الاثنين، 12 يناير 2015

مديرية حرض


الأحد, 11-يناير-2015
إعداد/محمد محمد العرشي -
أخي القارئ الكريم.. يسرني أن أقدم لك في هذا العدد من صحيفة الثورة الغراء مديرية حرض من محافظة حجة، وهي المديرية التي احتضنت أول مؤتمر للسلام بين أبناء اليمن (الجمهورية العربية اليمنية سابقاً) وأهدي هذا المقال إلى أبناء اليمن شرقه وغربه وشماله وجنوبه؛ ليتعلموا كيف أدار العقلاء من اليمنيين الحوار والخلاف والاتفاق، من أمثال المرحوم القاضي العلامة الرئيس عبدالرحمن بن يحيى الإرياني والمرحوم الأديب الكبير أحمد محمد الشامي، والذين أداروا أوجه الخلاف بين الجمهوريين والملكيين حتى توصلوا إلى سلام دائم،
ونعُمت اليمن باستقرار ودستور وبالرغم من أن مؤتمر السلام في حرض قد افتتحت أول جلساته يوم 29 رجب 1385هـ/ 23 نوفمبر سنة 1965م إلا أن هذا المؤتمر لم يثمر بالمصالحة إلا بعد ثمان سنوات تخللتها حروب ومباحثات ولقاءات انتهت باعتراف المملكة العربية السعودية بالجمهورية العربية اليمنية، ولقد كان للأشقاء من الزعماء العرب وعلى رأسهم الرئيس المرحوم جمال عبدالناصر وجلالة الملك السعودي المرحوم فيصل بن عبدالعزيز الدور الأبرز والفعال في نجاح تحقيق السلم في الجمهورية العربية اليمنية، وعودة المئات من الأسر التي كانت نازحة إلى المملكة العربية السعودية، والتي تم تسميتهم بالعائدين، وتعين منهم العديد في المناصب المختلفة في الدولة؛ فمنهم عضو في مجلس الرئاسة وبعضهم وزراء وبعضهم وكلاء وبعضهم محافظين وبعضهم مدراء قضوات وبعضهم نواحٍ نواحي...
حرض
حَرَضَ: بفتحتين؛ وردت في قواميس اللغة العربية بمعنى الذي أذابه الحزنَ، وزاد عليها (ياقوت الحموي في معجمه) بأنها بلد في أوائل اليمن من جهة مكة.. نزله حرض بن خولان بن عمرو بن مالك بن حمير فسمي به، وهو اليوم بين خولان وهمدان..
وحرض وادٍ ومدينة قديمة الاختطاط يقعان شرقي ميناء ميدي في الشمال الغربي من محافظة حجة. وتنسب حرض إلى حرض بن خولان بن عمرو بن مالك بن حِمير. هي مدينة أثرية كانت تُعرف باسم (وادي عبدالله)، وقد عُثِر تحت أطلالها وأنقاضها على آثار حميرية تدل على حضارتها وقِدَمها. وقد لعبت هذه المدينة دوراً مهماً في جميع فترات التاريخ الإسلامي، وكان آخرها احتضان مؤتمر السلام والمصالحة بين الملكيين والجمهوريين الذي انعقد سنة 1965م. وهي من مراكز العلم القديمة، واشتهرت بسكانها العلماء، فسكنها العلماء من بني عامر (العامريون)، وآل أبي الخِل، وآل أبي خيرات ملوك المخلاف السليماني وغيرهم..
مديرية حرض
تقع المديرية في محافظة حجة إلى الشمال الغربي منها، وتبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 283كم على الحدود اليمنية السعودية. يحدها من الشمال المملكة العربية السعودية، ومن الجنوب مديريتا: حيران ومستباء، ومن الشرق مديريتا: بكيل المير ومستباء، ومن الغرب مديرية ميدي والمملكة العربية السعودية.. ومركز المديرية مدينة حرض.. وتبلغ مساحة المديرية 1059كم2، وبلغ عدد سكانها 94.391نسمة حسب التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.. وتضم المديرية 166 قرية تشكل بمجموعها 5 عزل هي: عزلة بني الحداد "مركز إداري من مديرية حرض وأعمال حجة، منه: وادي بن عبدالله، وقرية العِسيلة، وقرية شليله."، عزلة حرض، عزلة الشعاب "بكسر ففتح. وادٍ صغير يمر في الحد بين مناطق عبس وميدي. ومنابعه من جبال "مستبا" في بلاد حَجَّة."، عزلة العتنة، عزلة الفج..
وهي إحدى مديريات محافظة حجة الهامة في السهل التهامي، وميناؤها البري، وفيها وادي حرض ومنابعه من جبال خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ومن شمالي بلاد حَجُور ويسقي أراضي كثيرة من بلاد حرض ويفضي إلى البحر الأحمر، وتسقى أراضي حرض من سبعة أودية وهي أرض سهلية تقع ضمن المنطقة السهلية المنبسطة، يسودها مناخ المناطق الوسطى الحار الجاف صيفاً والمعتدل الممطر شتاءً. وهي أرض خصبة وقَلّ أن يوجد لها مثيل في أودية تهامة من حيث خصوبتها وغزارة إنتاجها، وأكثر مزروعاتها الذرة، حيث يعمل غالبية السكان بالزراعة والرعي وإنتاج الحبوب بأنواعها، وبعض الفواكه والحمضيات والخضروات لوجود وادي حرض، ووادي بن عبدالله الذي يعتبر من أكبر أودية المحافظة، وتشتهر عاصمتها بنشاط الحركة التجارية فيها، لقرب مينائها البري من المدينة، الذي يعتبر أحد الموانئ الهامة للبلاد.
ومما يدعو إلى الأسف أنه مؤخراً قد أصبحت ممر ومحطة لعملية تهريب البشر والحيوانات بما فيهم الأطفال إلى دول الجوار، ولم تعد هذه الظاهرة طي الكتمان بل أصبحت واضحة للعيان وبصورة علنية، وقد تناولتها وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وبصورة واسعة ومفصلة، وفتحت بعض هذه الوسائل ملفات لتهريب الأطفال سواءً عبر البر أو عبر البحر من خلال سواحل ميدي، وكل ذلك بسبب الفقر والعوز..
حرض هجرة علمية
حرض: بلدةٌ عامرةٌ في تهامة في الشمال من الحديدة، كانت من مراكز العلم المقصودة؛ فقد ذكر الجندي في (السلوك) ما لفظه: "وفي حرض فقهاءٌ يعرفون ببني عامر أهل صلاح وعبادة، ويشتهرون بالفقهاء العامريين، وعند بيوتهم مسجدٌ يجتمعون فيه للصلوات الخمس، ومُدارسة العلوم، وبعد صلاة الصبح يقرؤون ختمة، وكذلك بعد العصر". وأضاف حسين بن عبدالرحمن الأهدل في (تحفة الزمن) ما لفظه: "ومن عامر الآن جماعة كثيرون مواظبون على الجماعة في المسجد، وختم القرآن من آخر الليل فيختمون مع الصبح، وبعد الظهر كذلك، وبعد المغرب ختمة". تلك حرض في سالف العصر. وأما حالها اليوم فبلدة تجارية.
وقد ترجم القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ(28) علماً من أعلامها..
تذكرت القربى فسالت دموعها
أهم المعالم والكنوز الحضارية والتاريخية والأثرية في مديرية حرض
تعتبر حرض من المدن الأثرية والتاريخية، حيث يوجد فيها العديد من المواقع الأثرية والتاريخية؛ مثل المقابر القديمة في موقع أم الغرف في وادي الشعاب ومقبرة المصلة في وادي حرض، وهذه المقابر بحاجة إلى دراسة ميدانية بأسلوب علمي من قبل فريق متخصص بعلم القبور القديمة لمعرفة خلفيتها بصورة علمية تساهم في كشف المزيد من المعلومات لما توصل إليه اليمنيون القدماء في هذا الجانب، ومن المواقع الأثرية أيضاً موقع الخرابة في وادي فج حرض وموقع حجفان في قرية بني هلال وحصن الحميد بن منصور في وادي حرض، ونذكر هنا بعض هذه المعالم، على النحو التالي:
• موقع قصر القفل:
يرجع تاريخه إلى نهاية التواجد العثماني الأول لليمن، وهو عبارة عن بقايا قصر يبلغ ارتفاعه 20م، ويحتوي على 20 غرفة تقريباً، ويحيط به سور يبلغ طوله 200م، وعرضه 100م، ويتبعه مرافق لخزن المياه ومخازن للمؤن والاحتياجات الأخرى، ومعظم أجزاء القصر لا زالت قائمة والقليل منها تهدم لغياب الصيانة والترميم.
• موقع حصن العلالي:
حصن تاريخي عبارة عن شكل دائري كبير يعود تاريخه إلى فترة الاحتلال العثماني الأول القرن السادس عشر الميلادي، ويتكون من قسمين: الأول يحتوي على 16 غرفة مساحة كل غرفة 4×3م، والثاني عبارة عن أربعة أبراج مراقبة شيدت بشكل مربع يبلغ طول الضلع حوالي 6م. كما يوجد في الموقع مبان على هيئة غرف مستقلة، ويبدو أن الموقع كان عبارة عن مساكن حامية عسكرية لحماية الساحل المحاذي للبحر ، ويلاحظ بقايا أجزاء من السور الذي كان يحيط بالموقع، والمبنى في وضعه الحالي آيل للسقوط. وفيها السقيفتان قرية الحكم أطلال وخرائب في وادي خلب شمال وادي حرض، وخلب بضم الحاء المعجمة وفتح اللام زنة الخلب المقصود به الطين..
 من المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال: (حجة معالم وأعلام/ للباحث يحيى محمد جحاف/ الطبعة الأولى 1434هـ 2013م/دار الكتب اليمنية)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/ للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (موسوعة اليمن السكانية/ تأليف الدكتور محمد علي عثمان المخلافي/ الطبعة الأولى2006م)، (الموسوعة اليمنية/الطبعة الثانية)، (السلوك في طبقات العلماء والملوك/ تأليف القاضي أبي عبدالله بهاء الدين الجندي/ تحقيق القاضي المرحوم/محمد علي الأكوع/ من مطبوعات وزارة الإعلام والثقافة/ الطبعة الأولى 1983م) (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، (شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم/ نشوان بن سعيد الحميري) لسان العرب/ للإمام العلامة ابن منظور)، (البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي/ جمعها وحققها وبين مواضعها القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (مؤتمر حرض ومحاولات السلام باليمن/ محمد الشعيبي/ مطبعى دار الكتاب – دمشق)، خريطة المديرية المرفقة من إعداد م. أحمد غالب عبدالكريم المصباحي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق