السبت، 10 يناير 2015

مديرية يريم



الثروات والكنوز الحضارية  والمدن التاريخية في محافظة إب
 مديرية يريم المشهورة بمدنها التاريخية وسدودها   
                                                                                                               إعداد/محمد محمد عبد الله العرشي

المقدمة:
إن معرفتنا بتاريخ بلادنا وجغرافيتها يساعدنا على معرفة واقع مجتمعنا، ويجعلنا قادرين على حل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، والتعرف على مكامن القوة والضعف فيها. وفي نفس الوقت سوف نتمكن من استغلال ثرواتنا الاقتصادية لتحقيق رفاهية اليمنيين، وأوجه نداءً لكل اليمنيين وعلى رأسهم السياسيين والمفكرين بأن يعملوا جميعاً على استغلال هذه الثروات بدلاً عن الصراعات السياسية، والتفكير في كيف نحكم بدلاً عن من يحكم. وهاهي يريم تؤكد ما ذهبنا إليه بأن اليمن الخضراء بلاد القصور والسدود.
أخي القارئ الكريم ...
وقد ذكر المؤرخ المرحوم/محمد علي الأكوع في كتابه ( اليمن الخضراء مهد الحضارة) بأن يريم سميت باسم القيل الكبير يريم ذي رعين، وأنها تقع بين جبلي شربوب من الجنوب ويصبح من الشمال، ولم تظهر يريم على مسرح التاريخ الإسلامي كمدينة إلا في القرن الثامن الهجري.
ومديرية يريم من أهم المديريات التاريخية في محافظة إب على سبيل الخصوص وفي اليمن على سبيل العموم ولابد من إبراز أهم الثروات والكنوز الحضارية فيها، ومديرية يريم كما ورد في موسوعة اليمن السكانية للدكتور محمد علي المخلافي بأنها تقع في محافظة إب في الجزء الشمالي منها، يحدها من الشمال مديرية عنس من محافظة ذمار، ومن الجنوب مديريتا السدة والمخادر، ومن الشرق مديريتا الرضمة والسدة، ومن الغرب مديريتا القفر والمخادر ومديرية مغرب عنس من محافظة ذمار، ومساحتها 581كم2 وعدد سكانها (175.463)نسمة وهي تتكون من (11) عزلة، على النحو التالي: (إرياب، بني سبأ، بني عمر، بني مسلم، بني منبه، خاو، خودان، رعين، عراس، عبيدة، يريم).
ومن أهم معالم مديرية يريم ما يلي:
مدينة يريم
مدينة يريم بفتح الياء وكسر الراء وساكنة الميم، وتقع يريم في سفح جبل يصبح الذي يطل على مدينة يريم من الناحية الشمالية الشرقية، وقد سميت يريم نسبة إلى يريم ذي رعين الأكبر بن زيد بن سهل، وقد ذكر القاضي المرحوم حسين بن أحمد السياغي في كتابه (معالم الآثار اليمنية) أن مدينة يريم القديمة كانت في آكام لكمة المرايم المعروفة وهي موقع أثري هام وتوجد فيها العديد من الأساسات لمباني قديمة وهي مبنية بالحجارة السوداء، كما يوجد في أكمة المرايم بقايا حصن قديم وهو حصن حميري قديم وقد ورد في كتاب (نتائج المسح السياحي) أن مساحة الحصن وملحقاته نصف كيلومتر ولايزال يتعرض بناء هذا الحصن وملحقاته للهدم ونقل حجاره، ومدينة يريم من المدن اليمنية التاريخية القديمة حيث كانت تعتبر من المدن الملحقة بمدينة ظفار التاريخية ويوجد فيها غيل يسمى غيل المريمي وهو ينبع من أكمة المرايم وماؤه عذب وقد قيل أن سلاطين آل طاهر عندما قاموا ببناء مدرسة العامرية في رداع ومدرسة العامرية في جبن نقلوا أحجارهما من أكمة المرايم، وكانت مدينة يريم من أهم محطات قوافل التجارة القديمة قبل الإسلام والتي تحمل البضائع بين مدينة صنعاء ومدينة عدن و مكة المكرمة وحتى بلاد الشام وطريقها تعرف بدرب أسعد، والتي أصبحت تعرف فيما بعد بطريق الحجيج. وقد ورد أيضاً اسم يريم في كتاب (البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي) الذي حققه المرحوم القاضي إسماعيل الأكوع بأنه حصن في جبل تيس وهو في بلاد الشاحذية في محافظة المحويت.
مدينة ظفار التاريخية
وقد ذكر المرحوم القاضي محمد أحمد الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) أن ظفار كانت عاصمة التبابعة ملوك حمير وهي في رأس ربوة مشرفة على حقل قتاب من بلاد يريم، ولا تزال بها آثار البناء العجيب من الأحجار التي لا توجد في غيرها من بلاد يريم، ولعل ملوكها كانوا قد نقلوها من بلاد بعيدة وبكميات لا تحصى، وفيها ما هو مكتوب بالقلم المسند الحميري، كما أن بها من الآثار ما يبهر العقول كالبيوت المنقورة في الجبل، ومخازن الماء كذلك منقورة في الجبل، ولايزال أثر الزبر في الجبل ظاهرة والزُبر هي آلة النقر من الحديد. وبالقرب من ظفار سدود حميرية التي أشار إليها الملك الحميري بقوله:
وريدان قصري في ظفار ومنزلي


بنينا به للملك تختاً ومعقلا

وفي الربوة الخضراء من أرض يحصب


ثمانون سداً تقذف الماء سائلا

وقد ذكر الهمداني في كتابه الإكليل في الجزء الثامن منه، أن مدينة ظفار هي منكث، قال أبو نصر: وكان بظفار تسعة أبواب باب وَلَاَ، وباب الأسلاف، وباب خرفة، وباب مآبه، وباب هدوان، وباب خبان، وباب حورة، وباب صيد، وباب الحقل (الحقل هو المعروف بحقل قتاب وقاع الحقل وكان الباب الرئيسي لمملكة ظفار). وكان على هذه الأبواب أوهاز (أي حجاب) وما كان أحد يدخل باب الحقل إلا بأذن من أولئك الأوهاز، لأنهم وجدوا في كتبهم وعلمهم بأن ظفار تخرب من قبل من يدخلها من باب الحقل. وكان للباب معاهرة (المعاهر بمعنى الأجراس، باللغة الحميرية) فإذا فتح أو أغلق سمعت أصوات تلك المعاهر من مكان بعيد أليست هذه وسيلة اتصالات استخدمها اليمنيون. وكان بين باب ظفار الذي يكون منه الأذن على الملك وبين ظفار نفسها قدر ميل.
قلعة عمامة البينيان
وهي قلعة حميرية منحوتة في جبل وقد سكن هذه القلعة العديد من الهنود المسلمين وقد نسبت القلعة إليهم والذين كانوا يمارسون التجارة، وكان بعضهم يتأخر عن مواصلة العودة إلى بلادهم وسكنوا في هذه القلعة، وتشبه القلعة عمامة الرأس، ويوجدفي هذه القلعة العديد من المدرجات الزراعية، والعديد من السواقي والغرف، وللأسف أن هذه القلعة لاتزال تتعرض للخراب.
مدينة صِرْحَة
وهي تقع بسفح جبل بني مسلم وفي الركن الشمالي الغربي من قاع حقل كتاب من مدينة يريم وقد ذُكرت في كتاب (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) للقاضي المرحوم محمد أحمد الحجري بأنها قرية من قرى بلاد يريم وأن فيها مسجد عجيب العمارة وهو مسقوف بالخشب المنقوش، وأنه يوجد بجانب هذا المسجد قبر الولي محيي الدين أبو السعود، وقد ترجم القاضي  أحمد بن صالح أبو الرجال في كتابه (مطلع البدور و مجمع البحور) المتوفى 1092هـ لعالِمين من علماء المطرفيه ممن سكنوا صِرْحَه وهما العالِمين سليمان بن ناصر الدين بن سعيد بن عبدالله السحامي، وعلي بن ناصر السحامي، وقد ذكر المرحوم القاضي إسماعيل الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله) بأن صِرْحَة تبعد 15كم عن مدينة يريم وهي من مخلاف يحصب من أعمال يريم،  وقد جاء وصفها في كتاب (نتائج المسح السياحي) بأنها مدينة أثرية وعامرة وتنتشر في هذه المدينة العديد من المواقع الأثرية التي ترجع إلى عصر ما قبل الإسلام وأن هذه المدينة قد بنيت على أنقاض المدينة القديمة التي كانت قائمة في القرن الرابع والخامس الميلادي، ولم يبق منها غير بوابتها الرئيسية فقط، وأنه كان يوجد فيها العديد من السدود والتي تقدر بعشرين سداً وهي منحوتة في الجبال وقد تهدم معظم هذه السدود ولا تزال إلى الآن تتعرض للخراب.
جامع صِرْحَة
يقع وسط المدينة ومساحة بنيته 6أمتار وعرضها 4أمتار وللبنية سقف خشبي معمول من المصندقات الخشبية وللأسف أن نصف السقف الخشبي قد تبدل بأخشاب جديدة ويرتكز السقف على أربعة أعمدة من الأحجار ويوجد في مدخل الجامع أربعة أعمدة عمودية من حجر البلق وعليها زخارف على شكل عناقيد العنب ورسوم للثعابين وهما منقولان من أحد المواقع الأثرية كما ورد في كتاب (نتائج المسح السياحي)، وقد وصفه المرحوم القاضي إسماعيل الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله) بأنه مسجد جميل البناء وله سقف متقن الصنع ودعائمه من الحجر البلق، وأشار إلى أن أحجاره ربما قد نقلت من ظفار.
قرية منكث
وقد ورد اسمها في (البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي) بالفتح والسكون وفتح الكاف وثاء، وهي حصن باليمن، كما ورد ذكرها في (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) للقاضي محمد أحمد الحجري حيث أشار بأن الهمداني ذكرها بأنها للسخطيين وهم من بقية ملوك آل الصوار، وقيل أنه ينتسب إليها علي بن زايد الحكيم اليمني المشهور، وقد ورد وصفها في كتاب نتائج المسح السياحي بأنها قرية جميلة تكسوها الخضرة وتحيط بها المدرجات الزراعية من كافة الجهات ويتدفق عليها غيل دروان على مدار العام وأهم معالمها عدد من السدود التي معظمها منحوتة في الجبال وتتعرض للخراب ومن أشهر سدودها سد هران وسد ذورعين، وأهم حصونها: حصن دروان يعود تاريخ بنائه إلى أيام الحميريين وقد تهدم ولم يبق منه إلا بعض آثاره فقط، وحصن منكث حصن إسلامي يعود تاريخ بنائه إلى الفتح العثماني الأول في القرن العاشر الهجري وهو يتكون من ثلاثة طوابق.
ومن سدودها:  سد سجِن: من سدود حمير في حقل قَتَاب من بلاد يريم، وذكر المرحوم الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) أن هذا السد لا يزال إلى الآن (حين تأليف كتابه) إلا أن مخزن الماء قد كسب تراباً كثيراً بمرور الزمن وصار مزرعة بعد أن يرسل الماء الذي كان فيه من مخرجها المنقور في الصخر، ويسقى بالماء الأراضي المنخفضة عن السد فإذا جفت أرض السد زرعت البر العقر وكان زرعها من أحسن أنواع الزرع إذا لم تصبه عاهة. وسد قصعان: بفتح القاف وإسكان الصاد المهملة ثم عين مهملة آخره نون، ويقع في قرية ذي شمران من بني منبه في الحقل.
وفي سدود يريم من الفن وروعة الهندسة وإتقان العمل ودقة التفكير ما يقف الإنسان دهشاً باهتاً أما بقية أسداد يحصب فإليك تعدادها بالأرقام وذكر أماكنها وما أمكن من ضبطها بالحرف أو بالشكل، كما ذكرها القاضي المرحوم محمد علي الأكوع في تحقيقه لكتاب الإكليل الجزء الثامن (طبعة عام 1979م) على النحو التالي:
سد الدولة في عزلة إرياب ثم في قرية الدريعا، سد ذي يوسف في منكث، سد ذي صرعف في منكث، سد الذارية هنالك، سد الموقد هنالك، سد سيان في الأكسوم، سد المنشر في قرية المنشر من عبيدة شمال مدينة يريم، سد الميدان عبيدة، سد مرح بمدينة يريم، سد ذي سريع في يريم أيضاً، سد العابلي في الأعماس في بيت الشامي، سد الزيادي في قرية بيت صالح مثنى الأعماس، سد يهجل هنالك، سد النقعة بقرية بحوف، سد الرباعة في قرية بيت صالح مثنى الأعماس، سد الحطوار في بيت حسين يحيى عباد الأعماس، سد جيش في بيت الجحينة الأعماس، سد الميقاف في بيت يحوق الأعماس، سد الجبجبي في بيت يحوق، سد الجدني الأعماس، سد ذي البثن في قرية بيت العائدي جبل حجاج، سد خربة يخت في جبل حجاج، سد النقوب في خربة العائدي جبل حجاج، سد السوادة في خربة صالح علي جبل حجاج، سد الغراب خربة صالح علي جبل حجاج، سد شرقان هنالك، سد الحكك هنالك، سد ذي الموقع هنالك، سد ذي سمين في روثان جبل حجاج، سد صبر قرية خبلة هنالك، سد الشعيبية في بيت الجلعي عزلة العرافة، سد جواس هنالك، سد طوف بضم الطاء وفتح الواو آخره فاء هنالك، سد الشعيرية هنالك، سد الحرضي هنالك، سد العقبة هنالك، سد الشقاق، سد الشيخ هنالك، سد اللاوي هنالك، سد فقيح هنالك، سد يناع هنالك، سد ذي أحواد في العرافة، سد العوار بظفار الملك، سد ذي أرجح هنالك، سد الماجل هنالك، سد عمران في بيت الأشول، سد جبير هنالك، سد النقق بقافين هنالك، سد سراف في قرية ذي هلبان بالعرافة، سد العاهري هنالك، سد الركوض هنالك، سد ذي حميد هنالك، سد اللحوات، سد الأصبحي هنالك، سد المخروق هنالك، سد زيلط في قرية ذي حريم بالعرافة، سد معمر في قرية خدار جبل عصام، المشمر خدار جبل عصام، سد ساهب في قرية المعير جبل عصام، سد الدخلة في قرية هجارة جبل عصام، سد الجاهلي في هجارة جبل عصام، سد عهر في قرية الخربة جبل الحبالي، سد زيران في قرية الضيعة عزلة المرخام، سد هراره في قرية بيت الأشول وهو مع صغر حجمه من أشد الأسداد صنعة وإتقاناً.
ومن أسداد ذي رعين سد مطران شرقي شمال مدينة يريم وهو غاية في روعةالفن وأحكام الصنعة وقد وصفناه في المعجم سد قرية ذي الصولع من ذي رعين ثم من كحلان.

جامع منكث
 ويوجدفي قرية منكث جامع الهادي يحيى بن الحسين وقد وصفه القاضي المرحوم محمد بن أحمد الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) بأنه جامع نفيس وقد عمره الإمام يحيى بن الحسين المتوفى عام 298م وأن أكثر أحجاره منقولة من ظفار وقد ورد وصفه أيضاً في كتاب (نتائج المسح السياحي) بأنه مبني على شكل مربع وتبلغ أبعاده حوالي 15/151/41 تقريباً، وسقف الجامع معمول من المصندقات الخشبية المزينة بالزخارف النباتية والأشكال الهندسية، وفيه 22 عموداً وبعض الأحجار مرسوم عليها رسوم حميرية وكتابات بالخط المسند ويوجد فيه سبع من البرك المقضضة.

وقد رجعنا عند إعدادنا لهذا المقال إلى العديد من المراجع هي: (اليمن الخضراء مهد الحضارة/محمد الأكوع الحوالي)، (معالم الآثار اليمنية/ إعداد المرحوم القاضي حسين بن أحمد السياغي)، (نتائج المسح السياحي في الفترة "1996-1999م" الجزء الأول)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي المخلافي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للقاضي المرحوم محمد الحجري)،(كتاب الإكليل الجزء الثامن/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع/ الجزء الثامن طبعة 1979م)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/تأليف المرحوم القاضي إسماعيل الأكوع)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية) للباحث الكبير الأستاذ/ إيراهيم محمد المقحفي.

alarachi2012@yahoo.com



هناك تعليق واحد: