: مبنى مربع الشكل مكون من ثلاث طوابق تفتح في واجهاته الأربع شواقيص صغيرة وفتحات للمراقبة والرماية، وقد تعرض الموقع لقصف بالمدافع أثناء مقاومة التواجد العثماني، واندثر سقف ومعظم واجهات المبنى وتساقطت على الطابق السفلي وحوله.. والموقع عبارة عن كتلة معمارية مستطيلة الشكل جدرانها سميكة مشيدة بأحجار مكسوة بالقضاض، وتجاور المبنى عدد من الأبنية والمرافق الأخرى الملحقة به، والموقع بشكل عام قائم على تل أثري يضم أنقاضاً ومخلفات وبقايا جدران وأساسات موقع أقدم منه، آثاره ما زالت واضحة. علماً بأن تاريخ الإنشاء للموقع يعود إلى القرن الحادي عشر الهجري وقام ببنائه أحمد الهارب.
- البهيمة: الموقع عبارة عن مبنى مستطيل الشكل أبعاده (20×15م) تقريباً، جدرانه سميكة مشيدة بأحجار صلبة مكسوة من الخارج بالقضاض، على سفح جبل حب مكون من عدة طوابق وله مدخل يفتح في واجهته الشمالية ويؤدي إلى ممر يتوسط الطابق السفلي، وتفتح عليه عدد من الحجرات والمخازن ويتصل بسلم يؤدي إلى الطوابق العلياء وسقف المبنى الذي اندثرت سقوفه وجزء من جدرانه وتساقطت على الطابق السفلي، ويتقدم واجهة المبنى عدد من الأبنية والمرافق الملحقة بالحصن، إضافة إلى مجموعة من مدافن الحبوب المحفورة والمنقورة في الصخور الصماء حول الحصن.
- مسجد الحبيل: الموقع عبارة عن مبنى مستطيل الشكل أبعاده (20×13م) تقريباً محاط بسور خارجي يفتح في واجهته الشرقية باب يؤدي إلى ساحة مكشوفة تتقدم واجهة المسجد الأمامية والجنوبية، حيث يفتح عليها بابان أحدهما في الطرف الشرقي، والآخر في الطرف الغربي من الواجهة، وبينهم ثلاث نوافذ تفتح على أبعاد متساوية في الواجهة، وعلى واجهتي المسجد الشرقية والغربية فتحت نوافذ أخرى متقابلة وعلى أبعاد متساوية في الواجهتين، ويتوسط جدار المحراب تجويف عميق حنيته غائرة ومعقودة بعقد مدبب، أُعيد تجديد جدران المسجد من الداخل وأرضيته، وتم رفع السقف مؤخراً بمواد حديثة كالإسمنت والحديد ..الخ، وإلى الغرب منه تقع المئذنة، وتتكون من بناء برجي الشكل قطره (3م) وارتفاعه (2م)، جدرانه سميكة مشيدة بأحجار مكسوة من الخارج ومبطنة من الداخل بالقضاض والنورة، ولها مدخل يفتح في جدارها الجنوبي ويؤدي إلى حجرة دائرية الشكل..
من أشهر أعلام مديرية عبس
- أحمد بن محمد القحم: فقيه، نحوي، إداري من أعلام القرن 13هـ/19م. عرف بالعبسي؛ نسبة إلى مديرية عبس – محافظة حجة. التأهيل العلمي: رحل إلى مدينة صنعاء لطلب العلم، فدرس الفقه والنحو، كما رحل أيضاً إلى مدينة زبيد ودرس علم الحديث، على جملة من علمائها، ثم عاد إلى بلده، وعمل مدرساً؛ فاستفاد منه جماعة من طلبة العلم، كما عين حاكماً فيها، فحسنت سيرته بين الناس.
- محمد الباشق: عالم، فقيه، خطيب، كاتب، مؤلف، داعية، له حضور من خلال الندوات والمحاضرات والنشاط الاجتماعي والثقافي، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية. ولد في قرية دير الحيس – مديرية عبس – محافظة حجة 1975م ،تلقى تعلميه النظامي في المدارس الحكومية للمرحة الأساسية والثانوية، ودرس العلوم الشرعية على يد المرحوم العلامة/ مرزوق محجب الأحجب العقيلي الهاشمي، ثم اكمل التعليم الجامعي في جامعة الحديدة – كلية الشريعة والقانون، ثم المعهد العالي للقضاء. بدأ بإلقاء الخطب وهو بالمرحلة الثانوية، وله حفظه الله عدد من الخطب المسجلة والمحاضرات، له عدد من المؤلفات..
- حسين حسن العبسي: شاعر، قاص، كاتب مسرحي، من أسرة تعشق الأدب وتجيد الشعر، أحد رموز الشعراء الشعبيين في محافظة حجة... قصائده تحاكي معاناة المواطن البسيط،  عرف في أوساط الناس بإنه شاعر عبس بن ثواب، يجيد الشعر الفصيح، والشعبي، والنبطي.. بدأ الشعر منذ نعومة أظفاره، له الكثير من المشاركات في المناسبات الوطنية والاجتماعية والسياسية، وفي الإذاعة والتلفزيون، أحد مؤسسي جمعية عبس للفنون والآداب، يكتب الشعر، والقصة، والنص المسرحي...
- عبدالرحمن الخضر: شاعر، أديب، إداري، قاص، كاتب سردي ومتذوق وناقد للشعر، يعتبر من الشخصيات الناشطة في الحقوق والحريات. من مواليد مديرية عبس. عضواً في  نادي القصة "المقه". صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "سنكتب غداً" في 2003م.
 من المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال:  (حجة معالم وأعلام/ للباحث يحيى محمد جحاف/ الطبعة الأولى 1434هـ 2013م/دار الكتب اليمنية)، (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (موسوعة اليمن السكانية/ تأليف الدكتور محمد علي عثمان المخلافي/ الطبعة الأولى2006م)، (الموسوعة اليمنية/الطبعة الثانية)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م. أحمد غالب عبدالكريم المصباحي، (تحقيق تحت عنوان "غياب الإرشاد الزراعي والجفاف والحفر العشوائي للآبار وغياب دور الجهات المختصة أبرز الأسباب.. مَزارع في حجة انقرضت وأُتلفت وتحولت إلى أحطاب وفحم!!" نُشِرَّ في صحيفة الجمهورية بتاريخ الثلاثاء 21 أكتوبر 2014)..


الخميس، 15 يناير 2015

مديرية الرضمة


الثروات والكنوز الحضارية  والمدن التاريخية في محافظة إب
يحصب (مـــديــريـة الــرضــمــة)
                                                                                   
                                                                                                  إعداد/محمد محمد عبد الله العرشي
المقدمة:
إن معرفتنا بتاريخ بلادنا وجغرافيتها يساعدنا على معرفة واقع مجتمعنا، ويجعلنا قادرين على حل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، والتعرف على مكامن القوة والضعف فيها. وفي نفس الوقت سوف نتمكن من استغلال ثرواتنا الاقتصادية لتحقيق رفاهية اليمنيين، وأوجه نداءً لكل اليمنيين وعلى رأسهم السياسيين والمفكرين بأن يعملوا جميعاً على استغلال هذه الثروات بدلاً عن الصراعات السياسية، والتفكير في كيف نحكم بدلاً عن من يحكم. وهاهي الرضمة والنادرة والسدة ويريم والمخادر والعود وعمار من محافظة إب تؤكد جميعها ما ذهبنا إليه بأن اليمن الخضراء بلاد القصور والقلاع والمواقع الأثرية والسدود والعلماء والمؤرخين على مر العصور.

مديرية الرضمة
جاء في (لسان العرب لإبن منظور) أن الرضمة هي الصخرة العظيمة مثل الجزر وليست ناتئة والجمع رضم ورضام، وهي إحدى مديريات محافظة إب تقع في الجزء الشمالي الشرقي منها، وتبعد عن مدينة إب 48كم، ويحد مديرية الرضمة من الشمال محافظة ذمار (مديرية عنس)، ومحافظة البيضاء (مديرية صباح)، ومن الجنوب مديرية النادرة، ومحافظة الضالع (مديرية دمت)، ومن الشرق محافظة البيضاء (مديريتا صباح والرياشية)، ومن الغرب مديريتا السدة ويريم. ومساحتها تبلغ 326كم2، كما جاء في (الموسوعة السكانية) للدكتور/محمد علي عثمان المخلافي، وقد ذكر في النتائج النهائية للتعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت بأن عدد سكانها 76.576نسمة وعدد المساكن فيها 9860مسكن، وعدد الأسر 10093أسرة. .وتتكون مديرية الرضمة من عدد من العزل هي: (آزال، البكرة، بني قيس، حارث الحيدري، سودان، شيزر، عُجيب، كحلان، يحير)،  وقد ذكر في كتاب (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) للمؤرخ المرحوم محمد الحجري بأن مدينة الرظمة (بالظاء المحملة) هي قرية من قرى خُبان وفيها سوق يجتمع فيه قبائل تلك الناحية من خُبان وبلاد رداع وبلاد عمار في يوم الخميس من كل أسبوع. وقد صحح القاضي المرحوم إسماعيل الأكوع في تحقيقه لـ(مجموع بلدان اليمن وقبائله) أسم الرضمة (بالضاد المعجمة). وقد ذكر المقحفي في كتابه (معجم البلدان والقبائل اليمنية) بأن الرضمة كانت تعرف سابقاً بوادي خبان بضم الخاء وفتح الباء وأنها ذات سور في شرقها حصن أنسَب المشهور، وقد جاء في كتاب (المسح السياحي) بأن مدينة الرضمة تقع في وادي رسيان شرق مدينة يريم.
وقد ورد في كتاب (لهجة خبان) للأستاذ/ محمد ضيف الله الشماري، أن خُبان: بضم وفتح: صقع معروف من ذي رعين بالشرق الجنوبي من مدينة يريم إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، ويقع باليمن الأوسط، يعرف اليوم باسم مديريتي الرضمة والسدة.
إن مديريات الرضمة والسدة تنطبق عليهما الآية الكريمة (بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور) فهما بلدة طيبة في هوائهما وجمال مناظرهما وكثرة مائهما وغيولهما وسدودهما وكثرة مبدعيهما من الشعراء والأدباء والفنانين التشكيليين والعلماء والقصور والقلاع والمواقع الأثرية وطيبة أهلهما.
المواقع الأثرية والتاريخية في مديرية الرضمة
1-كُحلان:  جاء في (معجم البلدان) لياقوت الحموي بأن كَحْلان بالفتح وذكر أن اليمانيين يسمونها كُحلان بالضم، وكُحلان من أشهر مخاليف اليمن وفيه بينون ورُعين وهما قصران عجيبان، قال امرئ القيس:
وجار بني سواسة في رعين


تجر على حوانبه الشمال

 وقد ذكر في (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) للقاضي المرحوم محمد الحجري بأن كحلان عزلة من خبان وأعمال يريم بها بضع وعشرون قرية، أما رُعين فهي بلاد متصلة بكُحلان ولم يبق للقصر أثر، أما بينون فبينها وبين رُعين مسافة يومين، وهو الآن من محافظة ذمار مديرية الحداء، وقد جاء في (الموسوعة اليمينة) بأن كُحلان ذي رعين هي مركز إداري من مديرية الرضمة تقع شرقي مدينة يريم بمسافة 23كم، وأنها تنسب إلى كحلان بن نمران بن هفان الرعيني من ولد يريم ذي رعين الأكبر، وكحلان تعد من المناطق الأثرية المهمة وفيها حصن مندثر، وقد أستوطنها الأمير أسعد اليعفري الحوالي وأتخذها قاعدة لمملكته من سنة 306هـ 918م إلى أن مات بها سنة 332هـ 944م. وقد حضر المؤرخ الهمداني صاحب كتاب الإكليل وكتاب صفة جزيرة العرب، من ريدة لمشاهدة تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، فقال:
هذا أبو حسَّانَ في نَعشِه


قوموا انظروا كيف تسير الجبال

يا ناصر الملكِ بآرائه


بعدك للمُلكِ لَيالٍ طوال

وقد وصف الحصن العلامة المرحوم محمد الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) بأنه حصن من أمنع حصون اليمن وأنه ليس له غير طريق واحدة.  وقد ذكر في كتاب (المسح السياحي) بأن حصن كحلان يعتبر من المعاقل المنيعة ويتخذ شكل مدور محاط بسور حجري في بعض أجزاءه، والأجزاء الأخرى أقيمت على حافة الجبل وبنيت بأحجار حمراء يصل ارتفاع الجدران ما بين ( 4-6 أمتار ) ويتم الوصول إليه عبر طريق جبلي شاق الصعود ، وله مدخل واحد، وتنتشر فيه كروف المياه المنقورة بالصخر والمطلية بمادة القضاض الأبيض ، وواجهات الحصن مبنية ببعض الأحجار المنقوش عليها بخط المسند ، ويوجد فيه مسجد صغير. وذكر الباحث الأستاذ/ الغراسي أنه الآن يستخدم جزء من الحصن كموقع عسكري.
2-ذي أشرع: قرية من قرى خبان كما جاء في (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) بأنها قرية آثرية ذات قصور وخضرة جميلة وهي في عزلة سودان في مديرية الرضمة وتقع على وادي سَبان المشهورن وقد جاء في كتاب (المسح السياحي) أن فيها مسجد يسمى مسجد ذي أشرع يعتبر مـن الجوامع القديمة الذي تتميز بطراز معماري جميل ، ويوجد في سقفه لوح قديم مدون عليه عبارة من الدعاء وفي أسفل هذا اللوح دون تاريخ بناء الجامع ومأذنته، حيث بني في 877 هجرية، كما أستخدم هذا الجامع كمدرسة للعلم. ومن أشهر أعلامها المؤرخ الكبير المرحوم محمد بن أحمد بن علي بن مثنى الحجري، الذي ولد في بلدة ذي أشرع (بلاد يريم)، تعلّم القرآن الكريم في مسقط رأسه، ثم أخذ علوم الدين من فقه وأصول عن والده وعمه، وغيرهما من علماء عصره. عمل مستشارًا للأمير البدر المرحوم محمد بن يحيى حميد الدين أمير لواء الحديدة آنذاك، ومراقبًا على جمرك مدينة الحديدة، ورأس ديوان المحاسبة في صنعاء. شارك في العديد من المؤتمرات منها: المؤتمر الإسلامي بمكة المكرمة عام 1924، ومؤتمر الأديان بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1954. توفي سنة 1380هـ/1960م وهو مسافر إلى الصين ضمن وفد أرسله الإمام أحمد، وذلك حينما سقطت الطائرة الروسية بركابها وتحطمت وهي في طريقها من القاهرة إلى موسكو. له العديد من المؤلفات، كما عبَّر فيما أتيح له من شعر عن بعض الصراعات السياسية والقبلية الدامية التي حدثت في زمانه، وله شعر في الرثاء، إلى جانب شعر له في الفخر، وكتب التخميس الشعري، كما كتب في الوصف واستحضار الصورة. تتسم لغته بالمرونة، وخياله بالحيوية والنشاط. ومن آثاره: (مجموع بلدان اليمن وقبائلها، مساجد صنعاء، خلاصة من تاريخ اليمن قديماً وحديثاً ألفه سنة 1363هـ. فهرسة مكتبة الأوقاف بالجامع الكبير بصنعاء، فهرسة خزانة الإمام المرحوم يحيى بن محمد حميد الدين (ماتزال مخطوطة).
3-الأجلب: قرية كبيرة في منطقة آزال من مديرية الرضمة، فيها آثار كثيرة، تبعد عن مدينة يريم شرقاً بمسافة 30كم وهي محل سكان المشائخ آل الفرح، ومنهم المؤرخ المرحوم الأستاذ/محمد حسين الفرح المولود عام1954م، تخرج من جامعة صنعاء عام 1981م، وهب نفسه للتاريخ فأضاء الكثير من المحطات في تاريخ اليمن والتاريخ العربي القديم والمعاصر. وهو صاحب أهم بحث علمي في تاريخ عرب الجزيرة واليمن خصوصاً، فقد أعطى الفرح الصورة الكاملة الواضحة والمنطقية لتاريخ اليمن القديم، وتأثير العرب في كل الشعوب والحضارات المحيطة. ومن أهم آثاره: يمانيون في موكب الرسول (مجلدين)،الدور اليمني في العصر العباسي، اليمن في تاريخ ابن خلدون. حصل على وسام المؤرخ العربي، من اتحاد المؤرخين العرب عام 1987. توفي في إبريل عام 2005م.
4-الأحشبي: قرية أثرية خربة في منطقة بني قيس من مديرية الرضمة.
5-آزال: مركز أثري إداري من مديرية الرضمة أهم بلدانها قرية الأجلب، وقرية عمار، وبيت سيدم.
6-بيت الحنش: قرية أثرية في منطقة آزال من مديرية الرضمة.
7-الرضمة: هي سوق ساكني وادي خبان، وهي ذات سور تطل من الشرق على وادي سبان، وفي شرقها حصن أنسب المشهور.
8-القحيزة: قرية في منطقة كحلان، من مديرية الرضمة.
9-ذي يعلل: قرية أثرية في منطقة كحلان من مديرية الرضمة.

وقد رجعنا عند إعدادنا لهذا المقال إلى العديد من المراجع هي: (معالم الآثار اليمنية/ إعداد المرحوم القاضي حسين بن أحمد السياغي)، (نتائج المسح السياحي في الفترة "1996-1999م")، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي المخلافي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للقاضي المرحوم محمد الحجري)، (الموسوعة اليمنية/الطبعة الثانية)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/تأليف المرحوم القاضي إسماعيل الأكوع)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إيراهيم محمد المقحفي)، (لهجة خبان دراسة لغوية، إعداد محمد ضيف الله محمد الشماري)، (موسوعة القلاع والحصون في اليمن/ للباحث/أحمد الغراسي "كتاب تحت الطبع")، (البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي) تحقيق القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (اليمن الكبرى/للمرحوم الأستاذ حسين بن علي الويسي)، )،(نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت2004م)، (اليمن الخضراء مهد الحضارة/محمد الأكوع الحوالي).
alarachi2012@yahoo.com