الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

محافظة ذمار



الثروات والكنوز الحضارية  والمدن التاريخية في محافظة ذمار
محافظة ذمار موطن الملك ذمار علي، ومعجزة الإبداع في الري
الحلقة الأولى

                                إعداد/ محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم، وبالذات أبنائي الشباب الذين يرغبون في الإطلاع على الجوانب السياحية والجغرافية والثقافية في بلادنا.. أقدم لكم الحلقة الأولى عن محافظة ذمار بعد أن قدمت لكم سبع حلقات عن الجوانب السياحية والجغرافية والثقافية في محافظة عدن (ثغر اليمن الباسم)، وقد يستغرب القارئ الكريم بأنني قد نشرت بعض حلقات عن محافظة ذمار في العام 2013م وفي ذلك التاريخ كانت المعلومات شحيحة بالنسبة لي، وفي هذه الحلقة أقدم لك كما عودتكم علماًً من أعلام اليمن وهو المرحوم أحمد عبدالوهاب الوريث، الذي كان يمكن أن يكون خليفة لجمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده ورشيد رضا، إلا أنه توفي وعمره لا يتجاوز السابعة والعشرون على أرجح الأقوال، ومن خلال مقالاته الثمانية التي وردت في كتاب (مجلة الحكمة) للدكتور سيد مصطفى سالم – أطال الله عمره، والذي جمع مقالات مجلة الحكمة هو القاضي علي أحمد أبو الرجال – أطال الله عمره، وهذا الكتاب هو من إصدار وزارة الثقافة والسياحة، والمقالات الثمانية للمرحوم الوريث التي وردت في مجلة الحكمة التي تؤيد ما ذهبنا إليه بأنه كان يمكن أن يكون أحد رواد الإصلاح في العالم الإسلامية عموماً، لولا أن المنية اخترمته وهو في العشرينيات من عمره، والمقالات هي: (حالة العرب قبل الإسلام وبعده.. ماضي المسلمين وحاضرهم "كيف يستعيد المسلمون سيرتهم الأولى") ووزع مقالاته الثمانية على هذا العنوان العريض..
والمرحوم أحمد عبدالوهاب الوريث ولد ونشأ في مدينة ذمار الواقعة جنوب صنعاء، وكان مولده في شهر رمضان سنة 1331هـ ووفاته عام 1359هـ  ونشأ بها في حجر والده، ودرس على يده كثيراً من العلوم المتداولة في عصره، كما درس على أيدي مشائخ أخرين. وقد نبغ بامتياز يشهد له من مشائخه وزملائه، وامتاز بقلمه وفكره ونضاله والتزامه صراحة الحق، كما امتاز عن زملائه ومشائخه أيضاً بثاقب الفكر ونصاعة البيان..
وعند وفاة علمنا المرحوم/ أحمد عبدالوهاب الوريث، رثاه العديد من القادة والعلماء والشعراء، ومنهم القاضي عبدالله عبدالوهاب الشماحي في قصيدته التي اشتهر فيها هذا البيت:
قبل الثلاثين بدر الشعب قد أفلا

يا للمنية ما أبقت لنا أملا

ورثاه كذلك الشاعر المرحوم زيد الموشكي، بقوله:
صاحب الحكمة أودى

فاسهري يا عين وجدا

هذه صنعاء تنادي

مصر للنوح ونجدا

والعراق الفذ كادت

نفسه تزهق وجدا|

ونرى الشام عليه

أسفاً يلطم خدا

وقد رثاه الإمام المرحوم/ أحمد بن يحيى محمد حميد الدين (ولي العهد آنذاك) في قصيدة نورد منها الأبيات التالية:
قل للبلاغة والأداب في اليمن الميـ

ـمون تبكي الذي عنها قد ارتحلا

تبكي الوقار وتبكي الفضل أجمعه

والصالحات وتبكي العلم والعملَ

ولتبكه (الحكمة) الغرا لابسة

ثوب الحداد ولا تصغي لمن عذلا

ومن أراد معرفة المزيد عن حياة الوريث فعليه الإطلاع على كتاب (مجلة الحكمة)، والدراسة الرصينة الموسعة للدكتور سيد مصطفى سالم – أطال الله عمره – عن الوريث وعصره..
محافظة ذمار
تقع محافظة ذمار إلى جنوب العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بحوالي (100) كيلو متر، حيث تقع بين خطي عرض 14ْ،15ْ شمالاً و بين خطي طول (43.30)،(44.50) وتتصل المحافظة بمحافظة  صنعاء من الشمال، ومحافظة إب من الجنوب، ومحافظتا البيضاء وصنعاء (جزء منها) من الشرق، ومحافظة الحديدة و محافظة صنعاء (جزء منها) من الغرب. وتبلغ مساحة المحافظة حوالي (7.586) كم2. وتتكون من (12) مديرية، وعاصمة المحافظة هي مدينة ذمار، ومن أهم مدن محافظة ذمار معبر ومدينة الشرق. ويبلغ عدد سكان محافظة ذمار (1.330.108) نسمه وذلك وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004م، ويبلغ معدل النمو السكاني بالمحافظة (3.04%)، ويتوزع السكان بصورة مختلفة ومتباينة في مختلف أنحاء المحافظة، وذلك لعدة عوامل طبيعية واقتصادية هي المتحكمة في الكثافة السكانية والتواجد السكاني، وتتركز الكثافة السكانية في المرتفعات الغربية وتحديداً في مديريات عتمة، ووصاب العالي، ومغرب عنس، وتتركز الكثافة السكانية المتوسطة في مديريات وصاب السافل، جهران، عنس، جبل الشرق.. وتمثل مديريتا ضوران والحداء الأقل كثافة مقارنة ببقية مديريات المحافظة.
وذكر الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) أن بلاد ذمار واسعة تتصل بها من شماليها ناحية جهران وبلاد آنس، ومن شرقيها بلاد الحدا وبلاد رداع، ومن جنوبيها بلا خُبان وبلاد يريم ومن غربيها بلاد وصاب وعتمة وبعض بلاد آنس.. وجامع ذمار من المساجد القديمة عمر بعد جامع صنعاء وقبل مسجد الجند حكاه الرازي في تاريخ صنعاء.
وقد أورد ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) ذمار بكسر أوله وفتحه وبناؤه على الكسر وإجراؤه على إعراب ما لا ينصرف، والذمار ما وراء الرجل مما يحقُّ عليه أن يحميه فيقال: فلان حامي الذمار بالكسر والفتح مثل نزال بمعنى أنزل وكذلك ذمار أي احفظ ذمارك. قال البخاري: هو اسم قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء ينسب إليها نفر من أهل العلم..
ومحافظة ذمار مليئة بالمواقع الأثرية والتاريخية والسياحية والعلاجية، كما تشتهر وتتميز بتراثها وموروثها الشعبي، فهي قبلة لعشاق السفر والسياحة والعلاج في حماماتها المعدنية المشهورة، وكما أشتهرت بتراثها وآثارها فقد اشتهرت أيضاً بعلمائها ومفكريها ومبدعيها في كافة مجالات المعرفة، فقد تخرج منها الكثير من رجال اليمن الأحرار المناضلين في سبيل الحرية والمساواة والعدالة، والكثير من العلماء الذين نشروا العلم في مختلف مناطق اليمن والأمة العربية بل وفي العالم كذلك..
وتتميز المحافظة بتنوع تضاريسها ما بين سلاسل جبلية وسهول وقيعان على امتداد مساحة مديرياتها، حيث ترتفع المحافظة عن سطح البحر (1600 – 3200م) وتتوزع تضاريسها ما بين جبال عالية تتخللها الأودية، وهضاب وقيعان فسيحة، أشهر الجبال هي: إسبيل، اللسي، جبل ضوران، وجبال وصابين وعتمة، ويتوسط المحافظة قاع جهران أكبر وأوسع قيعان الهضاب اليمنية..  كما تتميز بمناخها المعتدل عموماً والذي يميل إلى البرودة شتاءً في وسطها وأجزائها الشرقية، ويسود المناخ المعتدل الدافئ مناطق الوديان والمنحدرات الغربية.
يعتمد سكان محافظة ذمار في معيشتهم بشكل أساسي على النشاط الزراعي، وقد أكدت الدراسات الأثرية وجود نشاط زراعي في محافظة ذمار منذ (7000) سنة، وذلك من خلال تحليل إرسابات التربة في العديد من مناطق المحافظة، وقد امتهن أبناء محافظة ذمار الزراعة كحرفة أساسية وكمصدر رئيسي للرزق والعيش، وقد ساعدهم في ذلك تنوع التضاريس في المحافظة، بين قيعان وهضاب ومنحدرات وأودية، وساعد هذا التنوع في التضاريس إلى التنوع في المحاصيل الزراعية، وتذكر بعض المراجع أن المساحة الصالحة للزراعة في المحافظة تقدر بنحو 8ر2 مليون فدان، وهي غير مستغلة كاملةً، ومعظم هذه المساحة تستغل في زراعة المحاصيل النقدية مثل الذرة والقمح إلى جانب المحاصيل البستانية من الخضار والفاكهة، يتم تسويقها إلى المحافظات الأخرى وبعض الدول المجاورة. وتشتهر محافظة ذمار بزراعة البن في المناطق الغربية منها، مثل آنس ومغرب عنس وعتمة لتوفر المناخ المناسب لزراعته في مثل هذه المناطق وبكميات تجارية، وهو بن يتميز بالجودة العالية خاصة البن المعروف باسم (البن الفضلي) الذي يُعد من أجود أنواع البن اليمني. وإضافة إلى النشاط الزراعي يشتغل بعض السكان مهنة رعي الأغنام والماعز وكذا الإبل، كما اشتهرت المحافظة بتربية الخيول العربية الأصيلة.. وتشتهر محافظة ذمار بالحرف التقليدية التي يمارسها السكان إلى جانب الزراعة والرعي؛ منها صناعة وحياكة المنسوجات بمختلف أنواعها، وكذا صناعة الأواني النحاسية والأواني الفخارية بأحجام مختلفة، مثل أواني الطبخ وحفظ المياه وغيرها، ولا تزال صناعة الحلي والمجوهرات الفضية التقليدية تمارس في عدد من المناطق إلى جانب صناعة الخناجر (الجنابي، والنِّصَال). ومن الأعمال المهمة في المحافظة أيضاً، استخراج الأحجار المستعملة في البناء، إذ تنتشر في عموم مناطق المحافظة مقالع الأحجار ذات المواصفات العالية، ويتم تسويقها إلى العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية. ويمثل استخراج وصناعة العقيق وتشكيله أحد الأنشطة الحرفية المستمرة منذ ألاف السنين حتى اليوم، وأهم مناطق استخراج العقيق هما: منطقة ضوران آنس ومنطقة يعر عنس غرب مدينة ذمار، إذ يعد العقيق المستخرج منهما من أجود أنواع العقيق وأكثرها شهرة، وتلقى رواجاً كبيراً في الأسواق المحلية وأسواق الدول المجاورة. وقد تم اكتشاف عدد من المعادن الصناعية المهمة مثل : الحجر الجيري، والجبس، والزيولايت، والبيوميس، والملح الصخري والفلدسبار، والكوارتز، والاسكوريا، والاطيان الصناعية، والرمال السيليكاتية والتي توجد بكميات ونوعيات جيدة.
محافظة ذمار تاريخياً
تأكد الدراسات العلمية الحديثة أن محافظة ذمار تواجد فيها نشاط إنساني منذ العصر الحجري القديم الأعلى في الألف السادس قبل الميلاد، وتوالى النشاط الإنساني في العصور التالية حتى العصر البرونزي الذي يعد أهم وأبرز معالمه في المحافظة هو موقع حمة القاع – 10كم – شرق مدينة معبر، وذلك على مستوى الجزيرة العربية. ومن خلال المواقع الأثرية المكتشفة في محافظة ذمار تشير إلى أن العصر الكتابي في اليمن بدأ ما بين القرنين الثاني عشر والعاشر قبل الميلاد، ومن هذه المواقع المكتشفة موقع الشٍّعب الأسود ومصنعة مارية. وظهر الريدانيون في القرن الثاني قبل الميلاد في ظفار الواقعة إلى الجنوب من مدينة ذمار بحوالي (50)كم تقريباً، والذين اعتمدوا على جموع القبائل الحميرية في صراعهم مع الدولة السبئية، وصارت مناطق محافظة ذمار هي العمق الاستراتيجي للريدانيين. ومنذ القرن الثاني الميلادي صار نقيل يسلح – (50 كم) شمال مدينة ذمار - هو الحد الفاصل بين السبئيين والريدانيين بزعامة الملك ياسر يهصدق.
وبعد صراع طويل تمكن الريدانيون بزعامة الملك ياسر يهنعم وابنه شمر يهرعش من حسم الصراع لمصلحتهم وبالتالي مد نفوذهم إلى العاصمة السبئية مأرب وكافة المناطق التابعة لها، وكان ذلك في حوالي سنة (270م)، الأمر الذي أدى إلى استقرار الأوضاع في اليمن عامة وفي مناطق محافظة ذمار خاصة، ولم تمض سوى سنوات حتى سقطت مملكة حضرموت بيد القوات التي أرسلها الملك الريداني شمر يهرعش في حوالي سنة (293م) وبذلك تم توحيد اليمن بالجملة، وبدأ عصر جديد شهدت فيه مناطق محافظة ذمار ازدهاراً كبيراً تمثل في إعادة بناء المدن والمراكز الحضارية وما يرافقها من قصور ومعابد وأسوار حصينة، إلى جانب المنشآت المائية الضخمة كالسدود والأنفاق والحواجز وغيرها، واستمر ذلك الازدهار حتى سقوط اليمن بيد الأحباش، الذين دمروا معظم الحواضر والمدن الحميرية وخاصة في محافظة ذمار، ويعد اكتشاف تمثالي ذمار علي يهبر وابنه ثأران يهنعم في منطقة النخلة الحمراء دليلاً على المستوى الحضاري الرفيع الذي بلغته اليمن في عهديهما. وعند ظهر الإسلام كانت قبائل ذمار سباقة إلى اعتناق الإسلام وقد خرجت أفواج من أبنائها لتوطيد أركان الدين الجديد والجهاد في سبيل الله. أما في عصر الدويلات المستقلة عن الخلافة العباسية فكانت مناطق محافظة ذمار محل اهتمام القوى المتنافسة، الأمر الذي أدى إلى أن تشهد ذمار فترات من الازدهار خاصة في عهد الإمام شرف الدين الذي شيد بين عامي (947–949 هـ) المدرسة الشمسية في مدينة ذمار، والتي صارت مركز إشعاع علمي وثقافي لعدة قرون. وفي فترة التواجد العثمانيين في اليمن وفي القرن السادس عشر الميلادي تحديداً كانت محافظة ذمار أحد مراكز المقاومة اليمنية ضدهم، وكللت تلك المقاومة بطرد العثمانيين على يد الأسرة القاسمية والتي اتخذت من مدينة ضوران شمال غرب مدينة ذمار عاصمة لها. وكما هو حال بقية المحافظات اليمنية، عانت محافظة ذمار من تدهور شديد في كافة المجالات خلال فترة الاحتلال العثماني الثاني لليمن.. ومنذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م شهدت محافظة ذمار نهضة علمية وثقافية وعمرانية كبيرة، وتعززت نهضة المحافظة بتحقيق الوحدة اليمنية..
أهم المعالم الأثرية والتاريخية والحضارية في محافظة ذمار
تمتلك محافظة ذمار مقومات سياحية متنوعة وعلى مستوى عالمي، وخاصة السياحة التاريخية والأثرية، فقد تم اكتشاف أكثر من (500) موقع أثري داخل محافظة ذمار ولا يزال الرقم يتصاعد كل يوم، وتغطي آثار محافظة ذمار كافة المراحل التاريخية، وتتنوع ما بين مدن حميرية كاملة، وسدود ومنشآت زراعية قائمة إلى الآن، إلى جانب عدد كبير من المساجد الأثرية، وهجر العلم، والحصون والقلاع العالية شيِّدت في العصر الإسلامي على أنقاض حصون وقلاع حميرية غالباً.
ومنها:
- حصن هران: يقع حصن هران إلى الشمال من مدينة ذمار بحوالي 2كم تقريباً، يعتلي الحصن فوق تل صخري ومرتفعات من المسكوبات البازلتية يحيط به منخفض ذمار المكون من قيعان صغيرة نسبياً تفصلها أرض مرتفعة مثل بلسان وقاع جهران قرب معبر وقاع عراظ أو عراد شرقي ذمار وقاع شرع إلى جنوبها. لذلك يتضح أن الحصن يشرف على مدينة ذمار وعدة وديان مما يسهل معه سرعة الاتصال به بل وتزويده مما يسهل معه سرعة الاتصال به بل وتزويده بالمواد الغذائية اللازمة وتخزينها لوقت الحاجة، وتوجد أسماء أماكن تحمل اسم هران منها هران بلد ووادي من بلاد بكيل في ناحية ذيبين وهران سد حميري في حقل بلاد يريم، وقد ورد اسم هران في النقوش اليمنية القديمة تحمل اسم وادي ثم اسم مبنى أو برج. وحصن هران يعتبر معقلاً هاماً يشرف على مدينة ذمار، حيث يعود بنائه أو تحصينه منذ فترة دولة سبأ وذو ريدان عندما ظهرت مدينة ذمار، والبقايا الأثرية للحصن في الوقت الحاضر لا تسعف كثيراً في إثبات هذا الخبر، والتي ربما تعرضت للإزالة أو الهدم بسبب تكرار الحوادث التاريخية التي دارت فيه. وتكوينات الحصن بصورة عامة هو وجود شبه بوابة تفتح إلى الجنوب، وقد كان لانقطاع السور الخارجي وبقايا الأجزاء السفلية منه وتهدم الأبراج الملتصقة به ما يحجب الرؤية أو التصور لأهم الأجزاء المعمارية، كما يوجد سور داخلي مبني من الطين اللبن أو الزابور ثم وجود سلالم حجرية وبقايا برك مقضضة ووجود بقايا أساسات مباني داخل الحصن، كما توجد مقابر وكهوف صخرية. وبصورة تفصيلية فإن الصعود إلى الحصن من جهة الجنوب حيث الطريق القديم الذي كان يؤدي من مدينة ذمار، ينتهي بالبوابة وهي ليست موجودة حالياً سوى الانقطاع الصخري الواقع إلى اليسار وأول ما يصادف المرء هو وجود سور الطين أو الزابور الممتد من الشمال إلى الجنوب بخط مستقيم يقطعه في المنتصف برج نصف دائري تهدم منه جزء كبير، وينقطع السور إلى الشمال قرب بداية السلالم الحجرية.. وتأتي أهمية حصن هران التاريخية من حيث موقعه الهام شمال مدينة ذمار ولم توجد إشارة تاريخية تذكر الفترة الزمنية التي أقيم فيها الحصن وهو ما يجدر البحث عنه في نقوش خط المسند. أما المصادر التاريخية الإسلامية فإنها قد حوت الكثير من الأخبار عما جرى من الأحداث التي توالت على هذا الحصن عبر قرون طويلة. ومن هذه الأخبار وجود قبيلة (جنب) سكنت في الحصن وكانت تقوم بالطفاع عنه والتصدي للهجمات التي كان يتعرض لها. ولا زالت تذكر قبيلة جنب من القرون الأولى للهجرة حتى نهاية القرن التاسع الهجري، حيث انتقلت إلى مغرب عنس وقد سميت بعد انتقالهم إليها بمخلاف الجنبيين. وأول إشارة تاريخية في سنة 292هـ عندما سار على ابن الفضل إلى ذمار فوجد جيشاً عظيماً في هران من أصحاب الحوالي، ثم كتب علي بن الفضل إلى صاحب هران واستماله حتى والاه، وصاحب هران هو إشارة إلى قبيلة جنب التي وصفت أنها قبيلة عاتية، حينها كان عيسى بن معان اليافعي والياً على ذمار من قبل بن أبي يعفر وكان علي بن الفضل قد قام بنشر المذهب الإسماعيلي في اليمن ومعه منصور الحوشبي، وفي إشارة تاريخية أخرى بعد فترة زمنية وبالتحديد في سنة 418هـ تذكر أنه سار عبدالمؤمن بن أسعد بن أبي الفتوح إلى إلهان فتلقته عنس ومن إليهم إلى ضاف فلبث فيه سبعة أيام ثم توجه إلى ذمار وأمر بعمارة حصن هران وهذا يشير إلى إعادة تعمير الحصن في هذه الفترة على يد عبدالمؤمن بن أسعد بن أبي الفتوح، وربما كان قد لحق خراب أو تهديم بالحصن. وهناك الكثير من الإشارات التاريخية الأخرى التي لا يتسع المجال هنا لإيرادها..
- متحف ذمار الإقليمي: وهو المتحف الرئيسي في المحافظة، شيد في منطقة هران شمال مدينة ذمار سنة 2002م، ويحتوي على عدة صالات للعرض المتحفي، منها صالة للآثار القديمة مما عثر عليه في مناطق مختلفة من المحافظة، أو من خلال الحفريات الآثارية، وقاعة أخرى للآثار الإسلامية أهم محتوياتها منبر الجامع الكبير بذمار، والثالثة لعرض نماذج من الموروث الشعبي في المحافظة.
- متحف بينون:في عزلة ثوبان مديرية الحداء أنشئ سنة 1990م، وتمت توسعته في 2003م، المبنى الرئيسي للمتحف يضم بداخله مجموعة كبيرة من القطع الأثرية، مصدرها مدينة بينون ومناطق أخرى في مديرية الحداء، أما المبنى الآخر فقد خصص لعرض نماذج من الموروث الشعبي لمديرية الحداء مثل الأزياء والحلي والصناعات الحرفية وأدوات العمل الزراعي وغير ذلك.
- متحف الآثار التعليمي بجامعة ذمار: افتتح في 2006م، وموقعه جوار قاعة المؤتمرات داخل حرم جامعة ذمار، والغرض من إنشائه أن يكون متحفاً تعليمياً لطلاب قسم الآثار، يحتوي المتحف على عدد من القطع الأثرية المهمة تتنوع ما بين رؤوس سهام وتماثيل، ونقوش كتابية بخط المسند، وخط الزبور، وأواني، فخارية بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من العملات الفضية والنحاسية تعود إلى العصر السبئي والعصر الحميري وكذا العصر الإسلامي، تم اقتناؤها من عدة محافظات.
- الحمامات المعدنية: ومن مميزات محافظة ذمار السياحية وجود عدد من الحمامات المعدنية الطبيعية الساخنة التي تستعمل لأغراض علاجية، إذ يوجد نوعان من الحمامات المعدنية، الأول: هو حمامات جبل اللسي شرق مدينة ذمار بجوار خربة أفيق ، وحماماته عبارة عن كهوف تنبعث منها أبخرة كبريتية حارة، تستعمل في علاج الأمراض الجلدية والروماتيزم، ومثله حمام جبل اسبيل المجاور، والنوع الثاني يتمثل في عدد من حمامات المياه المعدنية منها حمام علي شمال غرب مدينة ذمار ويتميز عن النوع الأول بوجود مياه كبريتية ساخنة تخرج من باطن الأرض، والى جانب حمام علي هناك عدد من الحمامات الكبريتية الساخنة المماثلة موزعة في مديريات المحافظة يقصدها الناس لعلاج بعض الأمراض المستعصية وخاصة الأمراض الجلدية والروماتيزم وهناك من يشرب الماء لعلاج من عدد من الأمراض الباطنية.
- المدرسة الشمسية: في ذمار، في حي الجراجيش. بناها الإمام شرف الدين في شهر رمضان سنة 947هـ، وقد سميت بالشمسية نسبة إلى الأمير شمس الدين أحد أبنائه، وربما إنه هو الذي أشرف على عمارتها في عهد والده، وقد بنى المطاهير والمنارة وحفر البئر الوالي العثماني محمد علي باشا سنة 1155هـ.. وكان بها مكتبة نفيسة موقوفة عليها من العلماء لكن بعض من لا خير فيه من علماء ذمار كانوا يستعيرونها، ولا يعيدونها، وتوجد بقية من هذه المكتبة لدى ناظر أوقاف ذمار القاضي حمود بن عبدالله الظرافي، وذكر صاحب مطلع الأقمار ما لفظه: وقد دخل أبو فارغ صاحب وادعة إلى ذمار سنة 1150هـ على رأس مجموعة من أصحابه، فانتهبوا أسواق ذمار، ودخل بحميره إلى المدرسة وانتهب فراشها وكتبها".  وكانت هذه المدرسة إلى بضع عشرة سنة خلت صرحاً من صروح العلم، فقد كانت أشبه ما تكون بخلية النحل لكثرة طلبة العلم الدارسين بها الذين يفدون إليها في موسم الدراسة من كل عام من شتى المناطق عدا الطلاب من المدينة نفسها ومن نواحيها. وكان طلاب العلم الوافدون إلى ذمار المعروفون بالمهاجرين يقيمون في المنازل (جمع منزلة) الملحقة بالمدرسة. الشمسية، والمحيطة بها من جميع جهاتها، وكان بعض هذه المنازل معروفة بأسماء أسر تتوارث الإقامة..
- جامعة ذمار : أكبر المؤسسات التعليمية في المحافظة، أنشئت عام 1996م، مقرها الرئيسي في مدينة ذمار عاصمة المحافظة، ولها فرعان في محافظة البيضاء الأول في مدينة البيضاء والثاني في مدينة رداع. تتكون الجامعة من ثلاث عشرة كلية علمية إلى جانب عدد من المعاهد النوعية المتخصصة. ومنذ نشؤها تعمل الجامعة على رفع المستوى العلمي والثقافي والفكري في محافظة ذمار والمحافظات المجاورة. ويوجد في ذمار العديد من مراكز البحث العلمي وكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية والصناعية والطبية ومعاهد اللغات والكمبيوتر الحكومية والاهلية إضافة إلى المدارس الثانوية والأساسية.
ومن المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (صنعاء الحضارة/الجزء الأول/ من منشورات جامعة صنعاء)، (الموسوعة اليمنية)، (المدارس الإسلامية للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (معجم البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي/ للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (تاريخ مدينة صنعاء/ للرازي/ تحقيق د.حسين العمري)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع)،(رواد التنوير في مدرسة الحكمة اليمانية، إسماعيل محمد حسن الوريث/مركز الدراسات والبحوث اليمني)، (سفينة موجودة لدى الكاتب)، (مجلة الإكليل العددان الثاني في السنة الخامسة 1987م والأول في السنة السادسة 1988م/ مقال عن هران بذمار لمحمد عبدالله باسلامه، ومقال عن منبر خشبي نادر في الجامع الكبير بذمار للدكتور ربيع حامد خليفة)، (اليمن الكبرى/ حسين بن علي الويسي/ الطبعة الثانية 1991م)، (مجلة الحكمة اليمانية 1938 – 1941م وحركة الإصلاح في اليمن "دراسة ومقالات"/ تأليف د.سيد مصطفى سالم/ جمع المقالات علي أحمد أبو الرجال/ إصدارات وزارة الثقافة والسياحة 2004م)، (سفينة العمراني معارف ولطائف/ أعدها السفير عبدالرزاق محمد العمراني مما سمعه وتلقاه من والده فضيلة القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني شفاه الله وعافاه/ مراجعة د. عبدالرحمن محمد العمراني/ دار النشر للجامعات صنعاء).
alarachi2012@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق