الخميس، 8 يناير 2015

مديرية ذيبين

بسم الله الرحمن الرحيم
الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة عمران
مديرية ذي بين المشهورة بثرواتها العلمية ومخطوطاتها النادرة
على مستوى العالم في القرنين السادس والسابع الهجري.


إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
المقدمة:
أخي القارئ الكريم .. في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا والعالم العربي والإسلامي؛ التي تشهد ثورات وانقلابات لا عهد لنا بها منذ عدة قرون خلت، علينا أن نرجع إلى تاريخ بلادنا وثرواتها العلمية والفكرية والتي كان لبلادنا السبق فيها قبل العديد من الدول في العصر الإسلامي، ولاسيما التاريخ الفكري والعلمي بتراث المعتزلة سواءً كان في اليمن أو في العراق، وكيف أن اليمن احتضنته عبر القرون، واحتضنت تراث المعتزلة في اليمن التي لاتزال أهم مخطوطاته موجودة في صنعاء إلى الآن، وفي نفس الوقت يجب أن نرجع إلى تاريخ الصراع بين المطرفية الذين كان لهم اجتهاداتهم المستنيرة في القرنين السادس والسابع الهجري، وكيف أفناهم الإمام عبدالله بن حمزة، ويجب علينا أن نعرف الأسس الإجتهادية لفكر المطرفية والمبررات الفقهية التي استند إليها الإمام عبدالله بن حمزة في القضاء عليهم في جميع أنحاء اليمن، ولا شك أن الصراع الفكري الاجتهادي بين فكر المعتزلة في اليمن والعراق واجتهادات علماء المطرفية في اليمن والذين هم أيضاً علماء الزيدية كان له تأثير كبير في إيجاد الصراع بين المطرفية وبين الإمام عبدالله، ومن أشهر علماء المطرفية؛ شهاب بن مُطرف وهو مؤسس مذهب المُطَرَّفية الذي عرف باسمه. وكان على مذهب الإمام الهادي يحيى بن الحسين في الفروع، وكان في بداية أمره مُزارعاً فترك ما كان عليه في الاشتغال بالزراعة، واستعان بشيءٍ من ماله، وخرج لطلب العلم في صنعاء، وأحرز قدراً كبيراً منه، ولا سيما في علم أصول الدين، وقد أخذ عن علي بن شَهْر، وعن علي بن محفوظ عن الشيخ أحمد بن موسى الطبري عن المرتضى محمد بن الهادي عن الهادي. وينسب إلى مطرف قوله: (لا تحسبوا أننا أخذنا هذا العلم من الأوراق، واعتقدنا، وإنما أخذناه من بين شوارب الرجال)، يريدُ الإسناد إلى الهادي. ولم يعرف تاريخ وفاته ومكان دفنه. وقد ذكر العلامة والمفكر الإسلامي الكبير الأستاذ/زيد بن علي الوزير – أطال الله عمره – في كتابه (حوارٌ عن المطرفية الفِكر والمأساة)، المطبوع من مركز التراث والبحوث اليمني الطبعة الأولى 1423هـ 2002م، بأن المطرفية تذهب إلى القول بما يمكن تسميته بالبرمجة الإلهية للعناصر الأربعة (الماء والنار والتراب والهواء) وهي التي تتواجد منها الأشياء. وكان للزيدية المخترعة مدرسة. والعلامة جعفر بن أحمد بن يحيى بن عبد السلام البهلولي الأبناوي الذي كان شيخ الزيدية وعالمها ومحدثها ومتكلمها في ذلك الوقت، وكان من علماء المطرفية بينما كان والده من علماء الإسماعيلية ثم تحول القاضي جعفر من المطرفية إلى الهادوية (الزيدية) وقد توفي وقبر في هجرة سناع في بني مطر سنة 573هـ.
ونحن بحاجة إلى بحث متكامل ومحايد يشمل شخصية الإمام المرحوم عبدالله بن حمزة والأسس الفكرية التي بنى عليها اجتهاداته في القضاء على المطرفية وعلاقته بالمعتزلة في اليمن وعلاقتهم بالمعتزلة في العراق في ذلك الوقت، وفي نفس الوقت يشمل البحث المرحوم جعفر بن أحمد يحيى عبدالسلام البهلولي.. وإنني أناشد الجامعات اليمنية والعربية والعالمية ومراكز البحوث في الدول العربية والإسلامية أن تتبنى دراسة فكرة المطرفية والأسس التي بنيت عليها اجتهاداتهم بصورة محايدة، وذلك إنصافاً للتاريخ...
مدينة ذيبين
مدينة شرقي خمر وشمال ريدة بمسافة 20كم. تقوم بين هضبتين كبيرتين حيث تطبق عليها الجبال من مختلف الجوانب، منها جبل (ظَفَر) في الجانب الشرقي الجنوبي منها.
وذي بين منطقة مطبقة بها الجبال التي لا تخلو من الآثار. وفي أعلاها حصن كبير مرتفع، يرى منه إلى جميع المحلات. ومن ناحية الجنوب الشرقي الجبل المسمى (ظفر) فيه آثار حميرية بالبناء العجيب، والمناهل العديدة، وهو فوق محل (بلسن) وبيت الورد. ومن جهة الشرق الشمالي حصن ظفار. ومناخ ذيبين حار في الصيف، وبها كروم مشهورة وهو العنب المشهور بالعنب الجُبري.
مديرية ذيبين
تقع مديرية ذيبين في محافظة عمران في الجزء الشرقي منها، وتبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 94كم. يحدها من الشمال مديرية حرف سفيان، ومن الجنوب مديرية خارف، ومن الشرق مديرية أرحب محافظة صنعاء، ومن الغرب مديريات: حمر، بني صريم، خارف. وتبلغ مساحة المديرية 340كم2، ومركزها مدينة ذيبين. وتضم المديرية (61)قرية تشكل جميعها (3)عزل هي: بني جبر، سفيان، مرهبة. وبلغ عدد سكان المديرية (29805)نسمة في التعداد العام للسكان والمساكن 2004م.
وذيبين كانت في التقسيم الإداري القديم تعتبر ناحية، حيث كان يحدها من الشمال مرهبة وجبل ظفار ومن الشرق وادي شوابه وهران وغرباً الجبل الشاهق المسمى جبل ذروة وجنوباً بلاد أرحب وبلاد خارف. كما كانت تتفرع هذه الناحية إلى عدة عزل، وهي: عزلة بني جبر، عزلة عيال أحسن، عزلة سفيان، عزلة مرهبة، عزلة عيال قاسم، عزلة هران، الداحضة، بنت نهشل، بيت جابر، بيتا لومي، بيت إدريس، بيت عبيد، بني مروان، بيت الملح، بيت المكحي، عيال يحيى، عيال داهر، بديع الحاج، عيال عزام.
حصن ظفار
حصن أثري (عبارة عن ستة حصون) في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة ذي بين على بعد 85كم شمال مدينة صنعاء. وهي في منطقة (الظَّاهر) بجوار قربة "بيت أبو هدسة" إحدى قُرى مديرية خَمِر وأعمال عمران. وقد أسس حصن ظفار المرحوم الإمام المنصور عبدالله بن حمزة ليكون معقلاً له، ليحتمي ويعتصم به؛ حتى لا تصل إليه الدولة الأيوبية في اليمن، وقد أشار عليه بذلك الشيخ غزوان بن أسعد السريحي، وكان من أكبر أعوانه ومؤيديه. فشرع في بنائه في شوال سنة 600هـ، وقد اتخذه  بعدئذ داراً لملكه، ومستقراً لسلطانه، وعمر فيه جامعاً شرع في بنائه لأيامٍ خلت من جمادى الآخر سنة 602هـ، ولم يُفرَغ من عمل نقوشه وزخارفه إلا سنة 638هــ، أي أن بناءه استغرق (36) عاماً، على يد أخيه الأمير يحيى بن حمزة، كما هو مكتوب في جداره. وكانت ظفار مدينةً مزدهرةً في عهده وكذلك بعد وفاته لأن المكتبة التي أنشأها ملاصقة للجامع الذي بناه ظلت مركزاً لنشاط العلماء والباحثين الذين توافدوا على حصن ظفار وجامعها ومكتبته عبر العصور. وحصن ظفار غير الحصن الموجود في محافظة إب في مديرية يريم التي كانت عاصمة للحميريين، وغير ظفار الموجودة الآن في سلطنة عمان الشقيقة.
وقد يقال لهذه البلدة (ظفار داود) نسبةً إلى داود ابن الإمام عبدالله بن حمزة. وتتميز بعدد من الآثار التي تعود إلى عهد ما قبل الإسلام وما تلاه من عهود، ومنها الأسوار والقلاع والحصون والمقابر والأضرحة وخزَّانات المياه. ولا تزال بقايا الأسوار قائمةً حتى الآن، والقلاع التي كانت تحمى المدينة كانت موزعة فوق أربع قمم جبلية تسمى (دار الحجر، والقاهرة، والقفل، وتعز)، وهي قلاع وفرت لها طبيعتها الجغرافية أهمية كبيرة في الدفاع عن المدينة، وما تبقى منها يدل على مناعة البلدة،  وجميع هذه القلاع تُطِلّ على (وادي ورور) الأخضر الجميل. وهذه القلاع تكون على النحو التالي:
1-القفل : تقع على قمة أكمة القفل بعض الخرائب وأماكن للحراسة حيث تشرف هذه الأكمة على وادي بني جبار وشوابة.
2-القاهرة : تقع على قمة أكمة القاهرة تحصينات دفاعية تمثلت في السور الذي أحدثت فيه فتحة واحدة فقط للباب مجهزاً بأبراج دفاعية ضخمة ، كما توجد أبراج دفاعية أخرى في الجزء الشرقي والشمالي من السور.
3-دار الحجر: وهي قلعة محاطة أقيمت على قمة ، لها تحصينات دفاعية طبيعية، تمثلت في الانحدار الشديد لصخورها ماعدا في الردهة الجنوبية الشرقية التي أقيم فيها جدار ضخم مازال محتفظاً بقوته وصلابته إلى وقتنا الحاضر ، وباب هذه القلعة مازال قائماً في جهة الشرق.
4-تعز: وهي قلعة مثلثة الشكل تقريباً ، أحيطت جهتان منها بسور ضخم ، أما الجهة الثالثة فهي ذات صخور شديدة الانحدار لا يمكن الصعود منها.
ومن الآثار الباقية في تلك القلاع والتي تستحق الذكر مسجد صغير بجوار قلعة دار الحجر ، ويعود تاريخه إلى عهد المرحوم الإمام "المنصور"، ويمتاز بطابع خاص وزخرفة مميزة تشابه زخارف المساجد التي بناها الإمام المنصور " عبدالله بن حمزة " في مطلع ( القرن السابع الهجري ) ، كما يوجد – أيضاً - جامع كبير داخل قلعة القاهرة ويبدو من هيئة بنائه أنه قد هدم عدة مرات وأعيد بناؤه بعد كل هدم. وتنتشر في تلك القلاع العديد من صهاريج المياه ، وهي التي كانت تستخدم كخزانات مياه يتم استخدامها في أيام الحروب والدفاع عن المدينة، وإلى جانبها توجد الكثير من الخرائب لمنازل قديمة وغيرها من المباني .
من أشهر الآثار والمعالم التاريخية في (ظفار ذيبين)
1-مسجد ظفار ذيبين: يتكون مسجد " ظفار ذيبين " من بناء مستطيل الشكل يتجه ضلعه الصغير إلى الشمال ، له بابان الأول في الجدار الجنوبي والآخر في الجدار الشرقي ، ويتكون من بيت الصلاة ـ رواق القبلة ـ ورواقين جانبيين ، أما في الرواق المقابل ، فيبدو أنها لم تستغل للصلاة ، وتشرف تلك الأروقة على صحن في الوسط أقيم في منتصف ضلعه الجنوبي ضريح أمام البوابة الجنوبية ، كما أقيم ضريح آخر في الزاوية الجنوبية الشرقية ، وهما ضريحان مربعان أقيمت عليهما قبتان ، أما في الجهة الشرقية فتوجد بركة للماء إضافة إلى منارة المسجد المرتفعة والمزخرفة ، حيث إنها بنيت بالآجر المحروق. وتعتبر زخارف مسجد " ظفار ذيبين " آية في الجمال والإبداع ، وهي زخارف انتشرت في معظم أجزاء الجدران الداخلية خاصة جدار القبلة والمحراب ، وقد نفذت هذه الزخارف بالجص بأشكال زخرفية قوامها تفريعات ووريقات نباتية متداخلة إضافة إلى كتابات بالخط الكوفي ، وعلاوة على ذلك فهناك زخارف الضريحين حيث زخرف الضريح الذي يقع في الصحن في المنطقة الانتقالية للقبة بزخارف هندسية وكتابات متداخلة بالخط الكوفي ، أما الضريح الآخر فيعتبر أجمل تحفة معمارية في اليمن بزخارفه في الجدران الداخلية والقبة فقد جمعت زخارفه ما بين زخارف نباتية وهندسية ، وكتابات بالخط الكوفي وخط النسخ ، وخطوط متداخلة ، ولا ننسى أن سقف المسجد خاصة في رواق القبلة كان يحتوي على مصندقات خشبية مزخرفة بألوان مختلفة ، أجملها لون مـاء الذهب ، ويظهر من الخارج جمال المسجد بارتفاع مئذنته الجميلة المزخرفة إضافة إلى القبتين اللتين تعلوان الضريحين. وقد كانت مدينة ظفار - إضافة إلى ما سبق - من أهم مراكز العلم وهجره في شمال اليمن، وقد سكنها علماء دين مشهورون ، وزاد من أهميتها وقوعها في وسط ثلاث قبائل ، هي مرهبة من الشمال والغرب وأرحب من الجنوب ، وسُفيان من الشرق ، وهذه القبائل الثلاث كلها من بكيل ، وقد تعهدت هذه القبائل بحماية ظفار وحماية من يسكن فيها من علماء وأئمة وطلبة علم. كما أن مؤسسها الإمام المنصور " عبدالله بن حمزة " كان مهتماً بنشر علوم المذهب الزيدي ، وكان من أكبر علمائه ، فقد كان يُرسل إلى العراق من يقتني له الكتب النادرة شراءً أو استنساخاً ، وعلى وجه الخصوص كتب المعتزلة التي كان له اليد الطولى في حفظها وبقائها في اليمن حتى اليوم ، بعد أن أبيدت في سائر أنحاء العالم الإسلامي ، وقد جمع الإمام في خزانته أعداداً كثيرة من الكتب في شتى الفنون والمعارف الإسلامية ، وقد سارع الإمام "يحيى بن محمد بن حميد الدين" في سنة (1344 هجرية ـ 1926 ميلادية) بنقل ما بقي من هذه الخزانة إلى مكتبة الأوقاف في الجامع الكبير بصنعاء التي بناها لغرض حفظ ما تبقى من كتب ومخطوطات اليمن ، والإمام المنصور " عبدالله بن حمزة " من أكبر أئمة اليمن علماً وشهرةً ، أعلن دعوته الأولى من الجوف محتسباً سنة(583هجرية) أي في نهاية القرن السادس الهجري، ثم أعلن دعوته بالإمامة من هجرة دار معين في صعدة في شهر ذي العقدة سنة ( 593 هجرية ) ، وبايعه من تابعه يوم الجمعة 13 ربيع الأول سنة(594هجرية)، وهو أول من سن َّ الضرائب، في عصر ما بعد الإسلام، والضريحان الموجودان في مسجد ظفار الأول للأمام المنصور" عبدالله بن حمزة " ، والآخر لابنه " داوود".
2-وادي ورور : ومن المعالم التاريخية والأثرية لمديرية ظفار ـ ذيبين في محافظة عمران "وادي ورور" يقع إلى الشمال الغربي من حصن ظفار ذيبين ، وتمتاز أراضيه بخصوبتهـا، وتعتمد الزراعة في أراضيه على مياه الآبار ، ومعظم منتجاته الزراعية من الأعناب ، وتأتي أهمية هذا الوادي من أهمية المعبد الذي كان يقع على إحدى تلاله ، وهو معبد ( نعمان ) ، الذي كان مكرساً للإله ( المقة ) كبير آلهة سبأ ، لقد أجريت عدة دراسات سابقة لمعرفة موقع هذا المعبد ولكنها لم تحدده بدقة إلى أن نشر الأستاذ الدكتور " إبراهيم الصلوي " مؤخراً نقشاً عُثر عليه في إحدى مزارع ذلك الوادي أثناء عملية شق الأرض لغرسها بأشجار العنب ، وقد كان النقش مدفوناً في باطن الأرض ، ويرجح الدكتور "إبراهيم" أن السيول قد جرفته من إحدى التلال القريبة. معبد (نعمان) كان قد ارتبط في نقوش أخرى بمعبد (هـ رن) الذي يقع في مدينة عمران ، وعليه فقد رجح الباحثين أن يكون بالقرب من مدينة عمران ، وبالفعل فإن معبد ( نعمان ) من خلال نقش الدكتور " الصلوي " أصبح معروفاً بأنه يقع في وادي ورور ، ويذكر ذلك النقش الذي دونه شخصان بأنهما تقربا إلى الإله ( المقة ) في معبده معبد ( نعمان ) بالمسند ـ أي بالنقش ـ ، وذلك بمناسبة توليهما وظيفة السدانة ـ الكهانة ـ في ذلك المعبد ، وقد توصل الدكتور " الصلوي " إلى أن الاسم ( نعمان ) مازال يطلق على موضع في منطقة مرهبة الآن ، وتقع شرقي حصن ظفار ـ ذيبين ووادي ورور ، و ( نعمان ) هو اسم لحصن ووادٍ يوازي وادي شوابة ، وتصب مياهه في وادي خبش الذي تصب مياهه في وادي هران ، ونحتمل أن تقع خرائب معبد ( نعمان ) على ذلك الحصن ، وبرغم أن منطقة ( نعمان ) التي ظهرت في نقوش عديدة بأنها تتبع اتحاد قبيلة سمعي وهي من الأملاك الخاصة لملك قبيلة سمعي إلا أنها في هذا النقش تتبع دولة سبأ وذلك لوجود معبد لإله ( المقة ) ، ويحتمل أن ( نعمان ) التي كانت تتبع قبيلة سمعي غير ( نعمان ) هـذه ، ومعبد ( نعمان ) هذا يعتبر من أهم ثلاثة معابد للإله (المقة ) في قاع البون ، وتاريخه بالتأكيد يعود إلى فترة الاستيطان السبئي في الهضبة فيما بعد (القرن الأول الميلادي).
هجر العلم ومعاقله في اليمن
1- ذي بين: بلدةٌ عامرة في عزلة بني جُبَر من خارف أحد بطون حاشد الكبرى، وتقع في الشرق الشمالي من ريدة البون على بعد نحو عشرين كم. ترجم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع لـ(20)علماً من أعلامها.. منهم: الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عبدالله بن حنش: وهو عالمٌ محققٌ في علوم الحديث والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والأصول، له خطٌ جيد، وأسلوبٌ قوي في الكتابة، وكان مجتهداً يعمل بما تقتضيه الأدلة، ولا يبالي بما عدا ذلك. وهو تلميذ المرحوم الإمام محمد بن إسماعيل الأمير، وكان لديه من الكتب النفيسة – كما يقول الشوكاني – ما لا توجد عند غيره في عصره. كان كريماً جواداً ينفق انفاق من لا يخشى الفقر، فارساً، تولى للإمام المنصور علي بن المهدي عباس أعمالاً كثيرة، وجعله أحد وزرائه، كما جعل بنظره بعض نواحي اليمن. مولده في شهارة سنة 1153هـ، ووفاته بصنعاء يوم السبت 15شعبان 1225هـ.
2- ظفار: تعتبر ظفار من أهم مراكز العلم وهجره في شمال اليمن سكنها علماء مشهورون، وذلك لاهتمام الإمام عبدالله بن حمزة بنشر علوم مذهبه، وكان هو نفسه من أكبر العلماء، وكان يبعث إلى العراق من يقتني له الكتب النادرة شراء أو استنساخاً.  ترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع لـ(46)علماً من أعلامها... منهم: الإمام عبدالله بن حمزة: هو الإمام المنصور عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن أبي هاشم، من أكبر أئمة اليمن، علماً وشهرة.. أعلن دعوته الأولى من الجوف محتسباً سنة 583هـ، ثم أعلن دعوته بالإمامة من هجرة (دار معين) من أعمال صعدة في ذي القعدة سنة 593هـ، وبايعه من تابعه. وصفه يحيى بن الحسين في (إنباء الزمن) بقوله: "كان في العقيدة على مذهب أبي هاشم السائد لدى الزيدية المخترعة". ثم روى نقلاً عن الهادي بن إبراهيم بأنه أول من سنّ الضرائب والقبالات من الأئمة. ومنهم ايضاً؛ محمد بن يحيى بن أحمد بن حنش: عالمٌ محقق في فروع الفقه وأصوله، وكذلك في أصول الدين، له مشاركةٌ قوية في علوم العربية. مولده بعد سنة 650هـ، ووفاته في ظَفار يوم الثلاثاء 5ذي القعدة سنة 719هـ. من آثاره: (التمهيد والتفسير لفوائد التحرير في الفقه، تعليق على الُّمع للأمير الحسين، الغياضة الجامعة لمعاني الخلاصة لأحمد بن محد الرصَّاص في أصول الدين). ومنهم أيضاً؛ أحمد بن حنش بن عبدالله بن سلامة السرياني الشهابي: عالم في الفقه، ذكره ابن أبي الرجال بقوله: هو أو من تأهل بالعلم من هذا البيت، وقد انتقل من قرية الخَسَمة من مخلاف بني شهاب أسفل، وفيها وادٍ يُدعى: وادي حَنَش، إلى ظفار فسكنه، وكان من أعوان الإمام عبدالله بن حمزة، كما كان من المؤازرين الخارجين على الإمام أحمد بن الحسين، وذكر الجندي في (السلوك) أنه أفتى بقتله، وقال ببطلان إمامته من أثني عشر وجهاً. توفي في سنة 660هـ. ومنهم أيضاً؛ فاطمة بنت الحسن ابن الإمام صلاح الدين: تولت كل ما كان بيد زوجها الإمام المهدي صلاح بن علي بن محمد بن القاسم من البلاد قبل أن يعتقله الإمام الناصر بن محمد الناصر؛ فامتد نفوذها إلى صنعاء وأعمالها، وانتقلت إلى ظفار فحكمته، واستولت على صنعاء ونجران، ولكن الإمام الناصر استطاع أن يتغلب عليها. فاستولى على صعدة سنة 860هـ، وتمكن من أسرها ونقلها إلى صنعاء. وفيها توفيت.
ومن المراجع التي رجعنا إليها عند إعداد هذا المقال: (نتائج المسح السياحي في الفترة 1996-1999م)، (موسوعة اليمن السكانية/ تأليف الدكتور محمد علي عثمان المخلافي/ الطبعة الأولى2006م)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني)، (اليمن الكبرى/ للأستاذ حسين بن علي الويسي)، (حوارُ عن المطرفية الفِكر والمأساة/للأستاذ العلامة زيد بن علي الوزير/ من مطبوعات مركز التراث والبحوث اليمني/الطبعة الأولى 1423هـ 2002م)، (البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع/ للقاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني/ جمعه محمد محمد يحيى زباره/وضع حواشيه خليل المنصور)، (معالم الآثار اليمنية/ إعداد المرحوم القاضي حسين أحمد السياغي/ من إصدارات مركز الدراسات والبحوث اليمنية – صنعاء)، (السلوك في طبقات العلماء والملوك/لأبي عبدالله بهاء الدين محمد الجندي/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع)، (هجر العلم ومعاقله في اليمن/ للقاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للعلامة المرحوم محمد الحجري)، (ومن المراجع الالكترونية موقع المركز الوطني للمعلومات (www.yemen-nic.info).





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق